صنعاء تدفع واشنطن إلى استنزاف مواردها الاستراتيجية: تراجع السيطرة الأمريكية أمام التهديدات اليمنية في البحر الأحمر
الجنوب اليوم | تقرير
في تقرير حديث نشرته مجلة “ناشيونال انترست” الأمريكية، أكد المستشار الأمني صامويل بايرز أن الاستراتيجية الأمريكية في البحر الأحمر تواجه تحديات هائلة نتيجة التصعيد اليمني المستمر. حيث تتكبد الولايات المتحدة تكلفة باهظة في مواردها الاستراتيجية نتيجة ملاحقتها لقوات صنعاء، التي أصبحت تشكل تهديدًا مباشرًا لمصالح واشنطن في المنطقة.
وأشار التقرير إلى أن صنعاء نجحت في تحويل البحر الأحمر إلى منطقة خطر دائم للسفن التجارية، مما أدى إلى تراجع حركة المرور عبر المضيق بنسبة تقارب 50%. واضطرت السفن الدولية إلى اتخاذ طرق بديلة عبر رأس الرجاء الصالح، مما أدى إلى خسائر مالية كبيرة لقناة السويس، قدرت بحوالي 2 مليار دولار.
بايرز أوضح أن الولايات المتحدة أرسلت أربع مجموعات حاملة طائرات متتالية، بما في ذلك حاملة الطائرات “يو إس إس أبراهام لينكولن”، لحماية الشحن الدولي في البحر الأحمر، ولكن دون تحقيق نتائج ملموسة. بل على العكس، فإن تواجد هذه القوات أصبح يشكل عبئًا استراتيجياً كبيرًا على البحرية الأمريكية، حيث اضطر البنتاغون إلى تخصيص ثلث قوة حاملات الطائرات الأمريكية لمجرد مراقبة الوضع في البحر الأحمر.
ورغم هذه الجهود، فإن التهديدات اليمنية لا تزال قائمة، مما يعكس فشل الاستراتيجية الأمريكية في مواجهة التحدي بشكل فعّال. وقد أشار بايرز إلى أن الولايات المتحدة اختارت نهجاً “متناسباً” لكنه غير كافٍ لمعالجة الأسباب الجذرية للأزمة، مما يعزز من قوة صنعاء ويدفع واشنطن إلى استنزاف ذخيرتها الحيوية.
وأثار التقرير تساؤلات حول جدوى الاستراتيجية الأمريكية، محذراً من أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى خسائر أكبر للولايات المتحدة، ليس فقط في البحر الأحمر ولكن في قدرتها على التصدي لتحديات أخرى أكثر خطورة في مناطق أخرى من العالم.
التهديد اليمني يكشف هشاشة الاستراتيجية الأمريكية
التقرير يعكس حقيقة واضحة: صنعاء استطاعت فرض واقع جديد في البحر الأحمر، مما أجبر الولايات المتحدة على تخصيص موارد ضخمة لمجرد الحفاظ على الوضع القائم. هذه الحقيقة تكشف عن تراجع واضح في قدرة واشنطن على فرض إرادتها في المنطقة، وتعزز من موقف صنعاء التي تمكنت من تحويل واحدة من أهم الممرات المائية في العالم إلى منطقة خطر دائم أمام الهيمنة الأمريكية.
في النهاية، يبدو أن صنعاء قد نجحت في تحقيق ما كان يعتبر مستحيلاً: إجبار الولايات المتحدة على استنزاف مواردها في معركة غير متكافئة، مما يضع مستقبل الهيمنة الأمريكية في المنطقة على المحك.