حراك سياسي وقبلي لسحب الجنوبيين من جبهات الشمال
الجنوب اليوم | العربي
أحمد الحسني
تستمر قيادات في «الحراك الجنوبي» وأخرى سياسية وقبلية ومجتمعية، في إثارة قضية انخراط الشباب الجنوبي في الجبهات خارج الحدود، إذ يمثل اندفاع الشباب الجنوبي إلى تلك الجبهات، خسارة بشرية بحسب رأي تلك القيادات. وبعد ثلاث سنوات من الحرب في اليمن، أصبحت عشرات الألوية والكتائب الجنوبية تقاتل بـ«شراسة» على طول وعرض الجبهات خارج حدود الجنوب، في وقت انكفأت القوات الشمالية عن خوض معارك في الشمال، وخصوصاً تلك الألوية التابعة لحزب «التجمع اليمني للإصلاح».
بعد حراك أبناء الصبيحة القبلي، وبالتزامن مع دعوة رئيس «الحراك الثوري»، حسن باعوم، التي تضمنت رسالة تتفق عليها الكثير من القوى الوطنية الجنوبية بعدم الإنجرار خلف القيادات والجماعات التي تجيّش الجنوبيين في حروب خارج حدود العام 1990، في عمليات تصفها قيادات بـ«المتاجرة بدماء الجنوبيين مقابل مبالغ مالية طائلة تذهب لتلك القيادات»، بعد هذا الحراك السياسي والقبلي والمجتمعي، بدأ يتمدد وتتسع دائرته ليشمل مناطق جنوبية أخرى متفرقة.
الإثنين الماضي، تشاور مشائخ آل بالليل في محافظة أبين «لوقف شلال الدم الجنوبي في جبهات خارج الجنوب»، مؤكدين على أن دعوة، حسن باعوم، جاءت في «لحظة تاريخية هي الأخطر على الجنوب». وأوضحوا أن «الأيام المقبلة ستشهد خطوات هامة لوقف هذا المخطط الذي يستهدف أبناء الجنوب».
وفي موازاة ذلك، حذر سياسيون ونشطاء ورجال قبائل في عدد من مدن الجنوب، من خطورة الزج بمئات الشباب في جبهات القتال خارج حدود الجنوب.
واعتبر الشيخ القبلي، بدر المرقشي (أبو محمد)، في حديث إلى «العربي»، أن «ذهاب الشباب إلى الجبهات، يُعد بمثابة محرقة لهم في أرضٍ ليست أرضهم».
ولفت المرقشي، إلى أن «هناك مساعي من قبل القبائل والشخصيات الإجتماعية والسياسية، للوقوف ضد ظاهرة استقطاب الشباب صغار السن، تحت ضغط العوز والفقر إلى الجبهات خارج الجنوب».
وفي محافظة شبوة، وجه ناشطون سياسيون دعوات إلى أبناء تلك المناطق، بعدم الذهاب إلى جبهات البيضاء القريبة من بيحان، إضافة إلى الجبهات الأخرى في الشمال.
واعتبر الناشط السياسي، أديب صالح، في حديث إلى «العربي»، أن «مشاركة أبناء الجنوب في القتال خارج أرض الجنوب، كارثة كبيرة جداً، وتضحيات لا تخدم الجنوب أرضاً وإنسانأً»، مضيفاً أنه «كان من المفترض عودة كل المقاتلين والتمركز على أرض الجنوب، وترك الشمالين في الشرعية يقومون بدورهم، إن كان لهم تأييد في مناطق الشمال».
ولفت صالح، إلى أن «الجنوب بحاجة للتضحيات التي يقدمها أبناء الجنوب في الساحل الغربي والبيضاء وصعدة، وبقية الجبهات، والتي بمجرد المصالحة السياسية، تذهب كل تلك التضحيات».
وأكدت مصادر لـ«العربي»، أن «جهات استقطبت المئات من الشباب، بمعدل عشرة باصات حمولة 16راكباً يومياً، من مختلف مناطق الجنوب، من قبل شخصيات ترتبط بالتحالف، إلى الجبهات في الساحل الغربي وعلى الحدود السعودية».
وأضافت المصادر لـ«العربي»، أن «راتب المقاتل أربعة آلف ريال سعودي في الشهر للجندي الذي يذهب إلى منطقتي العبر والبقع على الحدود مع السعودية، فيما يتقاضى المقاتل الجنوبي في الساحل الغربي ألفي ريال سعودي في الشهر».
ويرجع مراقبون، أسباب انخراط الشباب الجنوبي في الجبهات على الحدود السعودية، أو في المناطق الشمالية، إلى «سياسة متعمدة» من قبل «التحالف»، «بعد أن عطّل المؤسسات وأوقف المرتبات، ولم يترك باباً للرزق أمام المواطن الجنوبي إلا في الذهاب إلى الجبهات».
حركة «تاج الجنوب العربي»، ربطت قبل أيام في بيان، الأوضاع المعيشية في الجنوب وفتح الجبهات في الشمال وتحويل «عدن إلى معسكرات خلفية للغزاة».
وحمّل بيان الحركة «التحالف العربي وحكومة الشرعية والإدارات المتعاقبة المسؤولية الكاملة عن وصول الأوضاع إلى هذه الدرجة من المأساوية وإستمرارها، وأنصرافهم إلى قضايا ليس للجنوبيين فيها ناقة ولا جمل».
من جهته، اعتبر السياسي الجنوبي أزال الجاوي، أن حراك أبناء الصبيحة القبلي، حقق «الدرس الأول في التصعيد الثوري السلمي، للوصول إلى مبتغاه وأهدافه». وتمنى أن يكون «التحالف قرأ الرسالة بشكل صحيح»، مضيفاً أن «الذي يستطيع أن يسحب ولو جزء من المقاتلين من أهم جبهة ملتهبة في أهم معركة حاسمة منذ بدء الحرب، قادر على فعل الكثير في أماكن أخرى».
من جهتها، اعتبرت القيادية في «الحراك الجنوبي»، الدكتورة هدى العطاس، في حديث إلى «العربي»، أن «منطق السؤال وركائز السياسة تحتم أن نسأل، بل نطالب: أولاً المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يتصدر الواجهة السياسية الجنوبية، وذات السؤال والمطالبة تتوجهان إلى دول التحالف: مقابل ماذا يشترك الجنوبيون في القتال في أراضي الشمال وجبهاته»، لافتةً إلى أن «مصلحة الجنوب تحتم المطالبة باتفاق واضح يخدم مستقبله ويحقق هدف شعبه ويوازي تضحيات شهدائه، وتفرض في السياق الاعتراف المعلن والصريح بالقوى السياسية الجنوبية، وضرورة استقلاليتها، وعدم فرض التبعية والهيمنة عليها، وإلحاقها قسراً أو التفافاً بمشاريع تنتقص من إرادة شعب الجنوب، والمطالبة بمعاملة الفاعلين السياسيين الجنوبيين بذات الندية التي تتعامل بها دول التحالف والمجتمع الدولي مع نظرائهم من بقية القوى السياسية اليمنية الأخرى، المندرجة في الشرعية أو في خارج الشرعية».
ويؤيد «المجلس الانتقالي» التابع للإمارات، و«المجلس الأعلى للحراك» المقرب من «الشرعية»، انخراط الجنوبيين في جبهات خارج الحدود. وتعتبر مشاركتهم جزءاً من «الشراكة مع التحالف العربي لحفظ الأمن القومي العربي»، لكن شخصيات جنوبية أخرى، تطرح تسائلات عن «كيف لشعب الجنوب أن يحفظ أمن الآخرين وهو من دون أمن ولا أمان ولا مستقبل واضح؟».