129 عاماً من المقاومة
الجنوب اليوم | خاص
رغم تمكن بريطانيا من استعمار المحافظات البريطانية ١٢٩ سنه ، إلا أن المقاومة الشعبية الرافضة للاحتلال لم تتوقف طيلة فترة الاحتلال ، فمنذ احتلال بريطانيا مدينة عدن بعد قصف المدينة بالمديرية في ١٩ يناير 1839، لم تستطيع ان توسع نفوذها في أي محافظات أخرى وظلت نحو 70 عاماً تتواجد في مدينة عدن ، ويعود ذلك إلى رفض الشعب الوجود الاستعماري ، وحتى تسعينيات القرن الثامن عشر التوسع كان الاحتلال البريطاني في حدود موانئ عدن ،وبعد ذلك تمكنت الدولة الاستعمارية من خلال تحالفها مع المشيخات والسلطنات التي وقفت وراء تأسيسها أن توسع نطاق الاستعمار، وبموجب اتفاقيات مع تلك المكونات وألصنائع الاستعمارية تمكنت من احكام سيطرتها على اعلى كامل المناطق الجنوبية والشرقية ، وفي 1 أبريل 1937م ،فصل الاستعمار الانجليزي المحميات الشرقية ومستعمرة عدن بعد عن أدارته الاستعمارية في بومباي والحقها بوزارة المستعمرات البريطانية.
أحداث قبل الثورة
خلال مطلع الخمسينيات تصاعدت وتيرة معارضة الاستعمار البريطاني ، وشهدت مدينة عدن نحو 30 إضراباً عمالياً في مارس 1956، وفي يونيو من العام نفسه قام الثوار في بيحان محافظة شبوة بالهجوم على المركز الحكومي، وفي خريف عام 1956م أثارت الأحداث – التي شهدتها مصر، إثر العدوان الثلاثي على مصر من قبل إسرائيل وفرنسا وبريطانيا – غضب الشعب اليمني، فازدادت وتيرة العمل الوطني، ضد التواجد البريطاني في مستعمرة عدن والمحميات الشرقية (السلطنة الكثيرية والقعيطية والمهرية) والغربية، فعمل المستعمرون على زيادة التوغل في المناطق الريفية ، وقد شهدت المحميات الغربية في فبراير 1957 أكثر من 50 حادثة معظمها إطلاق نار على المراكز البريطانية وعلى المسؤولين المحليين في كلٍ من ردفان وحالمين والضالع .
وفي عام 1958 رفض سلطان لحج علي عبد الكريم الانضمام إلى اتحاد الإمارات للجنوب العربي، فأرسلت بريطانيا في أبريل من العام نفسة نحو 4000 جندي تدعمهم الأسلحة الثقيلة واحتلت السلطنة، تحت مبرر اكتشاف مخازن للأسلحة والذخائر، وفي اعقاب ذلك تصاعدت معارضة الاحتلال في محافظة لحج، وامتد ذلك إلى الضالع ، واندلعت معارك دامية بين السلطان يافع السفلى وقوات الاحتلال البريطاني من فبراير 1958 إلى أبريل 1961 ، استخدمت فيه قيادة الاحتلال البريطاني العسكرية كل وسائل التدمير، واتسع الصراع مع الاحتلال إلى حضرموت ، والعوالق في شبوة عام 1958 ، وخلال الفترة من 1956 – 1958 شهدت الانتفاضة (الثورة) في المحميات الغربية والشرقية نتيجة للمد الثوري العربي الذي خلفته الثورة العربية في مصرَ منذ قيامها في عام 1952 وتنامي الوعي الوطني بأهمية النضال ضد المستعمر.
الجبهة القومية لتحرير الجنوب
24 فبراير 1963 عقد في دار السعادة بصنعاء مؤتمر «القوى الوطنية اليمنية» بمشاركة أكثر من 1000 شخصية سياسية واجتماعية ومستقلة، إلى جانب عدد من الضباط الأحرار وقادة من فرع حركة القوميين العرب. وقد توصل المجتمعون خلال أعمال المؤتمر إلى اتفاق لتوحيد جميع القوى الوطنية اليمنية في إطار جبهة موحدة. وجرى في المؤتمر استحداث مكتب تكون مهمته وضع مشروع ميثاق مؤقت للتنظيم الجاري تشكيله، وذلك على هيئة نداء إلى جميع القوى التي تؤمن بوحدة الحركة الوطنية اليمنية في النضال لحماية النظام، وتحرير الجنوب اليمني من الاحتلال الأجنبي، حيث استقر الرأي على تسمية هذه الجبهة باسم «جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل» أخذت في أغسطس من نفس العام تسميتها النهائية «الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل» على أساس الاعتراف بالثورة المسلحة أسلوبا وحيدا وفعالا لطرد المستعمر. وقد تمخض عن هذا المؤتمر تشكيل لجنة تحضيرية من الشخصيات والقيادات المشاركة فيه كان على رأسها قحطان محمد الشعبي، وبعد اجتماعات عدة عقدتها اللجنة التحضيرية.
8 مارس 1963، اقرت الجبهة القومية لتحرير الجنوب نص الميثاق القومي الذي كان يتألف من مذكرة والميثاق نفسه، وبرز في صدر الميثاق شعار الجبهة «من أجل التحرر والوحدة والعدالة الاجتماعية». ونشرت في مايو 1963 الوثيقة الموضحة للخط السياسي لهذا التنظيم.
وفي 19 أغسطس 1963 تم إعلان تأسيس «الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل». وتم تشكيل قيادة الجبهة من 12 شخصاً، وقد تكونت الجبهة من خلال اندماج سبع تنظيمات سرية أعلنت إيمانها بالكفاح المسلح، وهي “حركة القوميين العرب، الجبهة الناصرية في الجنوب المحتل، المنظمة الثورية لجنوب اليمن المحتل، الجبهة الوطنية، التشكيل السري للضباط والجنود والأحرار، وجبهة الإصلاح اليافعية (تشكيل القبائل)، ثم التحقت ثلاث تنظيمات أخرى بالجبهة القومية، وهي: منظمة الطلائع الثورية بعدن، منظمة شباب المهرة، والمنظمة الثورية لشباب جنوب اليمن المحتل “.
اليوم المسئولية التاريخية على احفاد ثوار 14 أكتوبر الذين انتزعوا الجنوب من مخالب الاحتلال البريطاني وتغلبوا على الفارق الكبير في القوة والعتاد وسطروا ملاحم بطولية غير مسبوقة في تاريخ النضال الوطني، عليهم الحفاظ على مكتسبات أكتوبر ونوفمبر وحماية مكاسب الثورتين وافشال كافة المشاريع الاستعمارية الجديدة .