طرد النازحين وترحيل العمال ونهب المصالح: عدن تضيق باليمنيين
الجنوب اليوم | صحافة
جريدة الأخبار | رشيد الحداد
تتواصل في مدينة عدن، جنوب اليمن، حملة التعدّي والترحيل التي تشنّها الميليشيات الموالية للإمارات، في أعقاب عملية معسكر الجلاء. حملةٌ استهدفت، إلى الآن، العشرات من العمال وأصحاب المصالح، فيما لم تستثنِ النازحين الذين أُمهلوا 48 ساعة لمغادرة المدينة. وفيما ندّدت سلطات صنعاء بحملة الكراهية هذه، وقفت حكومة عبد ربه منصور هادي عاجزة إلا عن إصدار بيان باهت .
تلك الممارسات أدت إلى توقف حركة الإمدادات التجارية من ميناء عدن إلى المحافظات الشمالية، وتسبّبت بانخفاض الطلب على تذاكر الطيران في صنعاء والمحافظات الأخرى بنسبة 60%، بعدما أجبرت الميليشيات العشرات من المسافرين عبر مطار عدن على العودة، ولم تراعِ الوضع الإنساني للمرضى من النساء وكبار السن، الذين كانوا في طريقهم إلى تلقّي العلاج في الخارج. كذلك، أقدمت الميليشيات، خلال الأيام الماضية، على مداهمة عدد كبير من منازل النازحين من أبناء الحديدة وتعز في مديريتَي البريقة والممدارة، وأمهلتهم 48 ساعة للرحيل. كما أطلقت النار عشوائياً على الباعة في السوق المركزي في البريقة، ورحّلت الكثيرين منهم، فيما شهد سوق المنصورة حرقاً لبسطات أبناء الشمال، الذين رُحّل عدد كبير منهم، هم أيضاً، عبر شاحنات النقل. وتركّزت حملات الترحيل القسري، وفق مصادر محلية تحدثت إلى «الأخبار»، في مديريات المنصورة والشيخ عثمان ودار سعد وخور مكسر شمالي عدن، في حين طاولت انتهاكات محدودة الباعة والتجار في التواهي والمديريات الأخرى. وأوضحت المصادر أن حملات الترحيل استهدفت رجال أعمال وتجاراً وأصحاب محالّ تجارية وعاملين في مجال الصرافة وعاملين في مجال البناء وطلاب جامعات وموظفين حكوميين، لافتة إلى أن العشرات من أصحاب المحال تعرّضت مصالحهم للنهب والمصادرة، بينما أُغلقت أخرى ورُحّل أصحابها إلى مناطقهم الأصلية.
ليست هذه الهجمة المناطقية الأولى من نوعها في عدن خلال السنوات الماضية
وليست هذه الهجمة المناطقية الأولى من نوعها في عدن خلال السنوات الماضية، بل هي تأتي في سياق مسلسل الانتهاكات التي تمارسها الميليشيات ضد أبناء المحافظات الشمالية في الجنوب عموماً، لكنها خلال الأيام الخمسة الماضية كانت أشدّ قسوة من سابقاتها. وقد دانتها الكثير من القوى الجنوبية، ودعت إلى وقفها حفاظاً على السلم الأهلي، رافضة التذرّع في تبريرها بمقتل عدد من القيادات الجنوبية في عملية الخميس الماضي، ومعتبرة أنها تهدف إلى تعميق الكراهية، وتفكيك النسيج الاجتماعي اليمني، وزيادة الشحن المناطقي والعنصري. وفي موقف مغاير، بارك نائب رئيس «المجلس الانتقالي»، هاني بن بريك، تلك الانتهاكات، مبرّراً إياها بـ«فداحة الخسارة» في عملية معسكر الجلاء، متهماً المواطنين البسطاء بالعمل كخلايا استخبارية لمصلحة «أنصار الله». أما حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، فقد التزمت الصمت يومَي الخميس والجمعة، لتعود وتصدر بياناً باهتاً السبت، كشف عجزها عن حماية مواطنيها في عدن، التي أعلنتها قبل أربع سنوات «عاصمة مؤقتة».
في المقابل، وفي أول رد فعل من صنعاء على ما شهدته عدن، رأى عضو «المجلس السياسي الأعلى»، محمد علي الحوثي، في تغريدة على «تويتر» مساء الجمعة، أن «الترحيل المناطقي والسلب والنهب لأبناء المحافظات في عدن هو المشروع الحقيقي لدول العدوان»، مُوجّهاً حكومة الإنقاذ بتشكيل لجنة لاستقبال شكاوى المهجّرين من عدن ومتابعة حقوقهم وإعانتهم. وخاطب «عقلاء الجنوب» بالدعوة إلى «التدخل لوقف تلك الجرائم»، مؤكداً أن «التحالف وميليشياته قبل اعتدائهم العنصري على أبناء المحافظات الشمالية، كانوا ولا يزالون ينكّلون بأبناء المحافظات الجنوبية». من جهته، رأى الناطق باسم «أنصار الله»، رئيس وفدها التفاوضي محمد عبد السلام، في تغريدة أمس، أن «ما تشهده عدن (…) ليس عفوياً، وإنما له علاقة بأجندة تقسيمية»، مُحمّلاً القوى المرتبطة بالعدوان «كامل المسؤولية جراء تعريضها السلم الأهلي للخطر». وأعرب محافظ عدن المعين من قِبَل «أنصار الله»، طارق سلام، بدوره، عن اعتقاده بأن «ما يجري في عدن مخطط يعمل المحتل على تنفيذه على حساب اليمن ووحدته والسلام الأهلي»، مضيفاً في حديث إلى «الأخبار» إن «الإمارات تسعى إلى توسيع نطاق الاختلافات والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وزرع ثقافة العنصرية المقيتة التي هي أساس دمار الشعوب وتشظّيها».
ومع استمرار موجة الترحيل القسري من عدن، وفشل حكومة هادي في وقفها، تتصاعد المطالبات للأمم المتحدة بفتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات المدنية، وإعادة النظر في قرار نقل البنك المركزي إلى عدن، وفتح مطار المخا، ووقف احتجاز السفن الواصلة إلى ميناء الحديدة. ووفقاً للمعطيات، فإن 70% من الانتهاكات التي تعرّض لها المسافرون من أبناء الشمال في عدن كان سببها إغلاق مطار صنعاء