دفعة مقابل أخرى.. الإصلاح والانتقالي يستعدون لمعارك مصيرية.. ومأرب لم تعد أولوية الإصلاح
الجنوب اليوم | تقرير
على الرغم من أن الاعتراف بخطورة الوضع العسكري للشرعية في مأرب أصبح على لسان قيادات عسكرية من الصف الأول التابعة لهادي، إلا أن سقوط مأرب بيد الحوثيين يبدو أمراً لا يهتم لأجله حزب الإصلاح وقواته التي يحتفظ بها لوقت الحاجة في معظم المناطق الجنوبية الأكثر أهمية والتي يرى في البقاء فيها هدفاً استراتيجياً وذي أولوية أكثر من الانشغال بما تبقى من مأرب.
ففي اعتراف صريح وواضح نقلت مصادر مطلعة عن محافظ حضرموت وقائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء فرج البحسني تأكيده أن الوضع في مأرب عسكرياً بات خطيراً وأن على قيادات وحدات منطقته العسكرية بحضرموت إدراك أن مهمتهم هي حماية حضرموت من تداعيات ما قد يحدث في مأرب.
جاء ذلك أثناء اجتماع البحسني مع قياداته العسكرية التابعة له بحضرموت اليوم الأربعاء، والذي جاء بالتزامن مع حالة التوتر الشديدة التي تشهدها حضرموت خاصة عاصمتها المكلا بسبب الاحتجاجات الشعبية الغاضبة المطالبة برحيل سلطة هادي والتحالف وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية المنهارة التي وصلت إليها المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف السعودي جنوب البلاد، ووفق مراقبين فإن حديث البحسني أمام القيادات العسكرية لحضرموت بشأن مأرب ومصارحته لهم بحقيقة وضع الشرعية العسكري بمقابل وضع قوات الحوثيين المتقدمين صوب المدينة، يكشف حجم خطورة الموقف العسكري للشرعية بمأرب الآيل للسقوط في أي لحظة بيد الحوثيين.
بمقابل ذلك ترى النخبة السياسية في الجنوب إنه وبموجب الوضع العسكري للشرعية في مأرب فإن المفترض على الإصلاح الذي يهيمن على “جيش الشرعية” أن يركز على حماية آخر معاقله ومعاقل التحالف في الشمال، غير أن ما يحدث في حقيقة الأمر يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الإصلاح يبيت نوايا سيئة ضد خصومه في الجنوب ممثلين بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعومين من الإمارات.
اليوم الأربعاء على سبيل المثال احتفت قوات الإصلاح في محافظة شبوة التي تعد محل نزاع ومحطة صراع مسلح وشيك وقريباً بين الاصلاح والانتقالي للسيطرة عليها، بتخرج دفعة عسكرية جديدة تحت قيادة أبرز قيادات الإصلاح العسكريين والأمنيين في المحافظة، قائد القوات الخاصة عبدربه لعكب والذي يعد الذراع اليمنى لعلي محسن الأحمر بشبوة.
وصحيح أن الدفعة العسكرية للإصلاح في شبوة تأتي في سياق الرد على تخريج قوات المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات دفعة عسكرية جديدة في عدن قبل ذلك بيوم واحد فقط، إلا أن انشغال الإصلاح بتجهيز دفعات عسكرية وإنفاق أموال وإمكانيات وسلاح لهذه الدفعات في مناطق لا تزال بعيدة عن أي تهديدات عسكرية ضد الشرعية ومناطقها، يعزز من حقيقة أن الإصلاح لا يكترث لأمر مأرب ووصول الحوثيين إلى أبواب المدينة، وأن ما يهم الحزب المهيمن على سلطة الشرعية حتى اللحظة هو الإبقاء على سيطرته على المناطق الجنوبية.
يرى مراقبون إن تمسك الإصلاح بالحفاظ على سيطرته على الجنوب أكثر من تمسكه بالحفاظ على سيطرته على مأرب يشير إلى أن قوات الإصلاح تدرك مدى ضعف وهشاشة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، ولهذا فإن الإصلاح يرى أن أي معركة حاسمة مع الانتقالي ستؤول بانتصاره وهزيمة المجلس بسهولة، بينما تحقيق النتيجة ذاتها في حال أصر الإصلاح على تفريغ جهده العسكري في مأرب ضد الحوثيين وهزيمتهم فإن ذلك يبدو بعيد المنال نظراً لتعاظم قوة الحوثيين من جهة وتفكك قوات الشرعية في مأرب من جهة ثانية وهو ما يجعل من معركة الإصلاح في مأرب خاسرة ويدفعه لاتخاذ قرار الاحتفاظ بقواته في الجنوب التي لا يزال الوضع فيها بيد الإصلاح خير من الانشغال واستنزاف قواته وسلاحه في مأرب التي لا تزال معلقة على الشجرة.
وبالمقابل أيضاً فإن الانتقالي يدرك مدى خطورة السيناريو الذي يعده الإصلاح له في الجنوب، وهو ما دفع بالمجلس إلى إعداد قواته ومسلحيه وتجهيز قوات جديدة لتكون مستعدة لأي تحركات عسكرية للإصلاح في الجنوب، فالحزب وبعد خسارته مأرب سيكون مجبراً على القتال في الجنوب ضد الانتقالي بعد أن أصبحت تلك المناطق هي آخر ما تبقى له من وجود في اليمن وبخسارتها يصبح الإصلاح في حكم المنتهي سياسياً وعسكرياً ولن يكون له مكان في المستقبل السياسي لليمن بعد انتهاء الحرب بشكل عام في اليمن بأكملها.