بعد ٢٩ عام .. نظام ٧/٧ يحكم الجنوب بإيعاز سعودي إماراتي
الجنوب اليوم | خاص
مضى ٢٩ عاماً على تاريخ سقوط مدينة عدن تحت قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح وشركائه في حرب صيف 1994م ، وتحديداً حزب الإصلاح بقيادة الجنرال علي محسن الأحمر ،هذه الذكرى التي كانت أحد أسواء الحروب الأهلية وأشدها ضرراً على وحدة السلم الاجتماعي، دفعت الأطراف المنتصرة فيها إلى ممارسة الإقصاء والتهميش والتعامل بمنطق الفوز والهزيمة دون الأخذ في الاعتبارات التي يجب أن يؤخذ بها ، فتعرض بعدها معظم أبناء المحافظات الجنوبية للتنكيل والإقصاء من أعمالهم المختلفة .
وفرض نظام 7/7 ، حكم إستبدادي ظالم على الجنوبيين ، بعد أن تقاسم علي عبدالله صالح وعلى محسن الأحمر وشركائهما في تلك الحرب الظالمة كحزب الإصلاح والرئيس السابق عبدربه منصور هادي ، ثروات ومقدرات الجنوب كغنيمة حرب ، وعلاوة على ذلك أقروا التخلص من الحزب الاشتراكي اليمني الشريك الأساسي في تحقيق الوحدة اليمنية .
تلك المظالم تراكمت خلال ١٩٩٤ – ٢٠٠٦ , وأدت إلى خروج العسكريين الجنوبين عن حاجز الصمت للمطالبة بالحقوق والعودة إلى وظائفهم ، وتمثل ذلك بانطلاق أولى مظاهرات رافضة الواقع الذي فرض على أبناء المحافظات الجنوبية من قبل شركاء الحرب ، إلا أن حراك العسكريين من أبناء المحافظات الجنوبية الذين أُبعدو من وظائفهم بصورة قسرية عام2006م ، اتخذ المسار السلمي الحضاري وكان حراك حقوقي صرف واستمر حتى العام ٢٠١٥ ، قبل أن يتم حرف مساره السلمي واستغلال مظلومية أبناء المحافظات الجنوبية من قبل دول التحالف الإمارات والسعودية اللاتي ، دفعت بالحراك من المسار السلمي إلى العسكري دون أهداف ودون رؤية مستغلة عاطفة أبناء الجنوب تجاه القضية الجنوبية .
اليوم وبعد ٢٩ عاماً من حرب صيف 1994 المؤسفة ، تعيش المحافظات الجنوبية وضعاً أشد تعقيداً من أي وقت مضى ، فمطالب التحرير والإستقلال لم تعد موجهة تجاه نظام 7/7 ، الذي عاد الجنوب بضوء أخضر سعودي وإماراتي ودعم أمريكي ، وأضحى وزير داخلية علي صالح عام ٢٠٠٦ ، رشاد العليمي الذي امتهن قمع القيادات الجنوبية المطالبة بحقوق أبناء الجنوب رئيساً في تلك المحافظات ، وصار طارق عفاش نجل شقيق صالح عضواً في مجلس الرئاسة ، وتم تسليم المحافظات النفطية الجنوبية لحزب المؤتمر فرع صالح ، بعد أن تم إبعاد المحافظين السابقين الموالين للمجلس الانتقالي الجنوبي أو التابعين لحزب الإصلاح أو المستقلين ، فالمخطط الأجنبي أن يتم إعادة نظام ٧/٧ ، في المحافظات الجنوبية كونه الأجدر بتنفيذ مطامع وأجندات دول الاحتلال الأجنبي .
فالواقع في الجنوب اليوم ، يشير إلى أن الموامرة أكبر من مطالب الجنوبين السياسية والحقوقية التي رفعت على مدى أكثر من ١٦ عام من قبل الحراك السلمي ، بل أكبر من خلافات وصراعات اليمنيين برمتهم ، فثمة اتفاق غير معلن بين جنرالات حرب صيف 1994م، والسعودية والإمارات على تفتيت اليمن وتجزئته، وفق مخطط تدميري يؤسس لموجة صراع طويلة المدى ، ويسعى إلى ضرب وحدة الصف الاجتماعي في المحافظات الجنوبية والشمالية ، وإضعاف أي أصوات حرة ترفض الإحتلال والتدمير وسياسة التجزئة. وكما كان الشعب الجنوبي ضحية لخيانة عفاش وانقلابه على شركاء الوحدة اليمنية ، هاهو الجنوب اليوم يتعرض لخيانه جديدة ذات ابعاد إقليمية ودولية ، فبعد أن تعرضت القضية الجنوبية للخيانة من قبل قيادات جنوبية استغلت اندفاع أبناء الجنوب وتمسكهم بقضيتهم العادلة ، تحولت معظم القيادات الجنوبية وعلى رأسها رئيس المجلس الانتقالي اللواء ، عيدروس الزبيدي ، إلى شركاء في حكومة ٧/٧ ، التي لا شرعية لها على الارض، ولاثقل عسكري أو سياسي ولا رافعة إجتماعية لها في الشمال أو الجنوب ، وعلى مدى السنوات الماضية تعامل رئيس المخلص الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات ، عيدروس الزبيدي ، ومن معه من قيادات جنوبية تعاملو مع القضية الجنوبية وكأنها ورقة ضغط الهدف منها تحقيق مكاسب شخصية وهو ما حدث ، ولذلك تنازل وفد المجلس الانتقالي في اتفاق الرياض الموقع في الخامس من نوفمبر ٢٠١٩ ، برعاية سعودية إماراتية عن القضية الجنوبية وقبل بتجميدها لسنوات طويلة قادمة .
بيعة الرياض الأولى لم تكن أولى خيانات الإنتقالي للقضية الجنوبية فقبول المجلس ، تلاها قبول رئيس الانتقالي بأن يتولى منصب رئاسي يمثل نظام ٧/٧ ، في مجلس لا قرار له ، وقبل ذلك قبول طارق عفاش وتمكينه من الحصول على موطئ قدم له في منطقة بئر احمد بمدينة عدن بعدما فقد كل شي في صنعاء وخرج منها خائفاً يترقب بعدما انتهت حركة إنقلاب ديسمبر 2017م في صنعاء بمقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح على يد حركة أنصار الله” الحوثيين ” بعد مواجهات دامت عدة أيام ، كانت من الخيانات الكبيرة للانتقالي .
اليوم يعيش الانتقالي حالة صراع مع السعودية ممثلاً للإمارات ومصالحها وأجنداتها ومخططاتها في المحافظات الجنوبية وليس ممثلاً ولا حاملاً للقضية الجنوبية ، يحاول الحفاظ على نفوذه في حضرموت أو شبوة ، فيجد أن نظام ٧/٧ ، يحيك المؤامرات عليه بالتعاون مع السعودية في عدن ويحاول سحب البساط عليه في مدينة عدن ، ويعمل على تقليص نفوذه في شبوة ويرفض وجود أي نفوذ عسكري أو قبلي أو شعبي للمجلس الانتقالي في حضرموت .
وفي المقابل يعمل طارق عفاش على استقطاع أجزاء من لحج لصالح مشروعه في باب المندب ، ويعمل على ضرب المجلس الانتقالي الجنوبي من الداخل من خلال استقطاب قيادات عسكرية ومدنية تابعة للمجلس التابع للإمارات إلى مليشياتة ، وفي ذات الاتجاه يعمل شقيقة طارق عفاش على إدارة الملف الأمني في عدن وشبوة ومحافظات أخرى بضوء أخضر إماراتي.
وإن كان الواقع اليوم قد تجاوز تداعيات حرب صيف ٩٤ ،كون المحافظات أصبحت تحت الاحتلال السعودي الإماراتي الأمريكي البريطاني الفرنسي ، الا أن نظام ٧/٧ ، لايزال السند الأهم للاحتلال الأجنبي الذي يثق ببقايا نظام عفاش في تحقيق أجنداتهم في الجنوب .