صحيفة | حرب أهلية تلوح في الجنوب: العودة إلى التقسيم؟
الجنوب اليوم | صحافة
لفتت صحيفة «ذي إندبندنت» إلى أن «حرباً أهلية خطيرة» تلوح في جنوب اليمن، وهي حرب «تعود جذورها إلى حقبة تسبق وجود (دولة) اليمن الموحد نفسها»، شارحة أن «هناك طرفاً واحداً على الأقل يكسب» جراء الحملة الجوية، التي يقودها «التحالف» في البلاد، منذ العام 2015، وهو تيار «الإنفصاليين الجنوبيين»، الذي يعتبر أن «ضرب الحوثيين، إنما هو مجرد مقدمة للمعركة الحقيقية».
وأضافت الصحيفة البريطانية أن «الصراع القادم في اليمن»، سيتمثل بخوض «حرب من أجل استقلال» الشطر الجنوبي من البلاد، «والعودة إلى تقسيم الدولة». وفي هذا المجال، قال آدم بارون، وهو باحث في «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية»، إن «التوترات (في الإقليم الجنوبي لليمن) تسجل أعلى مستوياتها على الإطلاق»، موضحاً أن الطرق التي تدار بها الأمور في تلك المنطقة تشير إلى أن هناك «حداً حقيقياً للمدى الذي يمكن فيه تجاهل، وتنحية المسائل (المتصلة بموروثات الصراع بين الشمال والجنوب) جانباً».
وذكّرت «ذي إندبندنت» بأن اليمن توحد في العام 1990، إثر حرب أهلية بين الشطرين الشمالي، والجنوبي، دامت أربعة سنوات، وانتهت بخسارة الأطراف الجنوبية، مشيرة إلى «شخصيات إنفصالية، سواء من أولئك المتواجدين في جنوب اليمن، أو المقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة، تحدثت عن قيام (قوات) الشمال باحتلال مناطقهم، لدى خسارتهم تلك الحرب». ومن هذا المنطلق، عبرت إحدى تلك الشخصيات للصحيفة بالقول «إنه احتلال (شمالي)، لا نزال نشعر به اليوم».
وأشارت «ذي إندبندنت» إلى أن الصراع بين قوى الشمال، والجنوب في اليمن، «قد لا يشكل قضية مهمة، بالنسبة للغرب»، لافتة إلى أن «حركات التمرد، وفي خضم خطوط الصدع القائمة للمعركة في اليمن، تنزع باتجاه الانتعاش» في ظروف الصراع، حيث استفاد «تنظيم القاعدة» من بدء حملة «التحالف» في اليمن في العام 2015، ليعمد وقتذاك إلى إحكام سيطرته على مساحة تقدر بنحو 700 كم، من الخط الساحلي للبلاد. وحذرت الصحيفة من أن «اندلاع حرب أهلية أخرى» من رحم الحرب الدائرة حالياً، «لن يسفر إلا عن توفير المزيد من الأرضية الخصبة لعودة (نشاط) تنظيم القاعدة».
وألمحت «ذي إندبندنت» إلى أن تفجر الصراع بين الشمال، والجنوب «يمكن أن يضع قوتين شرق أوسطيتين، حليفتين للمملكة المتحدة، أي المملكة العربية السعودية، والإمارات المتحدة، في قبالة بعضهما البعض»، منبهة إلى وجود «عواقب مدمرة محتملة» لإندلاع مواجهة سعودية – إماراتية بشأن اليمن، خصوصاً أن الإماراتيين، و«خلافاً للسعوديين، عمدوا إلى نشر بنى تحتية عسكرية خطيرة في كافة أنحاء جنوب اليمن». وأردفت الصحيفة، بالاستناد إلى مشاهدات الكاتب في قواعد عسكرية تابعة لـ «التحالف» على مدى خمسة أيام، أن أبوظبي، ومن خلال بعض الوكلاء المحليين، «تسيطر على معظم مدارج الطائرات، والقواعد والموانئ البحرية على طول الساحل الجنوبي لليمن، والذي يتمتع بأهمية استراتيجية»، في حين «لم أشاهد ضابطاً سعودياً واحداً». وفي السياق عينه، روى الكاتب تفاصيل ما دار بينه، وبين خالد الخالي، وهو الضابط المسؤول عن الكتيبة العسكرية المكلفة حماية مطار عدن، وإدارته، شارحاً أن الأخير، أسوة بنظرائه من الضباط، المدعومين من أبوظبي، ينظر إليه من قبل اليمنيين، تارة على أنه «شخصية نافذة في الحراك الجنوبي»، وطوراً على أنهم قائد «مشاكس». كما أوضح الكاتب أن اختيار الخالي، لتولي مهام إدارة وحماية مطار عدن، الذي أصبح نقطة الدخول، والخروج الأساسية من وإلى اليمن، إثر إغلاق مطار صنعاء من قبل «التحالف»، «يحمل أهمية بالغة».
وعن علاقة حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، بالحكومة الإماراتية، شددت «ذي إندبندنت» على أن «سوء نوايا» الطرفين إزاء بعضهما البعض، «لم يعد خافياً»، في ضوء الاشتباكات المسلحة التي شهدتها عدن في يناير الماضي، بين قوات تابعة لهادي، وأخرى تابعة لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي»، المدعوم إماراتياً. وأشارت الصحيفة إلى أن القوات التي تدعمها الرياض من جهة، وتلك التي تدعمها أبوظبي من جهة ثانية، «تبدو في حالة حرب» بينها، موضحة أن مدينة عدن، ورغم السماح لهادي بالعودة إليها في يونيو الفائت، «لا تزال تشوبها توترات».
وعن نظرة بعض القيادات الجنوبية لمستقبل اليمن، أفاد عمرو البيض، وهو نجل علي سالم البيض الذي كان يرأس دولة «اليمن الجنوبي»، بأن «تقسيم اليمن لا يعد أمراً حتمياً وحسب، إنما يعد ضرورياً من اجل استقرار المنطقة»، منبهاً من أن «خطوط التجارة الدولية ستتأثر، كما أن المعركة ضد تنظيم القاعدة، ستتأثر» إذا لم يحصل ذلك. وحذر البيض، في حديث إلى «ذي إندبندنت»، من أنه «بدون استقلال الجنوب، ستكون هناك دوامة من العنف بين الشمال، والجنوب على الدوام»، مشدداً على أنه «لا يمكننا بناء دولة مدنية مع الشمال، ذلك أن (جهود) إعادة الوحدة أخفقت»