أيدي الامارات تعبث بعدن: الخمور المسمومة مثلاًَ
الجنوب اليوم | العربي
إسماعيل أبو جلال
على الرغم من مزاعم «التحالف»، وتحديداً دولة الإمارات، بنجاحها أمنياً في مدينة عدن، خاصة بعد تفردها بالإشراف المباشر على قوات أمنية موالية لها، أبرزها «الحزام الأمني»، إلا أن الوقائع على الأرض تؤكد زيف ما تدعيه أبوظبي.
فالمدينة التي تطلق عليها «الشرعية» تسمية «عاصمة البلاد المؤقتة»، شهدت في السنوات الآخيرة أبشع أنواع الجرائم، فقد تزايدت حدة الاغتيالات التي استهدفت أئمة مساجد وقيادات أمنية وعسكرية وناشطين، بلغ عددهم العشرات، والغريب أن تلك الجرائم ما زالت تقيد ضد مجهول، ناهيك عن اتساع ظاهرة حمل السلاح في أوساط الشباب.
الانفلات الأمني «المنظم» في عدن، ساهم أيضاً في الانتشار الواسع للمخدرات وحبوب الهلوسة، مما جعل المدينة مسرحاً لجرائم غير مسبوقة، أبرزها ما تحدثت عنه التقارير الصحافية التي نشرت مؤخراً، وأكدت وفاة أكثر من 40 مواطناً في أسبوع واحد، بعد تناولهم لخمور مسمومة، وتقاعس الأمن في الكشف عن المتورطين فيها، وسط محاولات من أطراف موالية لـ«التحالف» للتعتيم على الجريمة وأعداد الضحايا، والتستر على المتهمين، لتضاف هذه الجريمة إلى جرائم يقوم بها «التحالف».
تلك الجرائم كشف جانباً منها تقرير لجنة الخبراء في الأمم المتحدة، والذي أكد تورط الإمارات في جرائم التعذيب في السجون السرية التابعة لها في عدن، وتقرير موقع «بازفيد» الأمريكي، الذي أكد «استئجار الإمارات، شركة لتجنيد مرتزقة أمريكيين لتنفيذ اغتيالات في عدن».
نوع السموم
العديد من الصحف والمواقع الإخبارية كانت قد تناقلت في الأسبوع المنصرم، أخباراً وتقاريراً، عن وفاة العشرات من أبناء عدن، جراء تناولهم خموراً مسمومة، من دون أن تفصح تلك التقارير عن نوعية السموم التي أضيفت لتلك الخمور، فيما رجح البعض منها أنها نوع من مادة «السبرت» القاتل، فيما ذكرت تقارير أخرى أن «المادة السامة التي استخدمت لا علاقة لها بمادة السبرت المخدر، وإنما هي مادة قاتلة، تم تصنيعها خصيصاً بهدف القضاء على متعاطي الخمور في عدن».
الدكتور صيدلي ماجد عبد الواحد، قال في حديث خاص لـ«العربي»: «من خلال متابعتنا للقضية، ولقائنا بالمختصين في تحليل الأعراض التي بدت على المصابين، وأسباب وفاة بعضهم، وحديثنا مع الأطباء في مستشفى الجمهورية، استنتجنا مبدئياً، بأنه لا يمكن أن تكون الوفاة نتيجة لتناول أي نوع من أنواع السبرت المسكر، فأي نوع منه لا يؤدي إلى الوفاة».
وأوضح «أن أقصى تأثير جانبي لتناول السبرت، يمكن أن يؤدي إلى العمى المؤقت، نتيجة لتأثيره على الخلايا العصبية الخاصة في الدماغ، ويمكن تفاديه باستخدام جرعات مستمرة من الأدوية المحفزة لحركة الدم في الدماغ، وتكون هي الغالبة في الغذاء الواصل إليه، طيلة فترة التداوي».
ورجح عبد الواحد، ما خلصت إليه تقارير صحافية سابقة، بأن «المادة الكيماوية السامة تستخدم في التحنيط، أو من وقود الطائرات»، بقوله «أعتقد أن هذا التفسير هو الأقرب إلى الصواب، لأن درجة السمية عالية، وما زالت بالنسبة لنا غريبة جداً، وكل المؤشرات تدلل على أنها من مواد تم تركيبها بعناية وهدفها القتل بالدرجة الأولى».
المعمل الجنائي
لم يتسن لــ«العربي» الحصول على تفاصيل أوفى من ضباط فرع المعمل الجنائي بعدن، نظراً للتوجيهات الصارمة بعدم التصريح بأية معلومات تتعلق بالقضية، وبعد جهد مضاعف، تحدث لـ«العربي» النقيب (ف. ش)، وهو من مسؤولي التحريات في أمن المدينة، مفضلاً عدم ذكر اسمه، قائلاً، «كل المؤشرات تؤكد أن المادة السامة التي استخدمت في ما تم الترويج له كخمور، هي من البنزين الخاص بالطائرات، مضاف إليه مواد شديدة السمية، تستخدم في التحنيط، لأنها قادرة على قتل كل أنواع البكتيريا القابلة للحياة».
مسؤولية الإمارات
وشدد النقيب (ف. ش) «على أن هذا النوع من البنزين غير متوفر، إلا في مطار عدن، وتحت سيطرة القوات الإماراتية مباشرة، وأذرعتها الفاعلة في عدن»، وفي إجابته على سؤال «العربي»، عن إمكانية أن تكون هناك علاقة بين أذرع الإمارات في مطار عدن وإنتاج الخمور المسمومة، قال: «نعم، ونحن في إدارة التحريات تابعنا هذه الحالات منذ عدة أشهر، ولكن نواجه بتهديدات من المسؤولين على هذه العمليات الخبيثة، ونضطر إلى السكوت عنها».
وكشف عن أن «المعلومات لدينا تؤكد بأن عدد المتوفين نتيجة الخمور المسمومة تجاوز 92 ضحية، وأن العملية بدأت منذ حوالى ستة أشهر، إلا أنها ظهرت مؤخرا، بعدما توفي 7 أشخاص من منطقة واحدة في الخساف يمدينة كريتر، ومن ضمنهم الفنان الشعبي تمباكي»، مؤكداً «نحن لن نسكت، وسنفضح الجميع، وفي الوقت المناسب».
وفي تعليقه على موقف وزارة الداخلية التابعة للرئيس عبدربه منصور هادي، من هذه الجرائم، قال: «الداخلية لو هي جادة، وتهتم بالمواطن، كانت ستصدر بياناً أو تعليقاً حول ما جرى، إلا أنها حتى اليوم، تضع أذن من طين وأذن من عجين»، ملمحاً إلى وجود طرف في «التحالف» له يد في هذه القضية، وهو «لا يستبعد أن يظهر متلبساً في هذه الجريمة، كما ظهر في قضايا وجرائم سابقة، في تقارير أممية وصحفية»، في إشارة إلى دولة الإمارات.
انتشار غير مسبوق
يبدو أن الانتشار الواسع للمخدرات وحبوب الهلوسة في عدن، بات ممنهجاً ضمن دوامة العبث والفوضى في أمن عدن، التي يتحمل مسؤوليتها «التحالف»، وضحيتها الأولى شباب عدن.
إلى ذلك، تحدث إلى «العربي» الباحث والاخصائي الاجتماعي التربوي محفوظ عبد الرحمن، قائلاً «صار من الملاحظ في السنوات الأخيرة ظاهرة انتشار المخدرات بشكل مخيف في مختلف أنحاء مدينة عدن، حتى صار بيعها في الجولات وفي الدكاكين، من دون أن يعترضهم أحد، في تواطؤ واضح من قبل الأجهزة الأمنية».
وأضاف، «مؤسف أن تصل مدينة عدن إلى هذه الحالة، وأن يعامل أبناء المدينة هذه المعاملة القاتلة، وأن يكون كل ما يحدث بإشراف من التحالف، وخذلان حكومة الشرعية».