فوضى عدن: استراتيجيات الفصائل الأمنية وتلاعبها بالصورة الأمنية لتحقيق المكاسب
الجنوب اليوم | تقرير
تسود مدينة عدن حالة من الفوضى والاضطراب منذ أكثر من أسبوع، حيث اجتاحت المدينة سلسلة من الحوادث العنيفة التي تتراوح بين القتل والاختطاف وتجارة المخدرات.
هذه الأحداث، التي باتت مشهداً مألوفاً منذ سيطرة التحالف السعودي الإماراتي على المدينة في عام 2015، تأتي في ظل تسويق مكثف لفصيل أمني معين من قبل وسائل الإعلام التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي أنشأته الإمارات.
وهذا التوقيت يشير إلى أن هناك خلفيات معقدة تتجاوز مجرد الفوضى اليومية، وأن هناك أجندات خفية تحكم تصرفات الفصائل في المدينة.
أحداث دراماتيكية في عدن
شهدت عدن في الأيام الأخيرة سلسلة من الحوادث غير المسبوقة، بما في ذلك عمليات قتل جماعية، اقتحام ونهب لمتاجر المجوهرات، وعمليات اختطاف للفتيات، إضافة إلى تفجيرات شهدتها المدينة.
وهذا النوع من الفوضى ليس جديداً على عدن، إذ شهدت المدينة سلسلة من الأحداث العنيفة منذ أن وضعت قوات التحالف السعودي الإماراتي يدها عليها، مما أدى إلى تقسيم المدينة إلى مربعات سكنية تحكمها الفصائل العسكرية التابعة للتحالف.
لكن ما يثير القلق في الوضع الحالي وفق ما يراه مراقبون سياسيون تحدثوا لـ”الجنوب اليوم”، هو تزامن هذه الفوضى مع حملة إعلامية مكثفة لتسويق فصيل أمني بعينه، والذي يتخذ منه الانتقالي منصة لتعزيز موقفه في المدينة.
هذه الحملة تبدو وكأنها تستهدف تقديم فصيل أمني بعينه كحامي للمدينة، رغم أن الواقع يظهر العكس تماماً.
التحركات السياسية والأمنية
كما يربط المراقبون الأحداث الأخيرة بأنها تأتي في أعقاب قرار عيدروس الزبيدي بنقل صلاحيات قيادة الفصائل الأمنية، بما في ذلك الحزام الأمني، إلى نائبه أبوزرعة المحرمي. المحرمي، الذي يقود فصائل العمالقة، يتم تسويقه من قبل أطراف إقليمية ودولية كزعيم جديد للجنوب.
وهذا التغيير أثار مخاوف العديد من الفصائل الجنوبية التي كانت قد خاضت معارك ضد قوات المحرمي، مما يثير تساؤلات حول الاستقرار الأمني في المدينة.
وبينما كانت الأنظار تتجه نحو تغييرات متوقعة في الحزام الأمني، جاءت الحملة الإعلامية التي رافقت قرار تكليف المحرمي لتكون بمثابة محاولة لتسويق الفصيل الأمني الحالي (الحزام الأمني) بطريقة جديدة.
فوسائل إعلام الانتقالي بدأت في الترويج للحزام الأمني كقوة قادرة على التعامل مع الفوضى، رغم أن الواقع يظهر أن الفصيل فشل في منع وقوع الحوادث التي شهدتها المدينة، لأن نجاح أي قوة أمنية يكمن في منع وقوع الجريمة لا في ملاحقة التعامل معها بعد وقوعها.
استراتيجيات الفصائل: الحرب النفسية والعبث الأمني
وتكشف الأحداث الأخيرة في عدن عن حجم العبث الذي تمارسه الفصائل العسكرية في المدينة.
ومن الواضح أن هناك محاولات لتسويق الفصائل الأمنية كحماة للمدينة في ظل الفوضى التي تسببت بها هذه الفصائل نفسها.
أما الحملة الإعلامية التي تسعى إلى إبقاء الحزام الأمني على حاله، بالرغم من كونه جزءاً من المشكلة وليس الحل، تعكس محاولة من الفصائل لإعادة تشكيل صورة الأمن في المدينة بشكل يتناسب مع مصالحها الخاصة.
وتعكس هذه الاستراتيجية صراعاً داخلياً بين الفصائل، حيث تسعى كل مجموعة إلى تعزيز موقفها وإبقاء سيطرتها على الأراضي التي تحتفظ بها.
وفي هذا السياق، فإن توظيف الحوادث الأمنية في المدينة كوسيلة لتسويق فصيل معين، هو محاولة للاستفادة من الفوضى لتحقيق أهداف سياسية.
في المحصلة
وتبرز الأحداث الأخيرة في عدن، والمصحوبة بالحملة الإعلامية لتسويق الفصيل الأمني، كيف أن الفوضى التي تعيشها المدينة ليست مجرد نتيجة للصراعات المحلية بل جزء من استراتيجيات معقدة تتبعها الفصائل العسكرية.
وفي ظل هذا الوضع، تبدو عدن وكأنها ساحة اختبار لسياسات التحالف السعودي الإماراتي، التي تسعى إلى تحقيق أهدافها على حساب استقرار المدينة وسلامة سكانها.
وفي المحصلة فإن الفوضى المستمرة والتلاعب بالصورة الأمنية للمدينة يعكسان العبث الذي تمارسه الفصائل في سبيل الحفاظ على مكاسبها، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني والإنساني في عدن.