إتفاق الرياض يثير غضب أمريكا على السعودية والأخيرة تبدأ عملية التنفيذ القسرى في عدن وأبين
الجنوب اليوم | تقرير خاص
وسط توجس كبير في أوساط قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات وحكومة هادي تحاول السعودية فرض تطبيق اتفاق الرياض الموقع في الخامس من نوفمبر الماضي برعايتها على واقع لا يقبل دمج الاطراف وأرضية غير خصبة لتنفيذ بنود اتفاق الرياض ، فاطراف صراع أغسطس في عدن لا يمكن ان يتحولا إلى شركاء بين ليلة وضحاها حتى وان استخدمت الرياض كافة الإغراءات المالية للدفع بالاتفاق نحو التنفيذ الشكلي لكي تنجح في إختبار الجنوب التي استدرجتها الإمارات إليه .
فبعد أكثر من شهرين من توقيع إتفاق الرياض الذي منح الرياض السلطة السياسية والعسكرية والوصاية الكاملة في الجنوب ، وحول المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات وحكومة هادي إلى أدوات تتلقي الأوامر من الحاكم المدني السعودي محمد ال الجابر بضوء اخضر سعودي ، وجدت الرياض نفسها أمام مسائلة المجتمع الدولي وتحديداً امام مسائلة أمريكية عن أسباب تعثر تنفيذ الاتفاق ، ذلك الاهتمام الأمريكي لم يكن لولا أن الإمارات هي من اشعرت واشنطن بفشل الرياض في تنفيذ الاتفاق الذي قلص نفوذ الإمارات لحساب السعودية ، مصادر ديبلوماسية أفادت بأن الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي الذي نقل رسالة إلى البنتاجون الأمريكي الأسبوع الماضي تفاجئ باهتمام كبير باتفاق الرياض ، ووجد نفسة امام تساؤلات مفتوحة دون إجابات خصوصا وإن الجانب الأمريكي له عاتب الأمير السعودي وقال بالحرف الواحد أن فشل المملكة في تنفيذ الاتفاق ممنوع وغير مسموح به ، كونه سيؤدي إلى تفشي التنظيمات الإرهابية في جنوب اليمن ، والذي قد يفشل سياسة إدارة ترامب في الحرب على الإرهاب والذي قد يستغله الديمقراطيون سياسياً للإطاحة بترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة يضاف إلى أن أمريكا قد تدفع ثمناً كبيراً لأي فشل سعودي في تنفيذ اتفاق الرياض .
كما وجهت الخارجية الأمريكية سفيرها لدى اليمن، كريستوفر هنزل، وهو قنصل امريكي في السفارة الامريكية بالرياض لسبع سنوات بالضغط على هادي والتشديد على ضرورة تنفيذ الاتفاق بأسرع وقت ممكن دون تلكؤ، وهو ما حدث حين زار السفير الأمريكي هنزل هادي في مكتبة في الرياض قبل أيام واكد دعم واشنطن الكامل لاتفاق الرياض والتشجيع على تنفيذ المصفوفة التنفيذية في الجانب الأمني التي وقع عليها مؤخراً برعاية السعودية.
وبضغط أمريكي غير مسبوق سارعت الرياض إلى تحريك ملف اتفاق الرياض المتجمد منذ شهرين ونقل تلك الضغوط إلى شركاء إلاتفاق ، كما تم توجيه الجنة المكلفة بإزالة التحديات والصعوبات والإشراف على عملية تنفيذ الاتفاق والمكونة من مستشار هادي أحمد عبيد بن دغر عن حكومة هادي والدكتور ناصر الخبجي عن المجلس الانتقالي الجنوبي على وضع مصفوفة تنفيذ عاجلة مزمنة بعشرين يوم ، وتم الاتفاق بشكل عاجل على سحب كل القوات العسكرية من عدن إلى خارج المدينة دون تحديد مناطق أو مهام محددة لتلك القوات لتحلّ محلها أجهزة الأمن التابعة لوزارة الداخلية التابعة لحكومة هادي وذلك بعد دمج معظم التشكيلات التابعة للانتقالي في إطار الأمن العام ويجرى ذلك بالتوازي مع محاولة السعودية حسم الخلاف المتصاعد بين الانتقالي وحكومة هادي حول منصبي مدير أمن ومحافظ عدن ، ونص البند الثاني من مصفوفة الاتفاق الأخيرة والتي دخلت حيز التنفيذ على جمع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من عدن من مليشيات الإمارات ، وتجميعها في أمكنة محددة مسبقاً تحت إشراف مباشر من السعودية واللجنة المشكّلة من الطرفين ، ورغم ترحيب الانتقالي بهذا البنك وبالاتفاق ، إلإ أن حكومة هادي وتحديداً حزب الإصلاح يتهم الانتقالي بسحب كافة الأسلحة المتوسطة والثقيلة إلى مناطق الضالع ولحج ويافع كون معظم الأسلحة التي نهبت من قبل الانتقالي عقب اجتياحه معسكرات حكومة هادي في أغسطس الماضي كانت تابعة للحزب وليست للدولة .
ووفقا لخبراء فأن الاتفاق ممكن التنفيذ فيما يتعلق بالبند الثالث من المصفوفة التنفيذية الذي يلزم الطرفين بضرورة البدأ بعملية تبادل أسرى أحداث الماضي، كخطوة نحو تفكيك عناصر التوتر وتطبيع الأوضاع، ولكن تشير المصادر إلى أن الانتقالي ارتكب سلسلة إعدامات بحق عناصر يطالب الطرف الأخر بهم ، وهو ما قد يعيق تنفيذ هذا البند ، سيما وأن مساعي إنسانية فشلت خلال الفترة الماضية في الافراج عن عشرات الأسرى الموالين للانتقالي الذين وقعوا في أسر القوات الحكومية في أعقاب أحداث شبوة التي انتهت لصالح حزب الإصلاح ، ورفضت السلطات الأمنية في عتق التعاطي مع مطالب الانتقالي بالإفراج عن اسراها بعد أن تبين ان الانتقالي اعدم عدد من أسرى الإصلاح في أبين وعدن .
وفي ظل تصاعد ازمة الثقة التي ارتفعت إلى أعلى مستوياتها بعد تنفيذ اتفاق الرياض ، بدأت عدد من اللجان العسكرية المشكلة من الطرفين والمُكلفة بتنفيذ الملحق الأمني والعسكري الخاص باتفاق الرياض وما تبعه من مصفوفة الإجراءات عملها بشكل مختلف الاثنين الماضي بنزول يعزز الانقسام الحاصل بين شركاء اتفاق الرياض ، حيث انقسمت اللجان إلى لجنتين كلاً يتبع طرف من اطراف الصراع ودشنت النزول إلى معسكرات الطرفين في عدن وأبين يرافق اللجنتين ضباط سعوديين ممثلين عن قيادة التحالف ، وكل طرف نزل للمعسكرات التابعة له لحصر الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والآليات والعربات المدرعة في عدن وأبين، استعداداً لسحبها لاحقاً وتسليمها لقيادة التحالف.
الملفت للنظر أن قوات الحزام الأمني التي فقدت قرابة 70% من السيطرة على أبين خلال الأشهر الماضية دون مواجهات مباشرة، رحبت بالاتفاق في أبين ولم تعلن ترحيبها به في عدن الذي لاتزال المركز الأساسي لقوات الحزام الأمني والدعم والإسناد والتشكيلات الأخرى الموالية للإمارات ورغم سقوط النخبة الشبوانية في شبوة وفقدانها قرابة الـ 90% من السيطرة على الأرض وتم السيطرة عليها من قبل قوات حكومة هادي وحزب الإصلاح ، ونفس الترحيب رحبت حكومة هادي بتنفيذ الاتفاق في عدن لعدم امتلاكها أي ثقل عسكري فيه ، وبموجب اتفاق الرياض ستتمكن من تسجيل حضور عسكري من خلال تنفيذ بنود الاتفاق التي تلزم الانتقالي بعدم اعتراض عودة قوات الحماية الرئاسية لعدن وبعودها سيتم تقليص نفوذ الانتقالي من عدن وخصوصاً بعد تنفيذ الانتقالي الاتفاق وإخراج قواته إلى خارج عدن .
وفي الوقت الذي يستعد المجلس الانتقالي لتغطية الفراغ الذي سوف ينتج عن انسحاب القوات المنتمية للمحافظات الشمالية من أبين وشبوة في قادم الأيام وفقا للاتفاق، عملت حكومة هادي على تفويت تلك الفرصة الثمينة على الانتقالي واستدعت خلال الأشهر الماضية قوات رسمية جنوبية من معسكر الخشعة في حضرموت ومن معسكرات رماة ومعسكر ثمود والمعسكرات السالفة الذكر كل افرادها وضباطها تنحدر إلى محافظة أبين ، يضاف إلى أن السعودية جندت قرابة 14 الف جندي تحت قيادة العميد السلفي صالح الشاجري التابع للرياض وتستعد السعودية لإعادة نشرهم في مختلف مناطق أبين مقابل الدفع بقوات موالية للانتقالي وأخرى تابعة لهادي إلى جبهات ثرة ومكيراس في أبين والمصينعة للمواجهات مع قوات صنعاء، وتسعى الرياض إلى افراغ المناطق الجنوبية من أي قوات جنوبية والدفع بتلك القوات نحو محارق الموت في الشمال .