بعد سقوطها شعبياً وانحيازها لإسرائيل.. سقوط الغطاء السعودي الإماراتي عن الأطراف المناهضة للحوثي (تقرير)
الجنوب اليوم | تقرير
سرعان ما فقدت الأطراف اليمنية التابعة كلياً أو جزئياً للتحالف السعودي الإماراتي، مصداقيتها أمام الشارع اليمني الجنوبي، وذلك مع تصاعد أحداث طوفان الأقصى وتفاعلات الشعب اليمني كاملاً شمالاً وجنوباً مع القرارات التي اتخذتها قيادة حكومة صنعاء بإعلان الحرب رسمياً ضد الكيان الصهيوني الإسرائيلي والقيام بقصف كيان الاحتلال بالصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة التي تمطر منطقة أم الرشراش أو ما يطلق عليها الاحتلال بـ”إيلات” جنوب فلسطين المحتلة بالعشرات من هذه الصواريخ والطائرات المسيرة التي تستهدف مواقع استراتيجية وحساسة بالنسبة لكيان الاحتلال من مراكز أبحاث عسكرية ومواقع استخبارية وعسكرية ومنشآت حساسة حاول الإسرائيلي إنشاءها هناك لتكون بعيدة عن متناول صواريخ المقاومة الفلسطينية، لكن صواريخ أنصار الله الحوثيين جعلت منطقة إيلات منطقة غير آمنة منذ الأيام الأولى لطوفان الأقصى.
الشارع الجنوبي اليمني كان يترقب أن يصدر موقف مؤيد للمقاومة الفلسطينية من قبل الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتي أنشأتها السعودية والإمارات والتي تتحكم أيضاً بها وبقياداتها التي يقيم معظمها خارج اليمن في فنادق الرياض أو أبوظبي.
لكن جاءت مواقف وبيانات هذه القيادات التابعة للتحالف السعودي الإماراتي مخيبة جداً لآمال الشارع اليمني الجنوبي، وخصوصاً عندما سارعت إلى إصدار الإدانات والهجوم الإعلامي ضد قوات حكومة صنعاء على ما قامت به من قصف للكيان الإسرائيلي بالصواريخ والمجنحات، ففقدت هذه القيادات جزءاً مما تبقى لها من تأييد محدود على مستوى الشارع لتأتي بعد ذلك الضربة القاضية حين سارعت أطراف حكومة التحالف السعودي إلى تقديم نفسها كجندي مستعد لحماية الكيان الصهيوني الإسرائيلي وحماية سفنه أثناء مرورها بمنطقة خليج عدن وباب المندب وجنوب البحر الأحمر، وقد تُرجم هذا الموقف الواضح من خلال ما صدر من قيادات حكومة التحالف من تصريحات وبيانات رسمية نددت صراحة بما قامت به قوات صنعاء وأنصار الله الحوثيين من منع للملاحة الإسرائيلية عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب ومؤخراً البحر العربي أيضاً، حيث اعتبرت كلاً من معين عبدالملك وأعضاء حكومته، المجلس الانتقالي الجنوبي رسمياً ومكون طارق صالح عفاش وإعلامه وحتى حزب الإصلاح أيضاً جميعهم أعلنوا أن ما قامت به البحرية التابعة لصنعاء بأنها “أعمال قرصنة وأعمال إرهابية” وهو ما مثل صدمة كبيرة للشارع اليمني الجنوبي وخصوصاً من كان لا يزال يؤيد ولو بنسبة يسيرة هذه الحكومة المنفي معظم أعضائها في الخارج والمسلوبي الإرادة والقرار.
بهذه المواقف يكون الطرف التابع للتحالف السعودي الإماراتي قد خسر الشارع اليمني الجنوبي الذي كان يستند ولو شكلياً إليه في حربه ضد قوات أنصار الله الحوثيين وحلفائهم، ولكن هناك أمر آخر وأكثر أهمية خسرته هذه الأطراف لم يتنبه له معظم المراقبين السياسيين، ألا وهو الغطاء السعودي الإماراتي والأمريكي الذي كان ممنوحاً لهم منذ بداية الحرب على اليمن إلى ما قبل 7 أكتوبر الماضي.
فالمراقب لمواقف كلاً من السعودي والإماراتي والأمريكي وحتى الإسرائيلي تجاه ما قامت به القوات البحرية التابعة لحكومة صنعاء، يجد أن هذه الأطراف الدولية والإقليمية قد اختارت النأي بنفسها عن المواجهة بعد أن وجدت من صنعاء جرأة في اتخاذ القرارات الهامة والخطيرة جداً وأولها إعلان الحرب رسمياً على إسرائيل وثانياً إعلان قطع الملاحة الدولية أمام السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وباب المندب والبحر العربي وثالثاً بقرار استهداف السفن الإسرائيلية بالصواريخ ورابعاً استهداف حتى المدمرات الأمريكية حين تحاول حماية السفن الإسرائيلية وكلها أحداث تقع لأول مرة منذ بدء الصراع العربي الإسرائيلي.
يقول تقرير إسرائيلي لـ”تامير هايمان” تحت عنوان “بين غزة والشمال والحوثيين في اليمن”، إن الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وإسرائيل أمام ما قامت به القوات اليمنية قد اختارت الدفاع عن نفسها فقط وعدم الرد على هجمات الحوثيين، وبالنسبة لأمريكا والسعودية فهما لا يريدان الرد على الحوثيين لأن ذلك قد يعيد من جديد الحرب بين اليمن والسعودية المتوقفة بهدنة هشة منذ أبريل 2022، أما إسرائيل فلكونها المستهدفة فإن عاتق الرد يقع عليها، ولكن هناك مشكلة وهي أن أي رد إسرائيلي على الحوثيين قد يؤدي إلى قيام الأخير بالانتقام ليس من إسرائيل فقط بل من إسرائيل والسعودية ويؤدي إلى إشعال الحرب من جديد”، وهنا يقدم الإسرائيليون إن الرد الإسرائيلي على قوات صنعاء يجب ألا ينتظر السعودية أو أمريكا، لكن منذ أن بدأت اليمن بقصف جنوب فلسطين المحتلة داخل عمق كيان الاحتلال الإسرائيلي وحتى عندما تطور الأمر إلى إغلاق طريق الملاحة أمام سفنه ثم إلى ضربها بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة وأيضاً احتجاز إحداها، نجد أن كيان الاحتلال اختار الصمت وعدم الرد أيضاً، والسبب في ذلك هو عدم القدرة على الرد بسبب انكفاء السعودي والأمريكي، فبعد تهديدات الإسرائيليين بقصف اليمن، خرج محمد علي الحوثي عضو المجلس السياسي الأعلى الذي يدير السلطة في مناطق سيطرة أنصار الله الحوثيين إلى مخاطبة السعودية بشكل مباشر بأن “أي استهداف لليمن من كيان الاحتلال الإسرائيلي لن يكون إلا عبر إطلاق صواريخ بعيدة المدى على اليمن من داخل كيان الاحتلال وهو ما يعني أن هذه الصواريخ ستمر من فوق الأجواء السعودية وبالتالي فإن السعودية مثلما قامت بإسقاط أحد الصواريخ التي أطلقتها صنعاء على كيان الاحتلال عند أول هجوم نفذته صنعاء فإن عليها أيضاً إسقاط أي صواريخ أو طائرات إسرائيلية تمر عبر أجواء السعودية لضرب أهداف في اليمن وإلا فإن السعودية هي من تتحمل المسؤولية” بهذا المعنى خاطب الحوثي السعودية والتي بدورها يبدو أنها عكست خطاب الحوثي إلى الإسرائيليين وأخبرتهم أنها ستتعرض للقصف إذا ما قصفت إسرائيل اليمن مروراً بالأجواء السعودية وبالتالي على إسرائيل عدم قصف اليمن.
بالمحصلة نجد أن السعودية عملت على تحييد نفسها في الصراع بين اليمن (صنعاء) وكيان الاحتلال الإسرائيلي، وبالمثل أيضاً هذا التحييد ينسحب على الأدوات المحلية اليمنية المتواجدة جنوب اليمن والتابعة للتحالف السعودي الإماراتي، الأمر الذي يعني أن الغطاء السعودي أو الإماراتي أو حتى الأمريكي الذي كان ممنوحاً للمكونات اليمنية التابعة للتحالف خلال الحرب في اليمن ضد قوات صنعاء وأنصار الله الحوثيين، هذا الغطاء قد تم رفعه أيضاً عن هذه المكونات، فمن لم يتدخل من أجل كيان الاحتلال الإسرائيلي لن يتدخل من أجل أدوات أدوات هذا الكيان.