الحريري يكتب / إلى قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي.. كفوا عن بيع الوهم!

الجنوب اليوم | مقال 

بقلم: اللواء الركن سعيد الحريري

لقد حمل الجنوبيون قضيتهم لعقود طويلة، وضحّوا بالغالي والنفيس من أجل استعادة حقوقهم وهويتهم. وعندما ظهر المجلس الانتقالي الجنوبي، استبشر الناس خيرًا بأنهم أمام كيان سياسي يُمثّل تطلعاتهم، ويُحوّل الحلم إلى واقع ملموس. لكن بعد سنوات من التأسيس، وأمام تراكم الإخفاقات والتحديات، بات واضحًا أن الشعارات وحدها لا تكفي، وأن الناس لم تعد تحتمل المزيد من الوعود التي لا تتحقق.

الواقع يتحدث.. لا الشعارات

إن المواطنين في الجنوب بحاجة إلى أفعال تُترجم الأقوال، وإلى برامج عملية تُحسّن أوضاعهم المعيشية، وتُرسّخ الأمن والاستقرار، وتُعيد لهم الأمل بأن التغيير ممكن.

لكن ما يراه المواطن اليوم هو تردٍّ في الخدمات، وانهيار في العملة، وغياب للرواتب، وفوضى إدارية وأمنية، بينما يستمر المجلس في الحديث عن الاستقلال والسيادة وكأنها قاب قوسين أو أدنى، دون تقديم أي خطوات عملية تُمهّد لتحقيق هذا الهدف.

بيع الوهم لن يبني دولة

التلاعب بمشاعر الناس عبر شعارات براقة وخطابات نارية لم يعد يُجدي نفعًا. المواطن يُريد أفعالًا لا أقوالًا. يُريد كهرباء وماء ومرتبات وأمن واستقرار، لا صورًا واستعراضات إعلامية.

لقد صبر أبناء الجنوب طويلًا، ولكن للصبر حدود. وهم اليوم يسألون:

• أين الدولة التي وعدتم بها؟

• أين المؤسسات التي يجب أن تكون نموذجًا يُحتذى به؟

• أين التنمية والخدمات؟

الجنوب لا يُبنى بالخطب الحماسية، بل يُبنى بالعمل الجاد والمخلص على الأرض.

القيادة مسؤولية وليست امتيازًا

القيادة ليست منصبًا للتفاخر أو التربّح، بل مسؤولية تاريخية وأخلاقية أمام الشعب. ومن يتولى قيادة قضية بحجم القضية الجنوبية عليه أن يدرك أن الشعب لن يُسامح من يخونه أو يخذله.

إن أبناء الجنوب بحاجة إلى رؤية واضحة وخطة عمل واقعية، لا إلى مزيد من الوعود التي لا تجد طريقها إلى التنفيذ.

ختامًا

كفوا عن بيع الوهم، وابدأوا ببناء واقع حقيقي يُمهّد لطموحات الشعب. فالوقت يمضي، ومعه ينفد صبر الناس، ولن يكون الشعب الجنوبي صامتًا إلى الأبد.

الجنوب يستحق قيادة بحجم تضحياته، لا قيادة تُغرقه في الأحلام دون أن تُقدّم له شيئًا في الواقع.