منبر كل الاحرار

عدن.. هروب متصاعد للاستثمارات المحلية.. انهيار العملة وتدهور الخدمات يضاعفان المخاطر

الجنوب اليوم | تقرير – خاص

 

لم تتحول مدينة عدن إلى “دبي أخرى” في الجنوب، ولم يتم تأهيلها لتكون عاصمة بديلة لليمن رغم إعلانها عاصمة مؤقتة لسلطة موالية لأغنى دولتين خليجيتين. بل على العكس من كل الآمال التي علقها المواطن الجنوبي على التحالف السعودي الإماراتي، تعيش مدينة عدن أسوأ فصولها التاريخية. فبعد أن كانت قبلة الاستثمارات المحلية والعربية، تحولت إلى مدينة بائسة تعيش حالة من عدم الاستقرار الأمني والاقتصادي والمعيشي والخدمي. وتعاني من فشل وفساد وعجز الحكومة الموالية للتحالف في تحسين الأوضاع واحتواء حالة التدهور العام الذي تعانيه عدن والجنوب بشكل عام، وهو ما أدى إلى توقف الاستثمارات المحلية وفرارها من المدينة التي أصبحت بيئة غير مواتية للاستثمار.

 

تشير المؤشرات والعوامل إلى أن ما يحدث في مدينة عدن من تدمير ممنهج لكل مقومات هذه المدينة الساحلية، التي تمتلك واحدًا من أهم الموانئ في المنطقة والعالم، ولديها سواحل فريدة من نوعها تقع على خليج عدن، لم يعد الاستثمار فيها أمرًا مغريًا كما كان قبل عشر سنوات من اليوم. فالمدينة التي كانت تحتل أولوية لدى المستثمرين المحليين والأجانب صارت خارج نطاق الاهتمام. ووفقًا للمؤشرات، فقد تراجعت الاستثمارات المحلية إلى أدنى المستويات في مدينة عدن العام الماضي، واقتصر الاستثمار على افتتاح مطاعم تتبع قيادات عسكرية وسياسية، وسط تعثر العشرات من المشاريع التي كان من المتوقع افتتاحها العام الماضي نتيجة الانهيارات المتواصلة في سعر صرف العملة، التي بلغت 2400 ريالاً للدولار وأكثر من 620 ريالاً مقابل الريال السعودي.

 

يضاف إلى ذلك عوامل أخرى كتدني القدرة الشرائية للمواطنين، وتصاعد ظواهر الانفلات الأمني والسطو المسلح وابتزاز المستثمرين تحت ذريعة الحماية، وكذلك تدهور الخدمات العامة وعلى رأسها الكهرباء في المدينة. جميعها حوّلت مدينة عدن إلى بيئة طاردة للاستثمارات.

 

وفي ظل الفوضى التي تعانيها المدينة، توسع نطاق اقتصاد الظل، وتنامت مصالح تجار الأزمات والحروب، مقابل انكماش الاقتصاد الرسمي. ونتيجة لذلك، تصاعدت ظاهرة نزوح العشرات من أرباب الأعمال والمستثمرين من المدينة، ما أدى إلى تراجع تدفق الأموال إلى المدينة وتراجع الحركة التجارية. وبسبب توقف حركة الاستثمارات التي تعد قاطرة التنمية في أي مدينة، انعدمت فرص الأعمال وتصاعدت معدلات البطالة والفقر. كما أسهم تراجع الاستثمار، وخاصة المحلي، في تراجع الحركة الملاحية في موانئ عدن، لتوقف التجار والمستثمرين عن استيراد البضائع من الأسواق الخارجية عبر الميناء.

 

يرى مراقبون اقتصاديون أن عزوف الاستثمارات عن مدينة عدن، وعدم تسجيل الجهات المعنية أي مشاريع جديدة، كان نتيجة لارتفاع المخاطر الاستثمارية في المدينة التي كانت قبل نحو عشر سنوات من المقاصد الاستثمارية في الجنوب.

 

يضاف إلى تلك العوامل المثيرة لمخاوف المستثمرين، تصاعد الصراع السياسي بين المكونات الموالية للتحالف السعودي الإماراتي، وتفاقم الفرز المناطقي الذي يتبناه محسوبون على المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات ضد أبناء المحافظات الجنوبية والشمالية. كما تعرض تجار لانتهاكات من قبل المليشيات العسكرية التابعة للإمارات في المدينة. ورغم عدم مبالاة تلك المكونات بتداعيات تحويل المدينة إلى ساحة صراع بين السعودية والإمارات، إلا أن فشل سيطرة الحكومة الموالية لدول التحالف على مدينة عدن، واستمرار غياب سلطة القانون، وضع قطاع المال والأعمال تحت رحمة الجماعات المسلحة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com