الجنوب اليوم يكشف خفايا الاهتمام السعودي باتفاق الرياض ومصير المشاورات الحالية
الجنوب اليوم | خاص
تبدو الرياض مهتمة أكثر من الانتقالي وهادي بتنفيذ اتفاق الرياض، وهذا ما يتضح من خلال إصرارها على فرض معين عبدالملك رئيساً للحكومة والذي تم عبر السفير السعودي محمد آل جابر، على الرغم من أن الرجل كان أضعف المرشحين من بين بقية الأسماء التي كانت تتنافس بقوة، بل وصل الأمر أن خرج معين من القائمة وأعادت الرياض إدخاله بالقوة ورفعت باسمه أعلى القائمة ومن دون أن يتم حتى استشارة اللجنة البرلمانية برئاسة سلطان البركاني.
مؤخراً حصل الجنوب اليوم على معلومات تؤكد محاولة السفير السعودي لاستئناف المشاورات المتوقفة منذ 3 أيام، إلا أن هذه المحاولات فشلت.
وتؤكد المعلومات أن الرياض تفرض ما يشبه الإقامة الإجبارية على طرفي التفاوض في فندق الريتز كارلتون بالرياض، بل وصل الوضع بالسلطات السعودية أن تمنع عن المتفاوضين الاتصالات إلا بعد أخذ إذن من ضباط سعوديين يعملون بالمخابرات.
مصادر سياسية أكدت للجنوب اليوم أن الرياض تهدف من خلال إجراءاتها إلى الإبقاء على اتفاق الرياض على قيد الحياة وعدم وصول المتفاوضين إلى طريق مسدود، وذلك لأن صيغة اتفاق الرياض التي تم التوقيع عليها في نوفمبر العام الماضي وُضعت وفق مصالح وأجندات الرياض ومشاريع نفوذها في الجنوب.
من هنا يتبين أن السعودية تتخذ من اتفاق الرياض قناة عبور لتمرير مشاريعها التوسعية جنوب اليمن، ولهذا فهي حريصة إلى إجبار المتفاوضين على القبول بتنفيذ الاتفاق والتوقيع على آلية تنفيذية مزمنة للاتفاق وبما يتوافق مع مصلحتها.
المصادر التي تحدثت للجنوب اليوم أكدت أن اتفاق الرياض الذي أعد من قبل المخابرات السعودية هو بالنسبة للأخيرة وثيقة تمنحها الوصاية الكاملة على المحافظات الجنوبية، واستعادة جزءاً يسيراً من وصايتها المفقودة منذ أواخر 2014 على المحافظات الشمالية، وانتزاع صلاحيات حكومة هادي العسكرية والأمنية وحصر الأمر على قيادة التحالف التي سيمثلها في عدن السفير السعودي.
استفادة السعودية من اتفاق الرياض وتمسكها به يتبين من خلال تحويل الاتفاق لحكومة هادي إلى طرف منفذ فقط للتوجيهات الصادرة من مكتب السفير السعودي، فالاتفاق منح حكومة هادي حق اتخاذ إجراءات شكلية مثل تفعيل دور سلطات الدولة ومؤسساتها مقابل منح دول التحالف حق التصرف في الشأن العام والتحكم في الملفين العسكري والأمني.
حتى وزارة الدفاع في الحكومة التي سيتم تشكيلها، فسيقتصر عملها على القيام بالجوانب الإدارية والتنظيمية فقط، كترقيم الجماعات المسلحة التي سيتم دمجها في قوات هادي، بينما انتزع منها اتفاق الرياض حق اتخاذ القرار العسكري المتعلّق بتحريك أي قوات عسكرية من هنا أو هناك في الجنوب أو توجيهها كما لا يحق لقيادة قوات هادي حق تقرير مقارها العسكرية ووحداتها ومعسكراتها في الجنوب إلا بما تصدره قيادة التحالف التي منحها الاتفاق الحق في ذلك.
كما أن من أبرز المؤشرات على أن اتفاق الرياض يصب فقط في مصلحة السعودية ومخططها التوسعي في الجنوب هو عدم وجود أي بند في الاتفاق يتعلق بالوضع في المهرة وسقطرى وحضرموت والساحل الغربي، خاصة وأن الوضع قد تغير في هذه المناطق عما كان عليه وقت توقيع الاتفاق في نوفمبر 2019.
في المقابل لا يبدو الطرفان في الشرعية والانتقالي مستعدان لتنفيذ اتفاق الرياض إلا وفق مصالحهما الفردية وليس وفق المصالح الوطنية.
ويشكك مراقبون في أن تتمكن الرياض من إجبار الطرفين على تنفيذ الاتفاق بالنظر إلى وجود مؤشرات قوية تؤكد أن الوصول لاتفاق يرضي الطرفين مستحيل.
ولعل أبرز هذه المؤشرات هو وجود أزمة ثقة بين طرفي الشرعية والانتقالي، وما التحشيدات العسكرية لكلا الطرفين في جبهات القتال بأبين وشبوة والاحتكاكات التي تشهدها حالياً حضرموت وانفجار الوضع العسكري الوشيك في الحجرية بتعز، إلا دليل على ذلك.
بالإضافة إلى بروز عوامل خارجية جديدة طرأت على المشهد من شأنها أن تقود إلى إفشال الرياض، وهذه العوامل تتمثل بصراع تحالف قطر تركيا ضد السعودية والإمارات، إذ يرى مراقبون إن تركيا وقطر ستعملان على إفشال أي خطوة للرياض، وبوجود العلاقة القوية بين تركيا وحزب الإصلاح فإن بإمكان هذا التحالف إعاقة الرياض أطول فترة ممكنة.