محافظ مركزي عدن يلقي بمجموعة قنابل في الساحة الجنوبية
الجنوب اليوم | تقرير
اعتبر متخصصون وباحثون في الشأن الاقتصادي والمالي، أن تصريحات محافظ البنك المركزي في عدن أحمد المعبقي، كانت بمثابة القنابل التي ألقى بها الرجل في ساحة جنوب اليمن التي تشهد حراكاً شعبياً واسعاً واحتجاجاً على خلفية استمرار انهيار الخدمات أبرزها خدمة الكهرباء التي فشلت حكومة التحالف في تأمين الحد الأدنى من هذه الخدمة.
يرى مراقبون إن حكومة التحالف وحتى المجلس القيادي الرئاسي لن يتمكنوا من إيحاد أي حلول لأبناء المحافظات الجنوبية، والسبب في ذلك يعود إلى أن القرار السيادي ليس بأيديهم وإنما هم مجرد موظفين لدى كل من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس دولة الإمارات محمد بن زايد وأن كلاً من بن زايد وبن سلمان لديهما استراتيجية واضحة تجاه المناطق الخاضعة لسيطرتهما جنوب اليمن وهي إبقاء جنوب البلاد في حالة تفكك وفقر مدقع وصراع بين المواطن والحكومة المفروضة عليهم فرضاً من الخارج في مسألة الخدمات حتى لا تتاح للجنوبيين الفرصة في أن يتحدوا مع بعضهم البعض ويقوموا بإخراج التحالف من جنوب اليمن.
ما جاء به محافظ مركزي عدن كان إثباتاً لحقيقة عشرات التحليلات الصحفية التي سبق نشرها والتي تتحدث عن استراتيجية التحالف في جنوب اليمن وكيف أن كل الأحداث والوقائع تؤكد أن التحالف السعودي لم يأتِ لليمن من أجل مصلحة اليمنيين كما يدعي الإعلام السعودي ولكن لتحقيق مصالح السعودية والإمارات غير المشروعة في اليمن ككل وإن لم يتمكنوا من تحقيق تلك المصالح في كامل جغرافيا اليمن فعلى الأقل تحقيقها في المناطق الجنوبية والشرقية التي تحت سيطرتهم.
فيما يلي يعيد الجنوب اليوم أبرز ما ورد على لسان محافظ مركزي عدن من اعترافات كشفت أن الحرب الاقتصادية على اليمن سببها استخدام التحالف لورقة الملف الاقتصادي ورقة حرب والتي تمثلت في نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن ومن بعدها توالت ضربات الحرب الاقتصادية على اليمنيين شمالاً وجنوباً لكن لأن قرار صنعاء في يدها وقرارها موحد فقد استطاعت لجم التحالف بالحد الممكن عن استخدامه الملف الاقتصادي ورقة حرب خاصة ما يتعلق بالعملة والأوراق النقدية، في حين يقر محافظ مركزي عدن أنهم فشلوا فشلاً ذريعاً في إدارة الملف الاقتصادي والمالي والمصرفي بدليل ما يصفه من أن الوضع أصبح كارثي لدى مناطق حكومة التحالف.
يقول المعبقي: إن موارد عدن لا تستطيع إضاءة مدينة عدن لأربعة أيام فما بالك بالنفقات الأخرى.
ويؤكد أن رفع قيمة الدولار الجمركي إلى 750 ريال أقره المجلس الاقتصادي وليس البنك المركزي، وأن هذا القرار كان من وجهة نظره ضرورياً لتعويض إيرادات الدولة، ما يعني أنهم عمدوا إلى تعويض مرتبات مسؤولي حكومة التحالف من جيوب المواطنين، حيث قال إن القرار “تم وضعه لأن الوضع الحالي يتمثل في أن إيرادات الدولة لا تغطي 40% من مرتباتها فما بالك إذا أضفت لذلك وقود الكهرباء”، والغريب أن إيرادات الدولة في مناطق سيطرة حكومة التحالف تعتبر إيرادات عالية بحكم أن هذه المناطق تمثل 70% من جغرافيا الجمهورية اليمنية وفيها منابع الثروة مثل النفط والغاز، كما أن نسبة السكان في مناطق سيطرة التحالف لا تتعدى الـ30% حيث يتركز معظم السكان في المناطق الشمالية الغربية لليمن وهي المناطق التي تحكمها سلطات صنعاء (الحوثيين)، ومع ذلك يقول المحافظ إن إيراداتهم لا تغطي 40% من مرتبات موظفي الدولة الذين يساوون 30% من اجمالي موظفي الجمهورية اليمنية بالكامل شمالاً وجنوباً.
أقر محافظ مركزي عدن أن المجتمع الدولي هو من يفرض على حكومة التحالف أن ترفع سعر صرف الدولار الجمركي، حيث بأن هذا الرفع هو التزام على الدولة للمانحين وشرط من شروط حصول حكومة التحالف على المنح والودائع. وبعبارة أخرى فإن محافظ مركزي عدن يريد القول أن سياسة الإفقار سياسة يتبعها البنك الدولي وتتبعها أي دولة تمنحك قرض أو مساعدة كي تبقيك بحاجتها وبحاجة أموالها ومساعداتها ومن ناحية أخرى تبقى كدولة خاضعاً لتطبيق سياساتها التي تجعلك بلداً مستهلكاً واقتصادك تحت رهن وتصرف الجهة التي تمولك وتدعمك.
وقال المعبقي “الحوثي جهة واحدة وإدارة واحدة وإرادة واحدة ونحن لا نملك هذه الميزة، نحن جهات متعددة حتى بالمدينة الواحدة وهذه الجهات هي التي تعيق تنفيذ القوانين كما يجب، ولهذا نحن نحتاج إعادة نظر في إدارتنا ليست المالية فقط ولكن في إدارتنا لكل شؤون الدولة بمختلف مجالاتها”.
كما أقر محافظ مركزي عدن أن “ترليون وثمانمائة مليار ريال يمني ودائع الناس التي استخدمت أو استثمرت في أذون الخزينة، من 2015 بداية الحرب عجزت الدولة بأن تدفع هذا الدين”.
وعن فارق سعر الصرف بين صنعاء وعدن قال المعبقي: “الفروق بين العملة سببها السيولة المفرطة التي استخدمت في الماضي لتمويل نفقات الحكومة بدون حدود وقيود، يعني كانت كل نفقات الحكومة تمول بطبع العملة، وطبع العملة بدون دراسة كان أيضًا مغامرة كبيرة، هذا أوجد سيولة مفرطة خارج النظام المصرفي وهي تستخدم في المضاربا”.
ويضيف في هذا الشأن أيضاً “نحن خلال المزاد سحبنا حوالي ترليون وستمئة مليار ريال يمني خلال فترة المزادات من السوق، ولكن للأسف نحن أعدناها السوق لتمويل نفقات الحكومة بسبب الإيرادات التي تقل عن النفقات، بسبب ضرب موانئ النفط وبسبب اتفاقية الهدنة التي حرمت الخزينة العامة من ترليون وخمسمئة مليار من جمارك وضرائب سفن النفط التي ذهبت إلى الحديدة خلال الفترة الماضية، ولكن الكارثة كانت إذا لم نسحب هذه الأموال وأضفنا عليها نفس المبلغ هذا من العملة المطبوعة المخزنة وغير المصدرة كان الآن سعر الصرف ربما قد تجاوز 2500 ريال”.
وفي حديث المعبقي جزء من اللف والدوران، خاصة حين قال إن انهيار العملة سببه إعادة ما طبعوه من أموال إلى السوق لتمويل نفقات الحكومة بسبب نقص الإيرادات التي كان سببها منع صنعاء استمرار حكومة التحالف بتصدير النفط، وهنا استوقف المختصون بالشأن الاقتصادي عند هذه الجزئية مؤكدين إن هذه الدعاية غير صحيحة والدليل أن سعر صرف الدولار بمناطق سيطرة التحالف قبل أن تقوم السعودية بالإطاحة بعبدربه منصور هادي والإتيان بمجلس رئاسي مناصفة بين السعودية والإمارات كاد الدولار الأمريكي أن يلامس الـ2000 ريال وحينها كانت مناطق حكومة صنعاء محاصرة وكانت كل إيرادات الضرائب والجمارك من البضائع والسلع المستهلكة في مناطق سيطرة حكومة صنعاء تصب في خزينة حكومة التحالف لأن ميناء الحديدة كان مغلقاً وكانت البضائع المستوردة تصل لموانئ الجنوب ومن ثم تنقل إلى مناطق الشمال، كما أن تصدير النفط كان لا يزال قائماً، أي أنه قبل أبريل 2022 كان الدولار في مناطق سيطرة التحالف يلامس الألفي ريال من عملة حكومة التحالف وكانت كل إيرادات هذه الحكومة مستمرة من ضرائب وجمارك لكل السلع والبضائع التي تصل لليمن وكانت الحكومة تقوم بتصدير النفط، ولم ينخفض سعر الصرف في مناطق حكومة التحالف إلا من بعد إزاحة هادي والإتيان بالمجلس الرئاسي حينها انخفض الصرف إلى 800 ريال ثم وفي غضون أسابيع قليلة جداً عاود الارتفاع إلى ما فوق 1200 ريال ثم استمر فترة في هذه الحدود خلال فترة المزادات ومن بعد سبتمبر 2022 عند قرار صنعاء منع حكومة التحالف تصدير النفط عاود سعر الصرف في الجنوب للارتفاع من جديد تدريجياً إلى أن وصل إلى ما هو عليه اليوم.
وعن مصافي عدن المتوقفة عن العمل، قال المعبقي “المجلس اقتصادي غير مفعل، ثانيًا: اعتقد أن مصفاة عدن تحتاج دراسة ونظرة اشمل من النظرة، أننا نشغلها فقط للاستيراد، كان هناك تفكير بعد ضرب الضبة أننا ننقل عبر الناقلات ونصفي في مصافي عدن لكن اتضح أنها غير جاهزة وتحتاج إلى استثمار ربما إلى مبلغ كبير لا يتوفر لدى الدولة الآن ويصل إلى نحو 35 مليون دولار”.
وفيما يتعلق بسيطرة التحالف على الملف الاقتصادي والمالي لليمن في مناطق حكومة التحالف وتعزيز مالية حكومة التحالف بمنح وودائع ومساعدات من التحالف، قال المعبقي في هذا الشأن “المنح والودائع مع شكرنا وتقديرنا لمساعدتهم لا تبني بلدًا ولا يمكنك ان تعتمد عليها، بشكل دايم مساعدات الأشقاء تخرجك من مأزق في الأوقات الحرجة وتساعدك في عمل شيء معين أو التغلب على مشكلة معينة، لكنها ليست الحل الدايم فلا بد من تنمية الموارد المستدامة حتى نكون في مأمن .. ثانيًا المنح الموجودة هي مخصصات لأشياء محددة، الوديعة لدعم البنك المركزي وبشروط وليست متاحة لك في كل الوقت لتستخدمها ما تم استخدامه منها إلى الآن حوالي 150 مليون دولار وأيضًا استخدمناها لعمليات المزاد، والمزاد يوفر بعض العملة للسوق ويمول واردات بعض السلع الغالبية منها سلع أساسية لكن المنحة مخصصة لنفقات حتمية أهمها المرتبات ونفقات التشغيل وتم الحصول على الجزء الأول منها وهي فعلًا تساعدك لتغطية جزء مما فقدته من مواردك سواء في الضرائب والجمارك نتيجة لاتفاقية الهدنه أو ما تم فقده من الصادرات النفطية نتيجة ضرب مواني النفط وتوقف التصدير ولكنها ليست الحل المستدام ولن تحل المشكلة كلها”.