خديعة الستة الاقاليم… لماذا تُــثار الآن؟.. وكيف يتم التخطيط لعودة الهيمنة على الجنوب باسم الدولة الاتحادية ؟
الجنوب اليوم | صلاح السقلدي
مع أن التسريبات عن فرض فكرة الستة الأقاليم تأتس في الوقت الراهن لجس النبض ولإثارة غضب الطرف الجنوبي وتأجيج الأوضاع خصوصا بعد التحركات الدبلوماسية الأخيرة للمجالس الانتقالي ، إلّا أن هذا لا يعني أن هذه السلطة (التي يهيمن عليها حزب الإصلاح ويحاول فرض مشاريع حلول من طرف واحد في ظل ظروف حرب استثنائية ) لا تفكر فعلاً بتمرير هذا المشروع ولو في بعض المساحة الجغرافية استباقا لأية مفاجآت إقليمية ودولية قادمة، خصوصا في غمرة تصاعد الحديث عن وقف الحرب..فهذه السلطة ومعها الإعلام الرسمي التابع لها تـتــحدث منذ فترة عن شيء أسمه اقاليم وعواصم أقاليم بل وأحيانا تتحدث عن فلان رئيس إقليم كذا وكذا، وكأنه إقليم فعلا قائم على أرض الواقع، وهذا التصرف لا يمكن اعتباره إلا أنه بلطجة سياسية فجة واستفزازا واستتهتارا وقح برأي الشعب ليس فقط بالجنوب، بل بالشمال.
_ نحن هنا نشير الى كيف أن إعلام رسمي يتحدث عن أقاليم وكأنها قائمة فعلا, دون أن يخبرنا هذا الإعلام متى تم إقرار هذه الأقاليم وأي دستور يحكمها؟ وما هو الاسم الرسمي للجمهورية التي تنتمي لها هذه الاقاليم؟ ومتى تم إقرار دستورها والاستفتاء عليه دون أن يعلم أحد به عليه ، بحسب ما اشترطت وثيقة الحوار الوطني ” حوار فندق موفنبيك صنعاء)بان يتم االاستفتاء الشعبي عليه قبل أن يصير نافذا ؟
… لماذا نقول لا لمشروع الستة الأقاليم؟
أولاً أن هذا المشروع تم سلقه من قِــبل الترويكا التي احتلت الجنوب عام 1994م: الإصلاح والمؤتمر والقوى الجنوبية النفعية الجنوبية، – أي أن من صنع مأساة الجنوب بالأمس هو من يفرض اليوم على الضحية الحل (ويا له من حل)-، تم صياغته بمعزلٍ عن مشاركة الجنوب، حتى المشاركة اليتيمة المتمثلة بالمؤتمر الوطني لشعب الجنوب، بقيادة المناضل محمد علي أحمد التي ذهب بها الجنوب لم يتم الأخذ بمشروعها السياسية أبدا( مشروع دولة اتحادية من اقليمين بحدود 90م) وتم إهماله وتمزيقه عيني عينك, وهو الأمر الذي حدا بمؤتمر شعب الجنوب الانسحاب من ذلك الحوار والعودة الى عدن قبل إقرار فكرة الستة الاقاليم بأشهر. فقد اعتبر الحاضرون من القوى الشمالية والنفعية الجنوبية في موفنبيك أن رفع علم الجنوب في قاعة المؤتمر كان ثمنا كافيا لمشاركة فصيل المناضل محمد علي أحمد, وأن أكثر من هكذا جائزة هو عبثا وتعديا على الوحدة اليمنية. حيث تم الاتفاق على مخرجات ذلك الحوار وبالذات جزئية الستة الأقاليم قبل الحوار بأشهر، وتم إقرارها في غرفة مغلقة ليتم التوقيع عليها من قبل من انسلخ عن مكونه بعد الإعلان عن انتهاء الحوار باسابيع، ولم يكن الحوار إلا تحصيل حاصل وحفلة اشهار ما تم الاتفاق عليه خلف الحَــجَــب ، والدليل على ذلك أن النظام الداخلية ولائحة الحوار قد تم إقرارهما خلسة من طرف واحد قبل الحوار بأشهر. فعلى سبيل المثال لا للحصر، يشترط النظام الداخلية موافقة 80% من الحضور على إقرار أي بند أو ملف من ملفات الحوار.
ثانيا: أن الأوضاع الحالية اليوم كافية بأن تنسف ذلك المشروع من جذوره، ليس لأن ثمة تغييرات مصيرية واساسية قد طرأت وغيرت الواقع رأسا على عقب، وأوجدت خارطة سياسية مغايرة لظروف وزمان حوار موفنبيك قد تجاوزته بعدة بسنوات إن لم نقل بعدة عقود، يكون من المنطق البحث عن مشروع\ مشاريع\ سياسية تتسق مع هذا الواقع.
فكرة الستة الاقاليم ليس أكثر من فكرة جهنمية لإعادة إخضاع الجنوب ثانية للإحتلال، ولكن هذه المرة احتلال خصوصي، أي لا يضم كل قوى الشمال بل يستأثر به حزب واحد. فهذا المشروع لا يعالج جذر واُس الكارثة التي أوجدت الأزمة اليمنية والقضية الجنوبية وأوصلت الجميع الى هذا الحال البائس، وهي كارثة حرب 94م إفشال المشروع الوحدوي و الانقلاب عليه. فأن كان هذا المشروع أعني مشروع الستة الاقاليم يصلح لعلاج أزمة الشمال المتمثلة بهيمنة المركز باعتباره مشروع يخفف من قبضة هذا المركز لمصلحة المناطق المقهورة تاريخيا، إلا أنه لا يصلح للأزمة بالجنوب مع الشمال, فمشكلة الجنوب مع قوى 94م وسلطة ما بعد ذلك التاريخ ليس متعلقا بحكم محلي ولا حكم ذاتي يطالب به الجنوب بل هو مشكلة فشل مشروع وحدوي طموح بين دولتين تم إجهاضة عنوة, وبالتالي فأية حلول تصلح في الشمال لا يعني بالضرورة أن تكون حلا للجنوب والعكس صحيح .
بقي أن نسترعي انتباه المخدوعين من الجنوبيين والمخادعين أيضا بخديعة الستة الأقاليم, فالبعض انطلت عليه حكاية أن الجنوب وفقا لهذا المشروع سيكون بعيدا عن الهيمنة أو أن بمقدوره بعد شهر أو شهرين ان يصبح دولة مستقلة أو أن من حق اقليم أن ينضم الى اقليم ، بحسب تسريبات تم إطلاقها لهذا الغرض قبل وأثناء الحوار بل وحتى بعد أن انتهاء الحوار/ فلا يوجد شيء من هذه الوعود الكاذبة ابداً، لا في وثيقة الحوار التي خرج بها متحاورو موفنبيك، ولا في مسودة الدستور المقترح. وللتدليل على صحة ما نقوله نشير الى أن :
-المادة 139 من ذلك الدستور تتحدث أن الجنوب سيكون ممثلا بمجلس النواب اليمني بإقليما :حضرموت وعدن, وفقا لمعادلة المساحة والسكان بنسبة %40 للجنوب و60 % للشمال ،على أن يعاد مراجعة هذه النسبة بعد دورتين انتخابيتين. أي أن الوضع يمكن أن يُــعاد ثانية الى سابق عهده من الهيمنة بعد أن يتم الإجهاز على القضية الجنوبية وتصفية أي مطالب جنوبية أخرى، وذلك عبر خارطة وقانون الأحزاب السياسية التي يغيب الجنوب فيها تماما منذ سحق الحزب الاشتراكي .
-المادة 143 من ذات الدستور تقول أن من صلاحيات (مجلس الاتحاد الذي سيتكون من 84 عضوا) تعديل الدستور فيما يتعلق بتمثيل الجنوب..!