صحيفة : «بيرقدار» تدخل المعركة… ومقاتلون من إدلب يصلون قريباً
الجنوب اليوم | صحافة
جريدة الأخبار: رشيد الحداد
تواصل قوات صنعاء تقدُّمها في جبهات محيط مدينة مأرب، متّبعةً تكتيكاً عسكرياً جديداً، يتواءم مع ظروف المعركة وطبيعة التضاريس هناك. إذ تمضي في إنهاك قوات الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، في جبهة الطلعة الحمراء شرقي صرواح ومحيطها، والتي تحكم مسارها من محورين. وعلى رغم فشل طيران التحالف السعودي ــــ الإماراتي، الذي كَثّف غاراته إلى أعلى مستوى، في وقف تقدُّم الجيش و»اللجان الشعبية» في معظم جبهات مأرب، دخلت طائرات «بيرقدار» التركية، خلال اليومين الماضيين، المعركة، من دون أن تُغيّر هي الأخرى في مسارها.
وعلى مدى الأيام الفائتة، لم تهدأ الجبهات الغربية والشمالية الغربية لمدينة مأرب، حيث اشتدّت المواجهات من شرق منطقة الكسارة ووادي العطيف التابع لمنطقة المشجع، إلى محيط الطلعة الحمراء وسط صرواح، وصولاً إلى الجهة الغربية القريبة من عرم سدّ مأرب، وإلى قرية الروضة الواقعة أقصى جنوب جبهة صرواح في الجبهة الشمالية الغربية للمدينة. وبعدما تمكّنت قوات صنعاء، الأحد، من السيطرة على عدد من المواقع العسكرية المهمّة جنوبي سلسلة جبال البلق القِبْلي المطلّة على عرم سدّ مأرب، تَقدّمت من منطقتَي الأراك والحماجرة باتجاه قرية الروضة الواقعة بالقرب من منطقة الفلج، على الخطّ الرابط بين محافظتَي مأرب وشبوة. وبهذا، يكون الجيش و»اللجان» قد بدآ عملية فصل الجبهة الغربية الشمالية عن الجبهة الجنوبية التي تشمل جبل مراد ومناطق مراد. وبعد مواجهات عنيفة شهدتها منطقة العطيف الاستراتيجية التي تُعدّ امتداداً لجبهة المشجع غربي المدينة، تمكّنت قوات صنعاء، أمس، من السيطرة على كامل المنطقة المذكورة. وأكدت مصادر قبلية، لـ»الأخبار»، أن قوات هادي والميليشيات المساندة لها فقدت منطقة العطيف القريبة من الطلعة الحمراء، والتي تجري حولها معارك عنيفة منذ أسبوعين. وأشارت المصادر إلى أن تلك القوات فرّت من مواقعها، مُخلّفة وراءها قتلى وأسلحة ثقيلة ومتوسّطة. وأوضحت أن سقوط «العطيف» يمهّد الطريق للسيطرة على الطلعة الحمراء وبقية الحاميات المتبقيّة غربي المدينة، كون الجيش و»اللجان» نقلا المعركة رسمياً، مساء أمس، إلى منطقة ذات الراء.
وسجّلت مصادر محلية فرار عناصر من قوات هادي وآخرين من تنظيم «القاعدة» إلى مخيّمات النازحين في وادي نخلا ومنطقة ذات الراء والاحتماء بها، محذّرة من أن قيامهم بشقّ الخنادق وبناء المتاريس في محيط المخيّمات يُعرّض حياة الآلاف للخطر. يأتي ذلك وسط اتهامات حقوقية لسلطات حزب «الإصلاح» في مأرب برفض طلب الوحدة التنفيذية لمخيّمات النازحين نقل المخيّمات الواقعة بالقرب من خطوط التماس غرب المدينة، إلى مكان آمن. وردّاً على قيام قوات هادي بإنشاء معسكرات بالقرب من مواقع المدنيين والنازحين، لاستخدامهم كورقة ضغط على صنعاء، استهدف الجيش و»اللجان» مجاميع لقوات هادي في منطقة الرميلة في عزلة الأشراف غرب المدينة بصاروخ قصير المدى، موقعَين قتلى وجرحى في صفوفها. وكانت قوات صنعاء قد حوّلت، خلال الأيام الماضية، محيط الطلعة الحمراء إلى بؤرة استنزاف لعناصر «القاعدة» و»داعش» والميليشيات المتطرّفة التي حُشدت من مختلف أرجاء اليمن للقتال في مأرب، لتُضحي «الطلعة» تحت رحمة نيرانها من محورين. ومع سقوط منطقة العطيف، يكون الجيش و»اللجان» قد وضعا «الطلعة» الاستراتيجية تحت الحصار من ثلاثة اتجاهات، تمهيداً لتحريرها.
في هذا الوقت، اختطف عناصر محسوبون على «القاعدة» ضابطاً سعودياً رفيعاً، مساء الاثنين، من أحد فنادق مدينة مأرب، واقتادوه إلى جهة مجهولة، على خلفية تنصُّل الرياض من دفع ملايين الريالات، التي سبق لها أن التزمت بها لـ»القاعدة» مطلع العام الجاري، وذلك بعد قيام التنظيم باستدراج قائد عسكري سعودي كبير إلى وادي عبيدة، واعتقاله بتهمة تقديم معلومات للجانب الأميركي، والمطالبة بفدية سعودية لإطلاق سراحه. وعلى رغم أن السعودية حَوّلت جبهات مأرب إلى مسرح قتالي مفتوح للعناصر الإرهابية، إلّا أنها أمهلت قوات هادي 24 ساعة للبحث عن الضابط المختطَف، مُبرِّرةً إنذارها بأن قائداً عسكرياً تابعاً لـ»الإصلاح» استَدرج الضابط السعودي المختطَف إلى فندق بلقيس. وهاجمت طائرة أميركية من دون طيار، أمس، مجاميع من «القاعدة» في محطة دحبيل النفطية في حيّ النسيم عند المدخل الشرقي للمدينة، وهو ما من شأنه أن يُعرّض الضابط السعودي لخطر الموت.
أرسل «الإصلاح» عدّة شاحنات إلى مدينة سيئون لنقل المقاتلين القادمين من سوريا
وبعد أسبوع من دعوة زعيم تنظيم «داعش»، السعودي الجنسية عبد الله المحيسني، مقاتلي التنظيمات الإرهابية المدعومة من الجانب التركي في سوريا، إلى القتال في مدينة مأرب، تردَّدت معلومات عن قرب وصول دفعة من أولئك المقاتلين. ووفقاً لمصادر مطّلعة، فإن حزب «الإصلاح»، الذي يسيطر على مدينة سيئون في وادي حضرموت ويتحكّم بالمطار المدني فيها، بعث بعدّة شاحنات إلى هناك لاستقبال القادمين من سوريا بتنسيق سعودي ــــ تركي، فيما من المُتوقّع وصولهم عبر طائرات شحن عسكرية سعودية خلال اليومين المقبلَين، لينضموّا إلى ميليشيات «القاعدة» و»داعش» في مأرب.
على خطّ موازٍ، وفي سياق محاولاتها وقف تقدُّم قوات صنعاء، تُجري حكومة هادي ترتيبات لاستضافة النوّاب الموالين لها في مدينة مأرب، بالتوازي مع استمرار الضغوط الدولية لوقف تحرير المدينة، بعد سيطرة الجيش و»اللجان»، خلال الفترة الماضية، على قرابة 90% من مساحة المحافظة.
إردوغان يؤكّد طلَب السعودية مسيّرات تركية
أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، يوم أمس، أن السعودية قدَّمت طلباً لشراء طائرات مسيّرة مسلّحة تركية الصنع. إعلانٌ يأتي في الوقت الذي تُضاعف فيه أنقرة بوادر الانفتاح حيال الرياض وحلفائها بعد سنوات من التوتُّر الذي بدأ في عام 2017، عندما اصطفّت تركيا إلى جانب حليفتها، قطر، في النزاع الخليجي، واشتدّ في أعقاب اغتيال جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول نهاية عام 2018. وفي ما يؤشِّر إلى رغبةٍ في «تصحيح» مسار العلاقات، أعلن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الأسبوع الماضي، أن «لا سبب لكي لا تتحسّن علاقاتنا مع السعودية».
وتثير الطائرات المسيّرة التركية اهتماماً متزايداً من بعض الدول والخبراء العسكريين، ولا سيّما بعدما أثبتت أخيراً فعاليّتها في عدة نزاعات، وخصوصاً في ليبيا وسوريا وناغورنو قره باغ. ففي ليبيا، سمحت المسيّرات التي نشرتها تركيا بوقف هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي كانت قوّاته تنتصر، العام الماضي، على قوّات حكومة طرابلس المدعومة من أنقرة.