انفضاح الدور الإماراتي في اليمن
الجنوب اليوم | متابعات
قبل يومين نشرت وسائل إعلام تقارير موسعة عن الاشتباكات المسلحة بين جنود إماراتيين ونظرائهم السودانيين في منطقة المخا بالساحل الغربي لليمن، وسواء صحت تلك التقارير أم لا، فإنها تعكس حقيقة ما يجري على الأرض من شقاق واختلاف واضح بين دول التحالف العربي في اليمين بقيادة المملكة العربية السعودية.
وحسب موقع نون بوست فإن الخلافات بين القوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في مدن جنوب اليمن لا تكاد تهدأ إلا وتبدأ من جديد، لكن هذه المرة بين قوات شريكة لها، لكن الخلاف الإماراتي المتواصل مع قوات شريكة له يكشف بعدًا آخر تنظر إليه الإمارات العربية المتحدة في هذه الحرب التي يدفع ثمنها المواطن اليمني البسيط.
وسبق للقوات الإماراتية في عدن ممارسة نفس المهمة ضد القوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وصل الأمر إلى قصف الحرس الرئاسي ومنع هادي من دخول عدن، وهي مواقف غريبة ولها تفسير واحد وهو أن الإمارات العربية المتحدة تقاتل من أجل الاحتلال، وليس من أجل إعادة هادي إلى القصر الجمهوري في العاصمة اليمنية صنعاء كما يقول التحالف إنه تدخل من أجل ذلك.
وفي فبراير الماضي، منعت الإمارات العربية المتحدة طائرة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من الهبوط في مطار عدن الدولي، ورفضت تنفيذ قرارات رئاسية له بتغيير مدير مطار عدن الدولي ومناصب حكومية في عدن، وهو ما يثير تساؤلات عن دور الإمارات في التحالف العربي الذي تقوده السعودية في حربها على اليمن، وأهدافها التي تسعى لتحقيقها من هذه الحرب، لا سيما أنها تتمدد فقط في السواحل اليمنية دون التغلغل أكثر.
ترسيخ القوة الهشة
وبعد أن سيطرت على عدن تعاونت مع قوات انفصالية بعضها مدعومة من إيران وأخرى مكونة من قوات محلية تم تدريبها في الإمارات للسيطرة على الوضع الأمني، وبدأت تحارب التجمع اليمني للإصلاح على اعتبار أنهم من أدوات الرئيس اليمني السابق، فضلًا عن إشرافها على ترحيل أبناء الشمال من عدن إلى مناطقهم، على اعتبار أنهم من تنظيم القاعدة أو أدوات لها كما أطلق عملاؤها في عدن على ذلك.
وتمكنت الإمارات فعليًا من ترسيخ قوتها وسيطرتها على عدن، واستمالت الجماعات الجهادية من السلفيين لعداء الإخوان المسلمين، وأحدثت توازنًا بين القوى المحلية وغذت إلى أفكارهم أهمية انفصال عدن عن اليمن، وفي نفس الوقت عملت على تمديد قواتها صوب حضرموت وسقطرى في البحر العربي والمخا، واحتلال جزيرة ميون في البحر الأحمر، ساعية منها لبناء قواعد عسكرية هناك. ومنذ الأزمة الخليجية التي بدأت في يونيو 2017، اتخذ السودان موقفًا وسطيًا من هذه الأزمة، ودعا إلى إصلاح ذات البين في البيت الداخلي، وحاول أكثر من مرة التوسط لإنهاء الخلافات، إلا أنها قوبلت برفض من القيادات في المملكة العربية السعودية.
انتهاك السيادة
ويبدو أن الخلاف الخليجي يرتكز أساسًا على مبدأ السيادة، فقد استطاعت السعودية تركيع الكثير من الدول العربية، وشراء ذمم دول عالمية وصناعة قرارات لها من أجل خدمة أهدافها، لا سيما فيما يخص الحرب في اليمن، وكانت تريد أيضًا إخضاع السيادة القطرية تحت الوصاية الدولية، لكونها رأت أن أمجادها وقوتها حاليًا لن تتكرر مرة أخرى، على عكس الإمارات العربية المتحدة التي ترى أن الإخوان المسلمين أعداؤها التاريخيين.
وترى الإمارات العربية المتحدة أن تدخل السودان في الحرب على اليمن، تدخلًا نشازًا ولا يجب أن تشارك قوات سودانية في عاصفة الحزم كمقاتلين، وإنما لمهمات أخرى، نتيجة النظرة الدونية من الإمارات العربية المتحدة إلى غالبية العرب. ولأن السودان وقف على خط المنتصف في الأزمة الخليجية، لجأت قيادات وجنود إماراتية إلى تشويه دور السودان في اليمن، مرة باعتبارهم خونة وأخرى بالتهاون في القتال، الهدف من ذلك تضييق الخناق عليهم من أجل إعلان السودان الانسحاب من التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، لتنفرد هي والسعودية في هذه الحرب، لتستطيع تحقيق أهدافها فقط دون تحقيق أهداف التحالف العربي.
أهداف مريبة
وتبدو أهداف الإمارات في اليمن قريبة من التحقيق الكامل، فمنذ أن تدخلت في هذه الحرب استطاعت تكوين قوات موازية للقوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، واحتلت محافظة سقطرى رغم أن أهلها والمحافظة ذاتها بعيدة عن الصراع المسلح بين الحكومة والمتمردين الحوثيين، إضافة إلى ذلك الجزر المهمة التي احتلتها وبدأت أعمال إنشاء قواعد عسكرية فيها لتتحكم في الممر الدولي للملاحة البحرية، على عكس المملكة العربية السعودية التي خسرت أراضي وجنودا، إضافة إلى خسارة ثقة اليمنيين بها.
وبالتالي فإن الخلاف الإماراتي مع قوات تقاتل من أجل إعادة هادي، هو خلاف على التحكم الميداني في المناطق التي توجد فيها قوات الطرفين خاصة في جبهة المخا، وأيضًا لرغبة الطرف الإماراتي الاستفادة من الأمور والعمل بعيدًا عن غرفة عمليات التحالف أو التنسيق معها. وتواجه القوات السودانية وكذا الإماراتية كمائن وغارات من قوات الحوثي وصالح خاصة في الأيام الأخيرة، وتعكس الخسائر رغبة كل طرف في التحكم في إدارة المواجهة والسيطرة على العمليات، لكن الإمارات لا تريد أن يكون لغيرها أي دور، لكون بروز القوات السودانية أو غيرها خلال المرحلة القادمة أو تحقيق نتائج إيجابية في الحرب، قد يكلف الإمارات كثيرًا ويحطم أحلامها.
المصدر الشرق