فتحي بن لزرق يكتب عن .. الطريق إلى صنعاء
الجنوب اليوم | مقال
فتحي بن لزرق
لإهداء إلى اليمنيين المهانين على الطرقات، الواقفين في انتظار وطن .
تحكى لي هبة المنصوري وهي إحدى بنات عدن تفاصيل زيارة أخيرة إلى صنعاء .
قالت لي بعد زيارة قصيرة إلى صنعاء برفقة أسرتها قبل أسابيع
:”كادوا ان يحملونا من على الأرض! ..
قضت “المنصوري” وأسرتها أسابيع عدة هناك وحينما قررت العودة ودعهم الناس حبا وتقديرا وكرما واعتزازا.
أخت كريمة اخرى” كتبت على صفحتها عقب زيارة قصيرة إلى صنعاء لعلاج والدتها :” حب كبير وشكر لصنعاء واهلها اللي لما يعرفوا انحنا من عدن يفرحوا فيبنا ويخدمونا…اللي مايحسسوك انك غريب بالوقت اللي وانت من اهل عدن وتجي لك اوقات بعدن تحس انك غريب فيها ربي يرفع عنا وعنكم البلاء ويفرج على البلاد… رغم أنه كانت رحلة متعبه إلا أن صنعاء ترد الروح للواحد..
“انتهى الاقتباس”.
جنوبيون كثر ما ان تطأ أقدامهم صنعاء إلا ويدونون الكثير من عبارات الشكر والتقدير لأهلها وأناسها.
في صنعاء ما ان يعلم الناس بإنك من محافظة جنوبية ما إلا ويسارعون بالاحتفاء بك ..
ثمة أخلاق عالية وضمير متقد بالمحبة والإخوة ..
بعد أشهر قليلة فقط ستدلف الحرب في اليمن السابع ، وفي كتاب هذه الحرب دون كل شيء من المساوئ إلا صفحة واحدة لاتزال بيضاء .
وفصول هذه الصفحة تقول ان لاجنوبي ما اسيء تعامله في الشمال وان لاجنوبي ما اٌخذ حقه في صنعاء أو في غيرها وألا جنوبي اوقف بنقطة ما ليسأله جندي ما أصلك والى اين ذاهب ؟
وما من اسرة جنوبية اوقفت على طريق الانتظار أو طلب منها العودة.
وفي عدن فصول مأساة متواصلة منذ سنين ست.
أخذت البيوت والحقوق والأملاك وأهين كل ماهو شمالي إلا مارضي عنه “الكفيل”!.
انزلت العوائل في النقاط الأمنية وأُذل كبار السن في الطريق إلى عدن وارتكب مالم يرتكب ..
وقيل مالم يقال .
ولا زلت اسأل نفسي :” لماذا لم يتعاملون مع الجنوبيين مثلما يتم التعامل معهم في عدن ..!؟
ما الذي يمنعهم من طرد الجنوبيين من صنعاء واخذ حقوقهم في إب وتعز وأهانتهم في مأرب؟
من سيمنعهم ان هم ارادوا؟
يتعايش اليمنيون بكل ود ومحبة في صنعاء والمهرة والحديدة وابين وشبوة وحضرموت إلا في “عدن”!..
فلماذا “عدن”..؟
قبل أيام بعث لي احدهم تسجيل مرئي ليهودي عدني في لندن يحكي ذكرياته في المدينة التي اتسعت ذات يوم لكل ديانات العالم..
قلت له هذه المدينة اليوم ضاقت بقضيب “حمار”..!
لماذا إذا يصرون على ان تكون المدينة التي احتضنت العالم اجمع ذات يوم ساحة للعنصرية والمناطقية والأحقاد..؟
تريد تنفصل ..
تفضل من منعك …!؟
فقط كن إنسانا لايقتل بهيمة ولا يؤذي مارة ، كن يمني ، كن رجل بأخلاق عظيمة ، رجل تخجل أخلاقه ويطأطى رأسه خجلا أمام النسوة والأطفال والمسنين.
رجل يفتح باب بيته للمارة ..
رجل يجود بطعام اهله للغرباء والمحتاجين
لن يأتي انفصالك هذا بكل هذه الأفعال المشينة..
لاتختطف مسن من شارع ..
توقف ..
لقد هزمتنا ..
توقف .. لقد انتصر الشماليون بأخلاقهم وهم يمنيون عظماء .
وهزمت “عدن” ياهذا بافعالك ..
هزمت مشروعك ..
هزمت نفسك وسترحل غير مأسوف عليك..
اللعنة..!