منبر كل الاحرار

كيف كشفت “درع الوطن” وجود توافق وتفاهم سعودي إماراتي بشأن إزاحة الانتقالي

الجنوب اليوم | تقرير

 

تتعدد الآراء والتحليلات والتفسيرات لمجريات الأحداث الأخيرة في المناطق الجنوبية الخاضعة لسيطرة التحالف السعودي الإماراتي بين من يرى أن هذه التطورات تترجم بشكل كبير الصراع بين الرياض وأبوظبي وبين من يرى أنها دليل على أن الطرفان متفقان على كل ما يحدث بما في ذلك الصراعات والنزاعات المسلحة بين الفصائل التابعة لهما محلياً.

توافق وتقاسم للأدوار من تحت الطاولة

في هذا الصدد قال الناشط السياسي الجنوبي ورئيس منتدى السلام ووقف الحرب، عادل الحسني، إن الصراع الإماراتي السعودي جنوب اليمن ليس صراعاً حقيقياً وإنما هو صراع وهمي لتشتيت الأدوات المحلية التابعة لكل طرف وضبط إيقاع صراع داخلي يشغل هذه الأدوات أطول فترة ممكنة.

وقال القيادي السابق في المقاومة الجنوبية التي قاتلت سابقاً إلى جانب التحالف ضد قوات أنصار الله “الحوثيين” في المناطق الجنوبية في 2015 أن كلاً من الرياض وأبوظبي ليستا مختلفتان في اليمن بقدر ما هما متفقتان على الخطوط العريضة.

وفي الوقت الذي يفسر فيه البعض رفض السعودية لاستمرار وجود قوة عسكرية يملكها المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات والعمل على ضرب هذه القوة من خلال تشكيل قوة بديلة تحت مسمى “درع الوطن”، يرى الحسني في تصريح رصده الجنوب اليوم في مواقع إخبارية عربية ودولية أن لا علاقة لتطورات الوضع والصراع في الجنوب حالياً بموضوع صراع النفوذ الإماراتي السعودي.

الحسني يرى أن إقدام السعودية على الإطاحة بالانتقالي عسكرياً واستبدال قواته بقوات جديدة ولاؤها للرياض هو بسبب إخفاق وفشل الانتقالي في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرته طوال الأعوام الماضية.

ضغط إماراتي على الانتقالي للقبول بالواقع الجديد

ومن المحتمل أن يكون تحليل الحسني صحيحاً، خاصة إذا ما اعتبرنا أن زيارة السفير الإماراتي لدى اليمن إلى عدن اليوم الأربعاء ولقائه بمحافظها القيادي بالانتقالي أحمد حامد لملس في الوقت الذي تتواجد فيه قيادة الانتقالي على رأسها عيدروس الزبيدي رئيس المجلس في الأراضي الإماراتية في إقامة شبه إجبارية فرضتها عليه السعودية وقبلت بذلك الإمارات التي يفترض أنها الداعم الأول له وليس المتآمرة مع الرياض عليه وعلى بقية قيادة الانتقالي، هذه الزيارة تكشف أن الإمارات بعثت سفيرها للقاء قيادات الانتقالي الموجودة على الأرض وإقناعها بالسماح لقوات درع الوطن بالسيطرة والتواجد داخل عدن أو أي مناطق أخرى خاضعة لسيطرة الانتقالي.

وكان بالإمكان أن تكتفي الإمارات بتوجيه قيادات الانتقالي بالقبول بهذه القوات وعدم اعتراضها من دون إرسال سفيرها إلى عدن، غير أن إرسال السفير يعني أن هناك داخل الانتقالي من بدأ يتنمر ضد الإمارات ويرفض توجيهاتها فكان الأفضل لأبوظبي المتفقة مع الرياض على مناطق نشر “درع الوطن” وتحجيم الانتقالي عسكرياً إرسال شخصية إماراتية مناسبة إلى هذه القيادات وإقناعها عن قرب وطمأنتها بأن الإمارات ستظل داعمة ومساندة للانتقالي ولن تتخلى عنه، ولا شك أن هذه الحركة من أبوظبي ستجدي نفعاً مع القيادات التي تصدق كل شيء يصدر عن أبوظبي.

رأي آخر.. صراع نفوذ وسيطرة

في المقابل هناك من يرى من قيادات السلطة التابعة للتحالف سواءً السابقين أو الحاليين، أن هناك صراعاً سعودياً إماراتياً إما لتقاسم النفوذ أو لتوزيع الغنائم من الثروة اليمنية المنهوبة، فهذا الوزير السابق بحكومة هادي سابقاً، صالح الجبواني، يرى أن “درع الوطن” هدف تشكيلها لتقاسم النفوذ بين الرياض وأبوظبي، وأن السعودية استطاعت فرض خطة محكمة لإعادة التوازن العسكري في الجنوب بما لا يسمح للإمارات توسيع نفوذها ونفوذ القوة التابعة لها محلياً.

ويرى آخرون أن منع السعودية للانتقالي الذي يعد أداة الإمارات في اليمن من التقدم نحو المناطق الشرقية الغنية بالنفط هو أبرز الأدلة على وجود الصراع الإماراتي السعودي، إضافة لتشكيل السعودية قوات درع الوطن والدفع بها للسيطرة على مناطق خاضعة مسبقاً للانتقالي هو دليل آخر.

توافقات خفية أكثر من الاختلافات الوهمية لكن في نهاية الأمر تصب أكثر الاحتمالات في خانة التوافق السعودي الإماراتي أكثر منها في خانة الاختلاف والصراع، ولعل أبرز الأدلة على ذلك هو فرض السعودية على عيدروس الزبيدي رئيس الانتقالي الإقامة الجبرية في الإمارات ومنعه من العودة إلى عدن ولو كانت الإمارات مختلفة ومتصارعة مع السعودية في الجنوب حالياً لكانت رفضت القبول بهذا الإجراء ولسمحت للزبيدي بالعودة إلى عدن، إضافة إلى أن الإمارات وكما كان بوسعها تمكين الانتقالي من السيطرة على عدن في 2018 و2019 واستخدام الطيران الحربي لقصف القوات الإصلاحية المدعومة سعودياً في نقطة العلم مدخل عدن الشرقي ومنعها من الدخول إلى معقل الانتقالي، فإن بوسعها اليوم أيضاً دعم الانتقالي عسكرياً وتسليحياً ومنحه غطاءً جوياً للحفاظ على بقائه وتواجده في المناطق التي تنتزعها منه اليوم “درع الوطن” لكن صمت الإمارات وتغاضيها عن الأمر لا تفسير له إلا أن الإمارات على وفاق مع السعودية لتحجيم الانتقالي عسكرياً إن لم إزاحته نهائياً عن المشهد.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com