الشعب معتقل والحاكم تحت الإقامة الجبرية
الجنوب اليوم | مقالات
كتب/ أحمد عيدروس
البداية اليوم الأول للثورة٠
الحرائق تلتهم حقول القمح ومستودعات المؤنة وكان القائد يتكلم بصوت جهوري أيها الشعب لا يفصلكم عن الحرية إلا أدخنة الحرائق فحين تخمد سيكون الوطن ملك للجميع٠
لقد كنت بين الحشود لكنني لم أصفق فقد أحسست أن الخراب الذي يقضم جسد الوطن سندفع ثمنه نحن ٠
اليوم الثاني للثورة ٠
عادت الجماهير منتشية بالنصر فقد هدمت طاحون القمح الوحيد لديها وأحرقت المحاصيل في الحقل وردمت البئر التي تشرب منها وانتظرت الدعم الذي سيقدم من الخارج٠
وقف الشعب يشاهد الحبال وهي تلتف حول عنقه وتُشد العقدة المميتة حول رقبته وهو يشاهد كأن لا شيء يعنيه بل كان البعض منهم يتأكد هل العقدة محكمة الربط حول عنقه وكأنه لا يريد للموت أن يخطئه٠
حتى كبار القادة والساسة كانوا سذجاً للغاية ففسادهم كان عشوائي وجرائمهم كانت بدائية بحيث أن أي محامي مبتدأ بأمكانه ملاحقتهم قانونياً فى أي بلد يقيمون فيه وجرهم إلى المحاكمة.
أما المواطن فحين قدم لأطفاله رغيف الخبز الأخير لديه كان يبتسم فقد عاد للتو من تلك المظاهرة الشعبية التي هدموا فيها طاحون القمح الوحيد في المدينة ٠
كان الجميع يرواده شعور الخوف لكن لم يتجرئ أحد على الكلام فالثورة لا تقبل النقد فإما أن تكون معها أو ستنعت بأنك خائن حتى قادة الثورة لا يستطيعون التوقف في منتصف الطريق فعليهم أكماله حتى النهاية فالأخلاص للثورة كان واجب مقدس ٠
اليوم الثالث للثورة ٠
أصدر القائد مذكرة أعتقال للشعب وشرح لهم أن هذا الإجراء هو فترة إنتقالية وأن السجون أكثر أمناً وأكثر راحة فتسابق أفراد الشعب إلى الزانزين بأرادتهم وأخذوا يملأونها هم وأطفالهم ونسائهم ففي البداية كان السجان يقدم الطعام والشراب مجاناً فنسي الشعب شعارات الحرية التي قامت لأجلها الثورة ٠
اليوم الرابع للثورة ٠
خرج القائد شاحب الوجه يبدو عليه الأرهاق وقال بصوت خافت لن نسمعه لولا مكبرات الصوت قال والعبرة تخنقه أن على الشعب أن يطعم نفسه في السجون وداخل الزنزانين فلم يعد بمقدور الحاكم أطعام أحد حتى وإن كان معتقل٠
اليوم الخامس للثورة ٠
بعد أن بات الشعب ليلته دون ماء أو طعام أستفاق في الصباح الجميع على هول المأساة فقد كان كل الشعب يتضور جوعاً ولم يستطع الخروج من السجون ٠
أما الحاكم فقد أنتشرت إشاعة تقول أنه تحت الإقامة الجبرية في دولة شقيقة ٠
اليوم السادس للثورة٠
الشعب معتقل والحاكم تحت الإقامة الجبرية