المجلس الإنتقالي مُجمّد: موت سريري؟
الجنوب اليوم | متابعات
يمر «المجلس الإنتقالي الجنوبي»، الذي تم تشكيله برئاسة عيدروس الزبيدي في 11 مايو الماضي، بمرحلة جمود، بعدما عجز عن تحقيق أهدافه التي أعلنها يوم تأسيسه، والتي تمثلت في إدارة الجنوب وتمثيله خارجياً، والشروع في استكمال دوائر وهيئات المجلس التنظيمية وفروعه في المحافظات. وعلى الرغم من قبول الشارع الجنوبي فكرة «المجلس الإنتقالي»، وخروج حشود في ساحة المعلا في عدن لتأييده، إلا أن قيادة المجلس لم تقدم على أي فعل سياسي يلبي طموح تلك الجماهير، وظلت قيادات «الإنتقالي» تتنقل ما بين عدن وبعض عواصم الخليج دونما نتيجة تذكر.
في المقابل، فإن حكومة «الشرعية»، التي وصفت المجلس يوم تأسيسه بـ«العمل الإنقلابي»، تنشط في الداخل والخارج. وقد استقر رئيسها، أحمد عبيد بن دغر، في مدينة عدن، وقام بالعديد من الزيارات للمحافظات الجنوبية، وافتتح عدداً من المشاريع التنموية في تلك المحافظات، إضافة الى زياراته المتكررة لمقر قوات «التحالف» في المدينة.
وقبل أيام، قال هادي إن «المجلس الإنتقالي في حكم المنتهي». تصريح يعزز تسريبات برزت خلال الأيام الماضية، متحدثة عن اتفاق ضمني بين أقطاب «الشرعية» و«التحالف» على تجميد عمل «المجلس الإنتقالي».
وفي الآونة الأخيرة، تتالت رسائل عدد من السياسيين الجنوبيين الذين كانوا في عداد مؤيدي المجلس، معبرة عن امتعاض هؤلاء من جمود «الإنتقالي» وتراجع أدواره. وبعث السياسي الجنوبي، صالح شائف، يوم الخميس، رسالة إلى اللواء عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس، أشار فيها أن «المجلس يراوح مكانه، وتراجع الزخم الثوري المؤيد للمجلس، مع التوقف عن استكمال هيئات المجلس، وتعثره، ولم يرتق لمستوى آمال الناس وطموحاتهم، في وقت يزداد نشاط الشرعية على كافة المستويات».
من جهته، يعترف الناشط السياسي، محمد باحاج، في مقال له، بـ«أنني كنت أحد أكثر الناس تحمساً لتشكيل المجلس الإنتقالي وإعلانه، ودافعت عنه أيما دفاع، لكنني بعد أشهر من ذلك أقف لأعلن وبنفس الحماس السابق أن الكثير من القيادات التي أيدناها بتشكيل المجلس الإنتقالي الجنوبي خذلتنا». ويضيف: «أستطيع القول بأن المجلس صار مثله مثل أي مجلس ومكون حراكي، بل بات ورقة تحركها أطراف دولية في وجه كل من يختلف معها».
وفي رده على تلك الإنتقادات يصف قيادي في هيئة رئاسة «المجلس الإنتقالي» الدعوات الموجهة إلى المجلس لاتخاذ خطوات عملية، وفرض أمر واقع جديد في المحافظات الجنوبية، بأنها مطالبات «مدفوعة» من قبل جهات تسعى إلى «تفجير الوضع» في عدن، وبالتالي «إرباك» جهود «التحالف العربي». ويرى القيادي، الذي رفض الكشف عن اسمه، في تصريح لـ«العربي»، أن «طريقة فرض السيطرة التي يطالبون المجلس بالإقدام عليها دون رؤية شاملة لمآلاتها، وعبر خطوات مرتجلة وغير مدروسة ولا محسوبة العواقب، ستؤدي أيضاً إلى تفتيت النسيج المجتمعي الجنوبي، وتعكير صفو العلاقة الوطيدة التي باتت تربط بين المجلس ودول التحالف العربي، وهذا هدف رئيس بالنسبة لهم، ولهم أيضاً مآرب أخرى».
ويشير إلى أن «المجلس بات اليوم يمتلك القدرات العسكرية والقيادة الموحدة والدعم الشعبي الذي يمكّنه من إحكام سيطرته على الأرض في عموم محافظات الجنوب وفي خلال أيام»، مستدركاً بأن «المجلس يضع أمامه اعتبارات كثيرة سياسية واقتصادية، وإقدامه على مثل هذه الخطوات دون مراعاة العديد من العوامل الموضوعية ستكون له عواقب وخيمة، وحين تحين تلك اللحظة لن تكون على طريقة المغامرة التي يسعى العدو لدفعنا بغباء إلى خوض تجربتها».
ويضيف أن «كل الظروف والمعطيات على الأرض تقول بأن وضعنا اليوم أفضل بكثير مما كنا عليه سابقاً، ونحن نعي جيداً بأن أعداء شعبنا أتعبهم ذلك كثيراً، وعلى هذا الأساس هم يريدون جرنا إلى مربع الصدام، كونهم يمرون بأزمات كبيرة، وقد حاولوا مراراً تفجير الوضع في عدن للهروب من تلك الأزمات التي وضعوا أنفسهم فيها، وهيهات أن نحقق لهم ذلك وننجر إلى مواجهة هي بالنسبة لهم طوق النجاة والسبيل الوحيد لخروجهم من وضع عنق الزجاجة الذي باتوا اليوم محشورين فيه».
ويوكد القيادي المذكور أن «المجلس يسير حثيثاً في ترتيب أوضاعه، واستكمال دوائره في المحافظات، والعمل على الأرض بدعم كامل من قبل التحالف العربي»، لافتاً إلى أن «فقه الزمان والمكان بأبجديات السياسة يعلمنا أن اختيار التوقيت المناسب والعمل بصمت شرطان أساسيان لأي عمل ناجح».
لكن الناشط السياسي، عبد الله العولقي، يرى، في حديث إلى «العربي»، أن المجلس «مناطقي، ولا يملك الإرادة السياسية والثورية، ولا يحظى بتأييد أغلبية الجنوبيين، تحركه دولة الإمارات من أجل مصالحها، ولا يمكن أن يحقق نجاحاً في أي مجال، ومن الطبيعي أن يتجمد».
بدوره، يعتبر الناشط السياسي، أكرم البجيري، في تصريح لـ«العربي»، أن المجلس «زوبعة إعلامية لا أكثر، لأنه أصلاً لم ينبثق من إرادة شعبية حقيقة تمثل فيها كل ألوان الطيف في الساحة الجنوبية، ولأن بداية المجلس كانت ردة فعل على إقالة الزبيدي وبن بريك، ونحن نعلم أنهما تابعان لإحدى دول الإقليم». ويتابع أكرم: «لذلك نجد أن المجلس يقوم بنشاط عندما يشتد الخلاف بين هادي وبين تلك الدولة من أجل تحقيق بعض المصالح فقط».
المصدر العربي