حضرموت والمهرة: تصاعد صراع الأجنحة بين «الشرعية» و«التحالف»
الجنوب اليوم | العربي
دخلت خطة «التحالف» لخلط الأوراق في محافظة المهرة وتسعير التوتر العسكري في وادي حضرموت، منعرجاً خطيراً، بالتفاف السعودية على مطالب المعتصمين في مدينة الغيظة، وتصدير الإمارات لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» ليلعب بورقة تهييج الشارع ضد قيادة المنطقة العسكرية الأولى وقواتها الشمالية.
مساعي «التحالف» في المحافظتين المتجاورتين فضحها «الحراك الشعبي» في الغيظة، الذي أثمر عن نجاح «جزئي» رسمت ملامحه بموافقة سعودية على الانسحاب من مطار المدينة وتسليمه لقوات محلية، إضافة لعدم تدخلها في إدارة ميناء نشطون ومنفذ شحن وعودة انسياب الحركة التجارية منهما بكل أريحية، في المقابل كان وادي حضرموت على موعداً مع موجة جديدة من عمليات الاغتيالات التي طالت شخصيات قبلية واجتماعية بعد أن كانت قد استهدفت قيادات أمنية وعلماء دين في وقت سابق، عودة الاغتيالات شكلت ذريعة للإمارات دفعت بموجبها «الانتقالي» لإخراج مؤيديه إلى الشارع في سيئون للضغط على السلطة للموافقة على نشر «النخبة الحضرمية» في الوادي، في خطوة فسّرت على أنها بنيت أساساً على قناعة بأن «الحراك» المنظم في المهرة، تقوده أجنحة في «الشرعية» محسوبة على حزب «الإصلاح».
تفاؤل أبناء المهرة بمخرجات اعتصامهم انحصر، بعد بروز مؤشرات الانقلاب على مطالبهم، التي مهد أرضيتها الرئيس عبدربه منصور هادي، بإصداره قرارات إقالة لقيادات في السلطة كانت قد تصدّرت المشهد ووجهت تحذيرات شديدة اللجهة للسعودية إذا ما حاولت التنصّل عن تعهداتها، وصلت حد التلويح برفع السلاح ضدها، ولم تمض سوى أيام على قرارات هادي حتى بدأت القوات السعودية بإعادة الانتشار في نقاط عسكرية حيوية بالمهرة في خطوة لجس نبض القيادات القبلية التي تعارض وجودها، ولم تتخذ حتى الان موقفاً موحداً للرد على الاستفزاز السعودي، الذي يرى مراقبون بأنه تجاوز حدوده، بعدما تجرأ المعتصمون على تهديدها ورفعوا أصوات تطالب بإقالة رجلها المحافظ راجح باكريت.
ويخالف الشخصية الاجتماعية يوسف الحجري، الطرح القائل بأن الرابط بين «الحراك» المهري و«الإصلاح» ظاهر وجلي، معتبراً أن «العلاقة بين الحراك المهري المعادي للتحالف وصراع الشرعية ضدها، ممثلة بالإصلاح، هي علاقة خفية».
وأكد أن «حزب الإصلاح، لا يريد أن يظهر بالواجهة، ﻷن هناك أطراف تسعى ﻹضعافه أكثر من ما هو ضعيف الآن، ناهيك عن الكره الذي يكنه التحالف له ودول الخليج، باستثناء قطر».
وتوقع أن «يظل الحراك المهري، في حالة (الإسبات)، وسيتم استخدامه كورقة رابحة متى ما احتاجته شرعية الإصلاح، كونها من إنشاء هذا الحراك الذي لم يعرف من قبل الأحداث الأخيرة».
ما ذهب إليه الحجري ينبئ بضبابية المشهد في المهرة، التي تجمع قبائلها على عزلها عن مفاعيل الصراع العبثي الذي تحاول «الشرعية» و«التحالف»، إقحامها بداخله، لأغراض سياسية لا تمت لهم بصلة، وهو ما قد يفسر عدم اتخاذهم ردة فعل متهورة، إزاء تجاوزات «التحالف» حتى الان.
ويرى الصحافي محمد بن علي جابر، في حديثه لـ«العربي» أن «ما يجري في المهرة هو صراع ما بين التحالف الممثل بالسعوديه والإمارات وسلطنة عمان على المصالح والاستحواذ على ما تبقى من الساحل اليمني على بحر العرب».
ويوضح أنه «حين تسيطر السعوديه على الساحل الممتد من شبوة إلى المهرة، في البحر العربي، ستكون سلطنة عمان هي المتضرر الأول في حال ما مر النفط الخليجي بهذه المنطقة».
ويؤكد أن «السلطنة تحصل على عوائد كبيرة من مرور النفط عبر مضيق هرمز، مايجعلها تصارع على تطويع المهرة، لتكون تحت إشرافها».
وإذا كان من الصعب تحديد اتجاهات الرياح العاصفة في المهرة، ولمن ستكون الغلبة في صراع الأجنحة المتشابكة؟ فإن المحلل السياسي محمد بخيت، يتوقع أن يضع يوم الخميس القادم، وادي حضرموت على «فوهة بركان»، عندما ينفذ «الانتقالي» وعده بتنظيم العصيان المدني، الذي «يخشى أن يؤدي إلى صدامات شبيهه بما كان يجري في سنوات خلت، يسقط خلالها ضحايا، يستخدمهم الانتقالي والنخبة ومن خلفهما الإمارات، لمحاولة التمدد في الوادي بذريعة حماية المدنيين».
ولا يستبعد بخيت أن يشهد الوادي «تكرار سيناريو أحداث يناير في عدن»، التي لم يحقق من خلالها «الانتقالي» أي مكسب سياسي، رغم انتصاره العسكري «المحدود» على الأرض.
(العربي)