الجنوب اليوم يحيى الذكرى الثامنه لرحيل قائد التغيير فيصل بن شملان
الجنوب اليوم | خاص
في ذكرى رحيل القامة الوطنية الجنوبية المعروفة فيصل بن شملان الثامنة الذي يعد مدرسة في النزاهة والنقاء والوطنية والاخلاص والصدق ، فبن شملان هو مهندس التغيير وقائدها وهو رمزاً للمسئولية الخالصة .
“الجنوب اليوم “يحيى ذكرى رحيل مهندس التغيير الذي قاد التغيير في اليمن واخترق جدار الصمت في زمن الديقراطية الوهمية والانتخابات المزورة .
كتب عنه الكثيرون ولم يذكره احداً بسؤ ليس لانه فيصل بن شملان ابن حضرموت الغناء بل لانه لم يكن فاسداً كغيره من مسئولي اليمن خلال عدة حقب رمنية ، كتب عنه وليد الحضرمي فأشار إلى أنه السياسي محنّك، والبرلماني حصيف، رجل التغيير الذي أراد بقبوله الترشّح لانتخابات كرسيّ الرئاسة في العام 2006، إحداث ثقب في جدار الخوف من التغيير، وتحطيم “الأسطوانة” التي روّج لها الإعلام الرسمي المحلّي ، بأنّه لا يوجد شخص جدير بقيادة اليمن، غير الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح.
من وجهة نظر البعض، يُعتبر فيصل عثمان بن شملان الرئيس الشرعي لليمن. أصحاب هذا الطرح عادة ما يردّدون مقولة الجنرال علي محسن الأحمر، بعد تخلّيه عن صالح، إبّان الثورة الشبابية عام 2011. حينها ادّعى الأحمر أن صالح هدّد بتحريك الدبّابات ونسف القصر الجمهوري إذا تمّ إعلان نتائج الإنتخابات، وفُتحت أبواب القصر لرئيس غيره. وكان يقصد، يومذاك، منافسه في الإنتخابات، الراحل بن شملان.
ولد بن شملان في مدينة السويري بحضرموت في العام 1934م. تلقّى تعليمه الإبتدائي في المدرسة الوسطى في غيل باوزير، إلى جانب الرئيس الجنوبي السابق، علي سالم البيض، ورئيس الوزراء الأسبق، فرج بن غانم، قبل أن يشكّل الثلاثة، في ما بعد، إحدى ركائز المنظومة الوطنية في دولة “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية”، كلّ في مجال اختصاصه.
تميّز بن شملان، خلال دراسته في اليمن الجنوبي، بنبوغه العلمي، وتوهّجه الفكري. وأهّله تفوّقه في الدراسة للحصول على منحة لإكمال الدراسة الثانوية في السودان، قبل التحاقه بجامعة كينجستون في بريطانيا، ليتخرّج فيها، بشهادة تخصّص هندسة مدنية.
من وزير للأشغال العامّة والمواصلات في دولة الجنوب السابقة، إلى عضو مجلس الشعب الأعلى حتّى قيام الوحدة (1971 إلى 1990)، كان بن شملان يؤسّس لمرحلة تطوير الإدارات والهياكل الوظيفة، ويشارك في وضع معالجات اقتصادية ناجعة في الوزارات والمرافق التي تقلّدها، ومن بينها مصفاة عدن، التي تولّى إدارتها، بعد انسحاب بريطانيا، بكفاءة ونزاهة مشهودَتين.
عُيّن وزيراً للنفط عام 94 م، وواجهت جهوده في إصلاح الوزارة معارضة حيتان الفساد، وسرعان ما علّق عمله في الوزارة، مع اندلاع الحرب في البلاد في صيف العام نفسه، ورغم كلّ الضغوط والمغريات، رفض العودة عن قراره، قبل إيقاف الحرب. بعدها بعام، قدّم استقالته من المنصب، تاركاً سيّارة الدولة التي كانت بعهدته في حوش الوزارة، مغادراً إلى منزله على متن سيّارة أجرة.
تحت قبّة البرلمان اليمني، ظلّ بن شملان وفيّاً لوعوده للجماهير التي منحته ثقتها في الإنتخابات، منذ تحقيق الوحدة حتّى استقال من البرلمان في 2003، احتجاجاً على تمديد المجلس لنفسه، سنتين إضافيّتَين، وكتب في حيثيّات الإستقالة: “إن الشعب فوّضني لمدّة أربعة أعوام، ولذلك أحترم قدسية ذلك التفويض، الذي مُنح للنائب المستقل، فيصل عثمان بن شملان”.
دفع ثمن مواقفه بفرض اقتطاعات على راتبه، حيث كان يتقاضى 38 ألفاً من مجلس الوزراء و20 ألف من رئاسة الجمهورية، بخلاف باقي الوزراء الذين يحظون بامتيازات ورواتب تتجاوز مئات الألوف، وتُصرف لهم سيّارة كلّ سبع سنوات.
طوال فترة انشعاله في مناصب عليا في الدولة، كان بن شملان يحرص على دفع أموال من جيبه الخاص للنهوض بإدارات مرافقه، وإصلاح قاعدتها التنظيمية. كان يرفض “الواسطة”، ويمقت من يبرّرها. ومن بين القصص التي يرويها أقرب الناس إليه، أنّه رفض التدخّل لمنح أحد أبنائه وظيفة في الدولة، لأنّه كان يراه شابّاً مثله مثل غيره، عليه أن يكافح لانتزاع الوظيفة التي يستحقّها.
ظنّ البعض أن علاقة بن شملان بالدولة قد انقطعت كلّيّاً، بعد استقالته من وزارة النفط، ومجلس النواب اليمني. وفي العام 2005، كان اليمنيّون على موعد مع حدث سياسي صادم تمثّل بإعلان الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، عدم ترشّحه للسلطة مجدّداً.
حينها انضمّ بن شملان إلى أصوات المشكّكين في إمكانية تراجع صالح عن قراره، بحجّة تعرّضه لضغوط داخلية وخارجية، أثنته عن تنفيذ “قراره التاريخي”.
نكوص “صالح” عن عهده ألّب الأحزاب ضدّه، وأفقده الكثير من مصداقيّته، فكان التحدّي الذي فرض عليه، لامتصاص الغضب الشعبي، خوض انتخابات الرئاسة في العام 2006.
قرّرت أحزاب اللقاء المشترك حشر صالح في الزاوية، باختيار مرشّح يحظى بإجماع غير مسبوق، فلم تجد من هو أكثر نزاهة وكفاءة واقتداراً على مقارعة صالح غير، فيصل بن شملان.
كانت الصورة النمطية لبن شملان مختزلة بأنّه رجل اقتصاد في المقام الأوّل، فعُرف بـ”مهندس التغيير”، لكن الإنتخابات الرئاسية أظهرت الحنكة السياسية التي يتمتّع بها الرجل. هكذا فكّكت خطاباته الجماهيرية، ومقابلاته الصحافية، العديد من الطلاسم حول قبوله الترشّح عن “اللقاء المشترك” في وقت متأخّر. هو الذي كان شبّه دخوله الإنتخابات بـ”التضحية”، معتبراً أن “التداول السلمي للسلطة يعتمد على كفاءة المجتمع بشكل عامّ، سواء أكان الحاكم أم المحكوم”.
إتّهمه خصوصه بـ”التشدّد” لكنّه ردّ عليهم بأنّه “صاحب رأي”. حاولوا أن يستفزّوه بموقفه من مكافحة الإرهاب، على اعتبار أنّه كان رئيساً حينها لهيئة للدفاع عن معتقلي جوانتانامو، فردّ بأن “الإرهاب يجب أن يُعرَّف، حتّى لانتعامل مع شيء غير”.
وثمّة من يعيب على بن شملان أنّه استُخدم كورقة في يد حزب “التجمّع اليمني للإصلاح” بغرض ابتزاز صالح، على اعتبار أن حملته الإنتخابية كانت مموّلة بالكامل من الشيخ حميد الأحمر، ومنطقه السياسي لا يختلف كثيراً عن نهج الحزب. كما اعتبر البعض أنّ بن شملان شارك في الإنتخابات كمسيّر وليس مخيّر. ومن المفارقات العجيبة في تلك الإنتخابات، والتي حاول الرجل تجاهلها، إعلان الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، وقوفه إلى جانب صالح، بذريعة أن “جني نعرفه خير، من إنسي ما نعرفه”.
مضى بن شملان في برنامجه الإنتخابي، الذي وضع له شعار “رئيس من أجل اليمن، لا يمن من أجل الرئيس”، وهو ما أثار حفيظة شريحة واسعة من أبناء المحافظات الجنوبية، الذين اعتبروا بن شملان “ملكيّاً أكثر من الملك”.
لم يهاجم فيصل الرئيس اليمني، ولم يقدحه بكلمة، فيما كانت انتقاداته متركّزة على اختلالات النظام ومظاهر الفساد التي تعتريه. قطع الفيافي والقفار، زار المحافظات والمدن الكبرى، ليروّج لبرنامجه، برنامج اللقاء المشترك، ووضع تصوّراً في ختام جولته بأن بإمكانه جذب حوالي 70% من الأصوات لصالحه.
كان دائماً يدعو لإشاعة ثقافة التسامح والبعد عن الغلوّ والتطرف، وفي مناسبات عديدة، حذّر من أن الإستحواذ على السلطة، والإحتقان السياسي، سيقود البلاد إلى أفق مسدود، سينتهي بكارثة.
يرى الكثيرون أن صالح لم يستوعب رسائل بن شملان، لأن الأخير كان متحرّراً من البطانة التي تقود إلى الهاوية. بقي الأول متشبّثاً بالكرسي، ناسياً أنّه كان قد وعد في وقت سابق بعدم ترشّحه لمنصب الرئاسة، لكن عندما وقف أمامه بن شملان كمرشّح، أصيب على ما يبدو بنوبة من “جنون العظمة”، فرمى بثقله واستخدم كلّ سلطاته ونفوذه، وجيّر كلّ أجهزة ومؤسّسات الدولة للفوز في الإنتخابات، وتحقّق له ما أراد بنتيجة مريحة.
أعلن بن شملان قبوله نتائج الإنتخابات، معتبراً، في الوقت نفسه، أنّها “لا تعبّر عن الإرادة الحقيقية للجماهير”. بقي في صنعاء والمرض ينهش جسده، يزاول نشاطه السياسي من خلال عضويّته في ملتقى التشاور الوطني، حيث كان آخر ظهور له في فعاليات الملتقى منتصف 2009، حيث رأى، في كلمته الأخيرة، أن الشعور الطاغي في الجنوب بأن شراكة الوحدة قد انتهت، ولم تعد قائمة، وأن حروب صعدة الستّ والفساد المستفحل وحكم الفرد، إذا استمرّ، سيدخل اليمن في نفق مظلم، وسيجعله يواجه مشاكل كبيرة.
وبعد صراع طويل مع المرض، ورحلات علاج مريرة في الهند وبريطانيا، توفّي بن شملان في منزله في عدن، مطلع يناير 2010. وتنفيذاً لوصيّته، دفن بعد أوّل صلاة، بحضور لفيف من أقربائه ومحبّيه، وكأنّه أراد تجنيب السلطات اليمنية حرج التعامل مع فاجعة رحيله، أولربّما استثماره إعلامياً.