تحليل: دوريات بحرية يمنية في البحر الأحمر تكشف تحولًا استراتيجيًا في ميزان القوى البحرية
الجنوب اليوم | تحليل
في خطوة تعكس تحولًا كبيرًا في ميزان القوى البحرية في البحر الأحمر، كشفت بريطانيا عن بدء تسيير دوريات بحرية للقوات اليمنية التي تقودها حركة أنصار الله “الحوثيين” في المياه الدولية قبالة الساحل الغربي لليمن.
يأتي هذا التطور في أعقاب أشهر من المواجهات المتصاعدة مع البوارج الأمريكية والغربية والبريطانية، ما يعكس قدرة صنعاء على فرض نفوذها في واحدة من أهم الممرات البحرية الاستراتيجية في العالم.
تحول استراتيجي: من الدفاع إلى الهجوم
إن قرار قوات أنصار الله “الحوثيين” بتسيير دوريات بحرية مسلحة يجوبون المياه الدولية يشير إلى استراتيجية جديدة تتجاوز الأساليب التقليدية التي اعتمدت في السابق على الضربات الصاروخية والطائرات المسيرة، هذه الاستراتيجية الجديدة تتضمن عمليات استطلاع بحرية، وهو ما تم تأكيده من قبل هيئة العمليات التجارية البريطانية التي رصدت وجود مسلحين يمنيين على متن زوارق بحرية يقومون بعمليات استطلاع بمعية سفينة سطحية غير مأهولة.
هذا التحول يضع قوات أنصار الله “الحوثيين” في موقف هجومي أكثر جرأة، حيث لم تكتفِ بإرسال رسائل صاروخية أو هجمات بالطائرات المسيرة، بل انتقلت إلى فرض وجود فعلي ومستمر في عمق البحر الأحمر، فنشر الدوريات البحرية في هذه المنطقة يشكل تحديًا كبيرًا للبوارج الغربية التي كانت تشكل حتى وقت قريب حاجزًا أمام عمليات صنعاء المساندة للمقاومة الفلسطينية في غزة في مواجهة كيان الاحتلال الإسرائيلي.
تعزيز للموقف اليمني في فرض الحصار على “إسرائيل”
إن تسيير هذه الدوريات البحرية يعزز من قدرة اليمن بغض النظر عمّن يسيطر عليه ويحكمه، على فرض شروطه في البحر الأحمر، ويضعف من قبضة القوى الغربية على هذا الممر الحيوي.
كما أن هذه التحركات تشير إلى أن القوات اليمنية بقيادة أنصار الله قد تمكنت من تقليل تأثير البوارج الأمريكية والغربية التي قدمت للمنطقة لحماية كيان الاحتلال الإسرائيلي ورفع الحظر المفروض من صنعاء على ملاحته البحرية، مما يتيح لصنعاء الآن تنفيذ عملياتها البحرية بحرية أكبر ودون التعرض لتهديدات مباشرة.
كما تُظهر هذه الخطوة قدرة اليمن بقيادة الحوثيين على التكيف مع الظروف العسكرية والسياسية المتغيرة، من خلال التحول من الدفاع إلى الهجوم، واستخدام تكتيكات جديدة مثل الاستطلاع البحري واعتراض السفن، وهذه الاستراتيجية تعكس استعداد قوات أنصار الله “الحوثيين” لتوسيع نطاق عملياتها البحرية لتشمل ليس فقط السواحل اليمنية، بل أيضًا المياه الدولية.
تداعيات نشر الدوريات البحرية على الأمن الإقليمي
إن نشر الدوريات البحرية اليمنية التابعة لصنعاء في عمق البحر الأحمر ليس مجرد تطور عسكري، بل يحمل دلالات سياسية وإستراتيجية هامة، فهو يعكس عزم أنصار الله “الحوثيين” على تحدي الهيمنة الغربية في المنطقة، ويزيد من تعقيد الوضع الأمني في البحر الأحمر، الذي يعتبر ممرًا استراتيجيًا للتجارة العالمية.
هذه التحركات قد تدفع القوى الغربية إلى إعادة تقييم استراتيجياتها في المنطقة، خاصة مع زيادة خطر تعرض سفنها لعمليات التفتيش أو الاستهداف من قبل القوات اليمنية التي تقودها صنعاء، خصوصاً أن قوات صنعاء تبنت في الآونة الأخيرة سياسة تفتيش السفن المارة في المنطقة، واستهدافها في حال أبدت أي مقاومة، كما حدث مع سفينة النفط “سونيون”.
رسالة إلى القوى الغربية: اليمن يفرض قواعده الخاصة
التحركات اليمنية لقوات أنصار الله “الحوثيين” في البحر الأحمر ترسل رسالة واضحة إلى القوى الغربية: اليمن لم يعد ينتظر المبادرة من الآخرين، بل يفرض قواعد جديدة للعبة. إن نشر الدوريات البحرية هو تأكيد على قدرة اليمن على حماية مصالحه والرد على أي تهديدات خارجية، بل وحتى نقل المعركة إلى مناطق كانت تعتبر حتى وقت قريب بعيدة عن نطاق سيطرته.
البحر الأحمر في قلب الصراع الإقليمي
في ضوء هذه التطورات، يصبح البحر الأحمر مسرحًا لصراع جديد بين القوى الإقليمية والدولية، حيث تسعى كل جهة إلى تعزيز نفوذها والسيطرة على هذا الممر البحري الاستراتيجي. ومع استمرار نشر الدوريات البحرية اليمنية، يبدو أن ميزان القوى في المنطقة قد بدأ في التحول، مما يجعل من البحر الأحمر محورًا أساسيًا في معركة النفوذ الإقليمي والدولي.