منبر كل الاحرار

«المجلس الانتقالي»: «فزاعة» إماراتية في الجنوب

الجنوب اليوم | العربي

 

لم يكد يمضي عام واحد من عمر «المجلس الانتقالي الجنوبي» الذي تم الإعلان عنه في 11 مايو 2017 في مدينة عدن، و ما صاحبه من احتفالات وخطاب أراد من خلاله الظهور بأنه الحامل السياسي للقضية الجنوبية، والمعبر عن حق الجنوبيين في الاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية، حتى توارى عن المشهد السياسي الجنوبي، وهو أمر فتح الباب واسعاً أمام الجميع للتساؤل عن مدى قدرته على البقاء، وقد توارى قبل مرور العام الثاني من عمره.

تنصل «الانتقالي»
ظل «الانتقالي الجنوبي» يصف حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي بالفاسدة، معلناً أنه من أولويات مسؤولياته التصدي لها وإسقاطها، وتجلى ذلك في مطلع العام الجاري 2018 عندما أمهل الرئيس هادي أسبوعاً فقط لإقالة الحكومة، وإلا فإنه سيتخذ الإجراءات الصارمة في مواجهتها، ولو عسكرياً.
وبرهن «الإنتقالي» عن جديته في ذلك بإعلانه الحرب التي دارت رحاها في أنحاء من عدن، واستمرت لثلاثة أيام بين 28- 30 يناير. وكان من أهم نتائجها تأكيده لمناصريه مدى قدرته على تحقيق «أحلامهم» في الحرية والاستقلال. وفي المقلب الآخر، ظهر بنظر أطراف جنوبية أخرى بأنه متسرع ولا يجيد فن السياسة، وأنه قد غلب على قياداته العسكرية استخدام القوة التي تتعارض مع أهداف الحراك الجنوبي السلمي، وأنه بذلك يكون قد انزلق إلى التعبير عن أهداف وتطلعات أطراف في «التحالف العربي» لها مشاريعها الخاصة على المستويين اليمني والإقليمي.
في مقدمة تلك الأطراف دولة الإمارات، التي تحملت وما تزال أعباء إنشاء «المجلس» والسيطرة على كل قراراته، ويتأكد ذلك في نظر مراقبين في تنصل «الانتقالي» من مسؤولياته التي سبق إعلانه عنها، وفي مقدمتها صمته المروّع عن مختلف القضايا المتعلقة بفساد الحكومة، خاصة بعد وصول الأحوال المعيشية للمواطنين إلى أسوأ حالاتها بعد التدهور الحاد لسعر العملة الوطنية، مقابل العملات الأجنبية.
في هذا السياق، تحدث إلى «العربي» المحاسب القانوني مصطفى يونس، قائلاً: «لقد أصيب الشارع الجنوبي بصدمة عنيفة؛ نتيجة الموقف السلبي للانتقالي الجنوبي من تدهور الحالة الاقتصادية، نتيجة إهمال وفساد الحكومة، وعدم وضعها حداً لتدهور سعر صرف الريال اليمني أمام الدولار»، وتساءل يونس: «ما هو سر هذا التجاهل؟ لماذا لم يصدر الانتقالي بياناً، يعبر من خلاله عن موقفه؟ لماذا لم يحرك الشارع الجنوبي؟».
وفي رده على الدور البارز الذي لعبه «الانتقالي» في مواجهة الحكومة في الأشهر الماضية، ووصوله إلى حد المواجهة العسكرية، قال يونس: «هنا تزداد حالة الغرابة اتساعاً؛ لأن الأحوال المعيشية اليوم أشد صعوبة من يوم إعلان الانتقالي الحرب في مواجهة الحكومة، نحن اليوم نتساءل أين المجلس الانتقالي؟ ولماذا لم يصدر بياناً، ولماذا لم يحدد موقفاً؟ لا نريده أن يعلن الحرب من جديد».
وأضاف «لأن قرار الحرب التي راح فيها عشرات الضحايا، ليس بيده، وقد أثبتت الوقائع والأحداث أن من أدار تلك الحرب هي قوى داخل التحالف»، في إشارة منه إلى دور الإمارات، باعتبارها اللاعب المتفرد في كل ما يتعلق بالجنوب.

بالونة هواء
الأوضاع المعيشية صارت مأساوية ويعاني منها الجميع من دون استثناء، وما زالت الحكومة غير قادرة على وضع أي حلول، بل إنها عاجزة عن طمأنة المواطنين على مستقبل الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وما زالت القوى السياسية متجاهلة هذه الحالة، خاصة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة.
إلى ذلك تحدث لـ«العربي» ضابط الاتصالات العسكرية السابق العقيد عبد الرؤوف مراد، قائلاً: «الأوضاع لا تبشر بخير على الإطلاق، ومن الواضح أن الوضع الاقتصادي المأساوي يدار رسمياً من قبل حكومة بن دغر والتحالف العربي»، معللاً ذلك بالقول «إن تدهور سعر صرف العملة اليمنية، يقدم البلاد برمته إلى المجاعة، وأظن أن الحكومة والتحالف هم المعنيين بالدرجة الأولى بوضع حل عاجل واستثنائي لهذه الكارثة التي ستدمر كل اليمنيين».
وتساءل قائلاً «المعروف أن السعودية والإمارات هما من يقودان الحرب في اليمن، وصارت الشرعية ملحقة بهما، وهما قادران على دعم الخزينة اليمنية، ووضع حلول لحالة التدهور الاقتصادي، وإلا كيف استطاعوا وضع حلول للأوضاع الاقتصادية في مصر والأردن، ولم يفكروا بحلول لليمن؟ علينا أن نكون منطقيين في الطرح ووضع الحلول والمعالجات، التحالف مسؤول مسؤولية مباشرة».
وفي رده على الدور الذي من الممكن أن تقوم به الأحزاب والمنظمات السياسية في مواجهة الحكومة وتعرية «التحالف» وسياساته، تجاه ما وصلت إليها الأوضاع المعيشية في البلاد، قال مراد: «لم يعد للأحزاب السياسية أي دور في الساحة الوطنية، مثلاً في المناطق المحررة، وتحديداً مناطق الجنوب، الأحزاب لم تعد موجودة، وكان يفترض أن يكون حزب الإصلاح موجود، لكن كلنا يعلم حجم المضايقات التي تعرض لها، بضغوط من التحالف، ووصل الأمر إلى حد حظره عن ممارسة عمله الحزبي»، مضيفاً «جاء الانتقالي الجنوبي ليحل محل الجميع، وكان الجنوبيون قد رحبوا به، كفاعل سياسي، لكن اتضح مؤخراً، أنه لم يكن سوى بالونة هواء، أو لعبة إماراتية جوفاء، استطاعت من خلاله إيهام بعض الجنوبيين بدوره وأهميته، واتضح أنها تتخذ منه وسيلة ضغط لتمرير مخططاتها في اليمن والجنوب بالتحديد».
وفي تعليقه عن أي دور يمكن أن يقوم به «الانتقالي» في مواجهة الحكومة بظل الأوضاع المعيشية، قال مراد «الانتقالي يمثل الإمارات والتحالف، ولأن الأوضاع المعيشية الصعبة جاءت نتيجة عدم تحمل التحالف لمسؤولياته في وضع الحلول، فإن الانتقالي لا يمكن أن يقدم على تحريك الشارع ضد الحكومة؛ لأنه بذلك سيحرج التحالف»، مضيفاً «التحالف بهذه الطريقة، يكون قد أنهى الانتقالي، وألغى أي مصداقية له في المستقبل على مستوى الشارع الجنوبي».

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com