كيف ترى إسرائيل الهجوم عليها من اليمن وانخراط صنعاء في الحرب بهذه القوة؟
الجنوب اليوم | تقرير
مع الأيام الأولى لانطلاق عملية طوفان الأقصى في الـ7 من أكتوبر الماضي، توقعت الولايات المتحدة الأمريكية توسع المعركة وانخراط أطراف حليفة لفلسطين والمقاومة الفلسطينية ضد كيان الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي إلى المعركة، ولهذا سعت واشنطن بكل جهدها لتحييد الأطراف الإقليمية التابعة لحلف القدس.
لكن مع انخراط أمريكا في دعم مباشر لكيان الاحتلال عسكرياً ومالياً واستخبارياً وحتى بقوات عسكرية سواءً دفاعية أو حتى مشاركة في بعض العمليات البرية داخل قطاع غزة بحسب الاعترافات الأمريكية السابقة، سارعت أطراف محور فلسطين للدفاع عن المقاومة الفلسطينية والمساهمة معها في مواجهة كيان الاحتلال، لكن الفعل الأبرز في هذا الانخراط الذي شمل المقاومة الإسلامية في لبنان ممثلة بحزب الله والفصائل الفلسطينية المقاومة الموجودة في لبنان، إضافة إلى المقاومة الإسلامية العراقية والمقاومة الفلسطينية المتواجدة في سوريا، أما على مستوى الدول فلم تنظم للدفاع عن فلسطين والمقاومة الفلسطينية وتعلن الحرب صراحة بشكل رسمي ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي سوى اليمن ممثلة بحكومة صنعاء التي يقودها أنصار الله الحوثيين.
ووفقاً لمراكز الدراسات الإسرائيلية وتحليلات النخبة الصهيونية فإن اليمن كان بالنسبة لكيان الاحتلال آخر تهديد يمكن لكيان الاحتلال التفكير فيه، فبنظر الإسرائيلي اليمن بعيدة جغرافياً عن فلسطين المحتلة وبالتالي لا يمكن قصف إسرائيل من اليمن، وبنظر الإسرائيلي أيضاً اليمن سيتبع السياسة الإيرانية حيث يعتقد الإسرائيلي إن علاقة اليمن بإيران مثل علاقة الإمارات بإسرائيل أو علاقة السعودية بأمريكا، لكن الأحداث أتت لتثبت عكس ما كان يتوقعه الإسرائيلي فلا ظهر اليمن كتابع للسياسة الإيرانية ولا ظهرت قوة الفعل العسكري والقرارات الاستراتيجية لليمن على ما كان يتوقعه الإسرائيلي بأنها ضعيفة وغير قادرة على فعل شيء مهدد لإسرائيل أو التسبب بقصف يطال الأراضي المحتلة.
وبناءً على قراءة سريعة لبعض ما نشرته مراكز الدراسات الإسرائيلية من تحليلات بشأن انخراط اليمن عسكرياً في طوفان الأقصى، يمكن القول إن الإسرائيلي والأمريكي تفاجأوا بحجم القوة العسكرية التي أظهرتها قوات صنعاء بقيادة أنصار الله الحوثيين، والأكثر من ذلك تفاجأوا بجرأة اتخاذ القرارات في اليمن إذ لم يكن يتخيل الأمريكي ذات يوم أن تتمكن صنعاء من فرض قرار بحظر مرور سفن الكيان الإسرائيلي من البحر الأحمر، والأكثر من ذلك أنه لم يكن يتخيل أحد في إطار الأنظمة العربية المنخرطة ضمن الحلف الإسرائيلي والأمريكي بل لم يكن يتخيل الإسرائيلي أو الأمريكي أن الولايات المتحدة الأمريكية ستكون عاجزة عن حماية سفن كيان الاحتلال الصهيوني من القصف وأن يتحول الدور الأمريكي العسكري في البحر الأحمر من حامي لهذه السفن وردع أي تهديد يطالها إلى مجرد جهاز إنذار تقتصر وظيفته على تنبيه السفن من وجود هجوم يستهدفها وأن على طاقمها أخذ احتياطاته كما هو الحال مثلاً مع الثلاث السفن الأخيرة التي تم استهدافها في البحر الأحمر قبل أيام قليلة والتي فشلت فيها المدمرة الأمريكية يو إس إس كارني من حمايتها حيث انشغلت المدمرة الأمريكية بتأمين وحماية نفسها من الهجمات التي تعرضت لها هي الأخرى من قبل قوات صنعاء والتي وبحسب مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان في مؤتمر صحفي أمس الأول أقر فيه بأن المدمرة تعرضت لهجمة واحدة وحاولت التصدي لثلاث هجمات أخرى ما يعني أن إحدى الصواريخ أو الطائرات المسيرة التي أطلقت باتجاه المدمرة الأمريكية أصابتها فيما الثلاث الأخرى تم إسقاطها قبل وصولها إلى المدمرة وإصابتها، ولا يحاول الأمريكي تكريس الاعتراف بأن المدمرة الأمريكية تعرضت لهجمة خوفاً من ضغوط الداخل الأمريكي المطالبة بالرد، تأكيداً على هذا الهجوم ما قاله مسؤول عسكري بالبنتاغون في تصريح لمراسل قناة الجزيرة في واشنطن من أن الهجوم على المدمرة كارني لم يتسبب بسقوط إصابات أو أضرار في المدمرة.
استطاع الأمريكي أن يحتوي الصراع ويمنع توسعه وانضمام أطراف أخرى في محور القدس إلى المعركة نسبياً مع كل من لبنان والعراق وسوريا وإيران لكنه فشل في يفرض هذا التوجه على اليمن أيضاً الذي دفع الحوثيون فيه إلى كسر كل الحواجز وضاربين عرض الحائط بكل المخاطر والتهديدات وحتى أي تداعيات قد تنجم عن هذا الانخراط وبهذه القوة وهذا الفعل المؤثر، واللافت أن الأمريكي استسلم أيضاً لما فرضته اليمن بشأن طوفان الأقصى وأبرزها قطع الملاحة البحرية الإسرائيلية من المرور من البحر الأحمر والبحر العربي فبالعودة إلى تصريحات منصات مراقبة حركة الملاحة البحرية وأمان سفن الشحن التجارية والتي يقع على عاتقها مهمة استقبال أي بلاغات ترسلها سفن الشحن أثناء عبورها حال تعرضها لأي حوادث أو تهديدات يتبين أن السفينة التي تم استهدافها في خليج عدن “سنترال بارك” بهجوم بشري قالت أمريكا إنهم قراصنة صوماليون، هذا الهجوم وقع بعد أن تلقت السفينة تحذيراً من البحرية اليمنية التابعة لصنعاء بعدم المرور من البحر الأحمر والعودة من حيث أتت لكن السفينة تجاهلت التوجيهات الصادرة من اليمن وبحسب المنصة ذاتها فإن السفينة الأمريكية يو إس إس ميسون التي كانت متواجدة قرب خليج عدن في المياه الدولية نصحت السفينة الإسرائيلية سنترال بارك بعدم تجاهل التحذيرات والتوجيهات اليمنية لكنها تجاهلتها وعبرت فكانت النتيجة وقوعها تحت سيطرة 8 مسلحين تمكنت لاحقاً المدمرة الأمريكية ميسون من مطاردتهم وإجبارهم على النزول من السفينة والهروب، وذلك يشير إلى أن الولايات المتحدة بدأت تقتصر مهمة قطعها البحرية في البحر الأحمر والعربي على نصيحة السفن بعدم العبور.