أبوظبي و«الإصلاح»… فوق «الطاولة» ليس كما تحتها
الجنوب اليوم | متابعات
لا يزال اللقاء الذي جمع كل من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وولي العهد الإماراتي، محمد بن زايد، مع أمين عام حزب «التجمع اليمني للإصلاح»، محمد اليدومي، يثير تساؤلاً بشأن ما إذا كانت الإمارات قد قررت المصالحة مع «الإخوان» وفتح صفحة جديدة، أم أن ذلك اللقاء كان له هدف آخر، خصوصاً وأن المواقف التي تلت اللقاء، لم تعبر عن وجود أي مؤشرات إيجابية باتجاه المصالحة أو التقارب.
مصادر سياسية في الرياض، كشفت لـ «العربي»، أن «اللقاء لم يكن بهدف التقارب، وإنما محمد بن سلمان، أحرج بن زايد، ليتفقوا مع حزب الإصلاح، وكان الهدف الرئيسي من ذلك، التغطية على خسارة مقتل صالح، على أن يظهر التحالف متيناً وقوياً مع القوى المحلية لا أكثر، لكن لم يتحقق من اللقاء شيء».
وطبقاً للمصادر، فإن الإمارات والسعودية «في حالة تخبط مستمر بشأن صناعة حليف إستراتيجي لهما في اليمن»، ولهذا السبب «تحصل لقاءات تارة مع الإصلاح، وتارة مع الناصريين، وتارة مع الجماعات السلفية. وهناك لقاءات سرية غير علنية تجري، ولكن لا جدوى».
وتتابع المصادر حديثها بالقول، إن «الخلاصة أن هناك تنافس بين السعودية والإمارات، ومن خلفهما شركاء وحلفاء أكبر منهما يتنافسون أيضاً، فالسعودية مع الأمريكان والإمارات مع بريطانيا، والإمارات لا يختلف دورها عن شركة الهند الشرقية بالنسبة لبريطانيا، وحزب الإصلاح ليس حليفاً للسعودية ولا للإمارات»، والحقيقة أن «الإصلاح يحاول، لكن السعودية والإمارات لا تثقان به، وتتعاملان معه كرفيق سلاح لا كحليف إستراتيجي».
وأكدت المصادر، بأن أحد الأسباب الرئيسية التي تسببت بطول فترة الحرب، «ليس أن هناك طرف دولي يريد بقاء الحوثي»، وإنما «لعدم وجود شريك محلي مؤتمن، لدى القوى الإقليمية والدولية، قادر على حفظ مصالحهم». وبحسب المصادر، فإن السعودية والامارات «لا تثقان حتى بحزب التنظيم الناصري أو الحزب الإشتراكي، ليس الإصلاح فقط».
وتوجه «العربي» بتساؤل إلى أحد قيادات حزب «التجمع اليمني للإصلاح»: أين أنتم من أبو ظبي؟ وما هي نتائج اللقاء الذي جمع محمد اليدومي بولي العهد الإماراتي وولي العهد السعودي؟ ما الذي تحقق؟
يجيب القيادي: «باختصار، كل الأحزاب السياسية غير مرحب بها، سواء الإصلاح أو الاشتراكي أو الناصري أو غيرهم، والطريق يمهد لصعود الجماعات السلفية التي لا تؤمن بالسياسة، وعلى أكتاف هذه الجماعات، ستمزق اليمن وتختفي كدولة، وفي داخل اليمن لن يكون هناك جمهورية والباقي تفاصيل».
ويضيف القيادي، «بالنسبة للإصلاح، هو تحصيل حاصل للموقف من الشرعية اليمنية، ولو قلبنا السلفيين وتوقفنا عن تعاطي السياسة، وحرمنا من الانتخابات، الأمور ستسير معنا بشكل جيد، ولك أن تتخيل، حتى الحزب الإشتراكي مطلوب منه أن يتحول إلى سلفي وتحت إشراف هاني بن بريك».
وكشف القيادي، في حزب الإصلاح، لـ «العربي»، أن اللقاءات بحزب «التجمع اليمني للإصلاح» لن تتوقف، «لكن المطلوب بلد ممزق وغير جمهوري، وهناك عرض إماراتي بزيارة الإصلاح أبو ظبي، والحزب حتى الآن يرى ذلك أمراً صعباً، خصوصاً في ظل بقاء الرئيس عبدربه منصور هادي في هذا الوضع، وتوصل الإصلاح إلى أنه من دون حل الإمارات مشكلتهم مع هادي، من الصعب حدوث زيارة ولقاءات».
من جهتها، أكدت مصادر سياسية مطلعة، في حديث إلى «العربي»، أن «الإمارات مستمرة في سياستها القائمة على محاربة جماعة الاخوان في البلاد، وذلك عبر التضييق والاغتيالات لبعض القادة»، واتهمت وسائل إعلام تابعة لحزب «الإصلاح»، الإمارات بالوقوف وراء «عملية الاغتيال الأخيرة التي طالت أحد قادات حزب الإصلاح في العاصمة المؤقتة عدن».
معلومات «العربي» الواردة من أبوظبي، تفيد بأن «الإمارات عيونها الآن على نجل صالح أحمد سياسياً، وعلى ابن شقيق صالح طارق عسكرياً»، فعلى مستوى الترتيب السياسي للأول، تسعى أبوظبي إبى «إقناع دول عظمى في مسألة رفع العقوبات عنه، وفي حشد قيادات من المؤتمر الشعبي العام المؤثرة لاتخاذ موقف يدفع به إلى الواجهة». أما على مستوى طارق صالح، وبحسب المصادر، فإن الإمارات «تقوم حالياً بالترتيب له في الجنوب، وبالتنسيق بل بالضغط على حلفائها هناك، وعلى رأسهم المجلس الإنتقالي». وبحسب المصادر، فإن أبو ظبي الآن ترتب مع طارق لإنشاء ألوية عسكرية خاصة بقيادته، وقد بدأ طارق باستقبال قيادات وعناصر من الحرس الجمهوري في عدن، على أساس أن تعمل هذه القوة الجديدة في إطار مواجهة جماعة الحوثيين (أنصار الله)، ولكنها في الحقيقة، الهدف منها هو أنها تظل تحت إشراف الإمارات لتنفذ خططها».
مساعي دولة الإمارات هذه، تجعل مسالة التقارب مع حزب «الإصلاح»، كنوع من التكتيك السياسي والعسكري فقط، ولا مؤشر لوجود أرضية لتحالف «أبو ظبي» مع «الإصلاح»، فهذا الأخير يظهر انزعاجه وتوجسه من دفع أبوظبي أسرة صالح إلى الواجهة من جديد، ويعتبر ذلك خطر عليها، وضمن الأوراق التي تلعب عليها الإمارات في مواجهة ومحاربة «الإصلاح»، سياسياً وعسكرياً.
وبشأن ما إذا كان هناك نية لدى الإمارات في بناء تحالف مع حزب «الإصلاح»، يقول المحلل السياسي، ماجد المذحجي، في حديث إلى «العربي»، «فعلياً لم يكن هناك أي لقاء باتجاه المصالحة. كان هناك ضغط سعودي للإمارات بأن تستمع إليهم فقط، لكن فعلياً كان من واضح منذ البداية، أنه لم يكن هناك مسار فرص التقاء سياسي بين الإصلاح والامارات، ولذلك السقف المرتفع في التوقعات المتصلة بهكذا لقاء منخفض، وبتقديري كان ذلك وهم أكثر مما هو حقيقي».
ويتابع المذحجي، «على هذا الأساس لا توجد تقلبات، أنت لاحظ أن اللغة التي يعتمدها حلفاء الإمارات في مواجهة الإخوان المسلمين في اليمن لم تتغير، هي ذاتها اللهجة الحادة والعالية، على الرغم من أن اللقاء أثار الأمر. هكذا توجس بشأن ما إذا كان هناك إستراتيجية بديلة بعد مقتل صالح، لكن من الواضح أن الإمارات ما زالت نقاط إرتكازها أساسية، تحالفاتها ثابتة لم تتغير ولا يوجد تذبذب في هذا الأمر. السعوديون حاولوا خلق اختراق في هذا اللقاء، ومحاولة استكشاف وليس هناك ضغط كامل حتى في هذا الأمر، وبالتالي، مسار الإمارات مستقر تماماً كما هو أكثر مما يظنه الآخرين».
العربي