التوجهات الأمريكية لإعادة جناح عفاش في حزب المؤتمر الشعبي العام للواجهة السياسية جنوب اليمن
الجنوب اليوم | تقرير
في ظل الأوضاع المتقلبة في جنوب اليمن، يبرز حزب المؤتمر الشعبي العام جناح الإمارات بقيادة أبناء علي عبدالله صالح كأحد العوامل المؤثرة على الساحة السياسية، خاصةً في المحافظات الجنوبية. في الفترة الأخيرة، ظهرت محاولات واضحة لإعادة إبراز هذا الجناح، بقيادة أحمد علي عبدالله صالح وابن عمه طارق صالح وشقيق الأخير عمار، بدعم من الإمارات وخطة أمريكية مباشرة، وتأتي هذه التحركات في إطار حملة أمريكية تهدف إلى وضع ترتيبات للمرحلة المقبلة في اليمن لضمان بقاء النفوذ الأمريكي في جنوب اليمن قبيل انسحاب الولايات المتحدة من منطقة البحر الأحمر ضمن تحالف حارس الازدهار.
إعادة الواجهة: دعم أمريكي وإماراتي
تسعى الولايات المتحدة، بالتعاون مع الإمارات، إلى استغلال الذكرى السنوية لتأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام لإعادة تسليط الضوء على أحمد علي عبدالله صالح وأفراد حاشية علي صالح، ولعل من المُلاحظ أن هذه الحملة لا تركز على الجانب العسكري، بل تركز على الجوانب الاقتصادية والخدمية. إذ تسعى هذه الحملة إلى ترويج أحمد علي عبدالله صالح كـ”رجل المرحلة” في جنوب اليمن، بينما تُعزز الإمارات من حضور عائلة صالح في المشهد السياسي.
تظهر التحركات الأمريكية والإماراتية بوضوح من خلال دعم الحراك العفاشي في شبوة وظهور أحمد علي عبدالله صالح كلاعب سياسي جديد بعد رفع العقوبات عنه والإفراج عن أموال اليمنيين التي نهبها والده خلال فترة حكمه والموجودة في حسابات بنكية في أوروبا وأمريكا. كما يتزامن ذلك مع انخراط حزب الإصلاح في مأرب، مما يشير إلى تحركات استراتيجية لتغيير المعادلات السياسية في الجنوب.
التاريخ الأسود لحزب المؤتمر الشعبي العام في الجنوب
للوقوف على خلفية هذه التحركات، من الضروري استعراض تاريخ حزب المؤتمر الشعبي العام وحكم علي عبدالله صالح في المحافظات الجنوبية. فمن بعد حرب صيف 1994، قوبل الجنوب بسياسات النهب والتدمير، حيث استولى النظام على الموارد وأغرق المنطقة في الفقر. وسعت قيادة صالح إلى تعزيز سلطتها من خلال توزيع المناصب والموارد بين أقاربها وحاشيتها، مما أدى إلى تزايد الفساد والمحسوبية.
في الفترة من 2006 إلى 2010، شهد الجنوب فترة قمع عفاشي وحملات قمعية ضد أبناء الجنوب. وكانت هذه الفترة مليئة بالانتهاكات والتجاوزات، حيث استخدم النظام القوة لقمع الاحتجاجات والمطالبات بالحقوق والعدالة. كان القمع العفاشي هدفه تكميم الأفواه وضمان السيطرة السياسية والنفوذ في الجنوب.
الصراع المستمر والتحديات
تستمر التحديات في المحافظات الجنوبية، حيث تؤثر تحركات أبناء عفاش وحملات الدعم الجديدة على الوضع السياسي والاجتماعي وعلى حساب أبناء المحافظات الجنوبية والفصائل الأخرى. ولعل إعادة تسليط الضوء على أحمد علي عبدالله صالح وأفراد حاشية صالح ليست مجرد محاولة سياسية، بل تعكس تحركات استراتيجية تهدف إلى إعادة ترتيب المشهد السياسي في اليمن بما يتماشى مع المصالح الأمريكية والإماراتية.
إرث عفاشي وأهمية المصالحة
إن محاولة إعادة الواجهة لجناح عفاش في حزب المؤتمر الشعبي العام تأتي في سياق سياسي معقد. يتطلب الوضع الراهن اهتماماً خاصاً بالتاريخ الأسود لنظام علي عبدالله صالح في الجنوب، خصوصاً في فترة النهب والقمع التي عانى منها السكان. مالم فإن سيناريو ما بعد ٩٤م سيتكرر جنوب اليمن لا محالة.
ولعل من الحتمي على بقية القوى جنوب اليمن إدراك أن التحرك الأمريكي والإماراتي لإعادة ظهور أحمد علي عبدالله صالح يمثل تحدياً جديداً للواقع السياسي في المناطق الجنوبية من اليمن. الأمر الذي يجعل من فهم الخلفية التاريخية وإعادة تقييم التوجهات الحالية ضروريان لبناء مستقبل مستقر وشامل سواء لليمن ككل أو على الأقل للفصائل الجنوبية الأخرى التي تعتقد أن الولايات المتحدة تقف إلى جانبها ولن تتخلى عنها.