في ذكرى الانقلاب.. أين هادي؟
الجنوب اليوم | خاص
بعد ثلاث سنوات من الانقلاب السعودي الإماراتي على آخر رئيس يمني منتخب، وقيام دول التحالف بتشكيل مجلس رئاسي غير منتخب يتبعها، يتساءل الكثيرون عن مصير هادي الذي تعرَّض لانقلاب أبيض في مقر إقامته بالمملكة العربية السعودية من قِبَل البلد المستضيف له. فقد توارى هادي عن الأنظار منذ ثلاث سنوات، بينما تعرَّضت دولته للتدمير. فالدولة “الدثينة” -كما كان يصفها اليمنيون- شهدت اجتثاث كافة قادتها من مفاصل الدولة، كما تمت الإطاحة بالقادة العسكريين الذين ينحدرون من محافظة أبين (التي ينتمي إليها هادي) من مواقعهم الوظيفية بشكل متعمد دون تمييز.
اليوم، وبعد ثلاث سنوات من إعلان المجلس الرئاسي بقيادة رشاد العليمي (مستشار هادي السابق) وعضوية سبعة قيادات تمثل المكونات الحليفة للإمارات والسعودية، غابت ملامح الدولة تماماً ولم يبقَ سوى رمزيتها، في مقابل ظهور صارخ لمليشيات مناطقية وعنصرية متعددة الولاءات والتوجهات في مختلف المحافظات. فازداد الفساد، وتراجعت الآمال بإمكانية عودة الاستقرار وإحلال السلام في ربوع اليمن.
الكثير من الأحداث التي جرت خلال هذه السنوات الثلاث منذ الانقلاب على آخر الرؤساء الشرعيين لليمن تؤكد أن الانقلاب على هادي لم يكن حدثاً عابراً، بل كان حدثاً مفصلياً وكارثياً في تاريخ اليمن، حيث ضاعف تعقيد المشهد سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً. وبالتالي، فإن انقلاب دول التحالف بالمباركة الأمريكية في السابع من أبريل ٢٠٢٢ لم يستهدف فقط آخر رئيس شرعي (حتى لو انتهت ولايته)، بل كان مقدمة لإسقاط الدولة اليمنية وتقاسم الحكم بين السعودية والإمارات، وتكليف مجلس رئاسي مكون من قادة مليشيات تعمل خارج نطاق الدولة لتمثيل الرياض وأبوظبي في مجلس شكلي مُجرَّد من الصلاحيات.
في الذكرى الثالثة للانقلاب على هادي (السابع من أبريل/نيسان)، اتضحت الأهداف الخفية للانقلاب، وانكشفت المؤامرات التي تقودها السعودية في حضرموت، والإمارات في سقطرى، وأمريكا في الساحل الغربي، بينما تمسك “الإصلاح” بالثروة والسلطة في مأرب، وتحوّل “الانتقالي” إلى أداة إماراتية على حساب القضية الجنوبية العادلة، مسيطراً على عدن وشبوة، وطامحاً في منازعة الرياض على مكاسبها في حضرموت.
في هذه الذكرى، التي كان هادي كبش فداء فيها، تقاسم حلفاء “الشرعية” ثروة “الرجل المريض”، وعبر المجلس الرئاسي والحكومة التابعة له، أسقطوا الدولة، وعاثوا فساداً في الاقتصاد، وتعمدوا تدمير العملة الوطنية، وقوضوا الأمن والاستقرار، وعطّلوا المقدرات الوطنية من مصافي عدن إلى موانئها، ومن ميناء بلحاف إلى مطارات حضرموت والمهرة، وصولاً إلى نهب المعادن في حضرموت وجرف الثروة السمكية في البحر العربي.
لذلك، لم يكن الانقلاب على هادي مجرد انقلاب على رئيس، بل كان انقلاباً على الدولة اليمنية ذاتها، وتسليماً لها إلى تجار حروب لا أكثر. ولم يكن بداية للسلام كما زُعِم في اتفاق نقل السلطة الذي أُجبر هادي على توقيعه، بل كان بداية للتدمير الشامل.