رسالة إلى كل أبا وأمهات المقاتلين الجنوبيين في الشمال .. احقنوا دماء أبنائكم .
الجنوب اليوم | متابعات خاصة
فقدت إحدى الفتيات شقيقها في معركة الحديدة ، ولكنه بمقتلة كشف الوجة الخفي والقبيح للإمارات وأدواتها في جنوبنا الذي ينزف بعيدأ عن القضية.
الفتاة التي خيم عليها الحزن ونزل خبر ماحدث لمقاتلي الجنوب في الدريهمي كالقارعة . جلست كعادتها عند الثامنة والنصف أمامَ شاشةِ قناة المسيرة، لتتابع سير المعارك باهتمامٍ بالغ، وتركيز كبير، وكأنَّها أحدُ المحللين السياسيين..
وما إن يصلُ المذيع إلى أخبار الساحل حتى تنهضَ واقفة، وتقتربُ من التلفاز أكثر..
وفي المرة الأخيرة يقول المذيع”والآن ستشاهدون بعض المشاهد الجديدة من معركة الدريهمي”…
اقتربت الأختُ بقلبها المضطرب، وعيونها المترقبة، شاهدت أسراب الأسرى وهم يرفعون أيديهم، اقتربت أكثر لعلها تشاهِدْ أخيها الوحيد..
مسحَت بعينيها كل الأسرى وأخذت تعد العشرات منهم واحدًا واحدًا..لكنها لم ترَ أخيها..ومع ذلكَ فقد كانتْ مسرورة وهي ترى المعاملة الحسنة والأخلاق العالية التي كان الجيش واللجان يعاملون بها الأسرى..
وابتسمت بسعادة وهي تسمع أحدُ رجال الرجال يقول للأسرى”أنتم إخوتنا..أنتم في وجه الله..لن يمسكم أحدٌ بأذى”…
لكنها ما زالت تجول بناظريها بسرعةٍ بين الأسرى، فيما نبضاتُ قلبها تتسارع…
وجاء صوت المُذيع قائلاً”والآن سنعرضُ لكم مشاهد بعض القتلى” ودارت الكميرا مع الكلمات، وبدأت الصور تتوالى وعينا المرأة المفتوحتان تتحركان باهتمام،
وتمر الجثة الأولى والثانية والثالثة والعاشرة وفي كل مرة تصيح المرأة
“الحمد لله لم يكُن أخي بينهم”..
وتدور الكاميرا إلى بقعة بعيدة تظهر فيها جثتان، ويدور حولهما كلبان..اقتربت الكاميرا نحو الجثتين، وقلبُ المسكينة يكادُ يكسِّر الأضلاع من شدة ضرباته..
شاهدت الجثة الأولى فهدأ قلبها قليلاً..نظرت إلى الأخرى فإذا بها جثة أخيها..
أخيها بشحمه ولحمه..رافعًا يديه والكلابُ تحوم حوله..
سقطت المسكينةُ أرضًا تصيحُ وتولول، وتبكي وتنتحب..اجتمعَت النساء حولها، وحضر الجيران لمواساتها، وهي تهذي بكلامٍ كثير فيه من اللعن والسباب والتشهير..
فتقول تارةً “بِعتَ نفسكَ يا أخي بثمن بخس” وتارة”تركوك الأنذال للكلاب” وحينًا”كم أخبرتكَ أن نهايتك مأساوية” وتردد”قبَّح الله الغزاة”…
وبعدَ لحظات يرن هاتفها بصوت ينبئ عن وصول رسالة من هاتف أخيها مكتوب فيها”أخوكِ قُتل وجثته في الدريهمي أخبري رفاقة أن يأخذوها”..لكنها تسمرتْ ولم تُجِبْ ..فرنَّ الهاتفُ باتصال..وما إن فتحت الخط حتى خاطبها أحد رجال الرجال قائلاً:
“يا أختي أخوك قتل في الدريهمي وجثته فوق الرمال ونخشى عليها من الكلاب..فأخبري رفاقة أن يأتوا ويأخذوها…” وأغلق الهاتف، وافتتحت المسكينة جولة نحيبٍ جديدة…
وما إن أصبح الصباح، حتى لبست عباءتها، وارتدت نقابها، وذهبتْ تركض في عدن حتى وصلت إلى معسكرات دعاة الموت التي انطلقَ منها أخيها…
فأخبرتهم بما شاهدَت، لكنها فوجئت بطردها وتهديدها بالسجن إن لم تُغادر..لم تكُن تفهم من لهجاتهم ولغاتهم إلا النزر اليسير..إلاَّ أنها أحسَّتْ بدفعهم لها بقوة، وتألمت بشدة من ركلاتهم الموجعة…
لملمتْ بقايا خطواتها المثقلة، وذهبت إلى مسئولي الأمن في عدن واحدًا تلو الآخر، وكل واحدٍ منهم يرمي باللائمة على الآخر..
بكَتْ أمامهُم بحرقة وهي تقول
“لا أريد شيئًا سوى إعادة جثة أخي قبل أن تأكلها الكلاب”
لكنهم تخلَّصوا منها ، وكل واحدٍ منهم بطريقته وأسلوبه، وكان ألطفهم من قال لها”التحالف يتحمل المسئولية” وكان أفضلهم من أجابها”هذا مصيرنا سواء هنا أو في الساحل”
وكانَ أرذلهم من ردَّ عليها”احمدي ربك..تأكله الكلاب ولا الحريق داخل المدرعات”
تدحرجت المسكينة بقلبها المكلوم، وأقدامها المنهكة، ونفسها المكسورة، إلى منزل فتحي بن لزرق، وشكَتْ له حالها وترحالها..فاقتطع المذكور جزء يسير من حديثها ونشَر المقطَعْ…
رسالتي لكل أخ وأخت وأب وأم؛ من أخواننا في الجنوب:
اخرجوا في مظاهرات كبيرة؛
لتنقذوا أبناءكم من جحيم الساحل..
وتحرروا أسراكم بالتبادل..
وتسحبوا جثث القتلى قبلَ أن تأكلها الكلاب…فالقيادات يفرون من المعارك ويتركون ابناءكم وقود حرب .. والأحري أن نوقف مآسينا بايدنا .. فقضيتنا ليست في الحديدة بل قضية الجنوب فلنعمل من اجل دولة مستقلة عاصمتها عدن ، فالنرفع رايات الجنوب عالية في كل منزل ،، فلنحمي الجنوب من الاعداء الخفيين الذين يصدرون ابنائنا إلى جبهات الموت .. فلنمت من اجل عزة الجنوب وسيادته ورفتعه وقضيته العادل ولندفن الأعداء الذين يستنزفون ابنائنا في معارك عبثية ..
ارجو ان تصل الرسالة إلى قلب كل جنوبي حر. ..