عشية الذكرى الـ 31 من إعادة تحقيق الوحدة .. الإحتلال يعيد نظام 7 / 7 لحكم الجنوب
الجنوب اليوم | خاص
على عكس هذه الليلة عشية الـ 22 من مايو 1990، كانت مدينة عدن تعيش أجواء احتفالية تاريخية، وكان الشعب اليمني والشعوب العربية والإسلامية ينتظرون بفارغ الصبر ميلاد دولة اليمن الموحد، كحدث استثنائي لم تشهده المنطقة العربية في تاريخها، رفع علم الجمهورية اليمنية في سماء مدينة عدن، فعمت الفرحة الشعبية كافة محافظات اليمن بولادة دولة الوحدة اليمنية التي كانت مجرد أمنية يمانية تردد صباح مساء في صنعاء وعدن ، لكنها أضحت حقيقة وأنتهى عهد التشطير ليعود اليمن موحداً قوياً ، كما كان قبل الاحتلال البريطاني .
لاشك أن حدث كوحدة شعبية وسياسية يمنية أثار قلق دول الجوار التي ترى في توحد اليمن من شطرين إلى وطن واحد وجيش وأمن واحد وحكومة واحدة ومجلس رئاسي واحد، يشكل خطر على مطامعها وأجندتها في هذا البلد الجار، فردت على تلك الخطوة التي باركها العالم بحرب اقتصادية وتدخلت عبر أدواتها محاولة إفشال الدولة الوليدة في المهد ، استمرت محاولات الرياض وأبوظبي أربع سنوات وانتهت في صيف عام 1994م ، لكن مؤامرتها جرحت الوحدة وطعنتها في الخاصرة ، وتسببت بشرخ سياسي لم يندمل على مدى الثلاثين عام الماضية .
اليوم والوحدة تدخل العام الأول بعد العقد الثالث من ولادتها، تعيش عدن التي احتضنت مفاوضات واتفاقيات وكانت مركز إعلان الوحدة، بدون كهرباء وبدون أمن وبدون مياه وبدون استقرار، ويعاني أبنائها من الأمراض والأوبئة ومن انتشار المليشيات المسلحة ومن أعمال النهب والسلب والسطو، ومن غياب الدولة ، هذا الوضع يقابله ارتفاع في أسعار الغذاء والدواء وإيجارات السكن وتكلفة التعليم وانعدام الصحة والامن فرص العمل .
والغريب في الأمر أنها لاتزال تحت سيطرة حكومة الوحدة ونظام 7 /7 ، الذي يشارك فيه اليوم كل أعداء الوحدة وأمراء الحرب في صيف عام 1994، فعدن التي سقطت تحت سيطرة مليشيات الإصلاح بقيادة الجنرال على محسن الأحمر لاتزال تعاني من أثار تعد أمتداد لذلك الصراع ، فالإصلاح وعلي محسن الأحمر لايزالون يرون عدن هدفاً رئيسياً ولايزال الحزب ومليشياته وعناصره متواجداً في الجنوب ومسيطراً على شبوة وأبين حضرموت ومأرب وأخيراً يسعى للسيطرة على لحج ، وهاهو هادي الذي استغل حرب صيف 94م ليصفي حساب سابق مع الرفاق في الحزب الاشتراكي اليمني، ووقف ضد الجنوب وفي صف الرئيس السابق علي صالح وسخر كل قدراته حينذاك لإسقاط محافظة أبين والتقدم نحو حضرموت ليقدم الجنوب بصحن من ذهب ليكافئ لفترة مؤقته وزيراً للدفاع خلفاً للواء هيثم قاسم طاهر ، بل أن هادي الذي سلم رقاب الجنوبيين لقوات النظام في الشمال يقف اليوم في اتجاه معادي للجنوب وللوحدة .
ورغم أن الوحدة اليمنية دخلت العقد الرابع ، لاتزال محل صراع ومحور تدخلات أجنبية ومصدر أزمات سياسية كما أراد لها أن تكون عدو اليمن واليمنيين الذي يحتل الجنوب اليوم ويقاتل الشمال منذ سبع سنوات ، وعبر الاحتلال لايزال أمراء حرب صيف 94م في محافظات الجنوب محافظين على مكاسبهم ، فهادي وعلي محسن الأحمر وقيادات الفيد عادوا اليوم إلى الجنوب بأقنعة أخرى وتحولوا إلى أدوات لدولاً وحكومات أخرى كدولتي السعودية والإمارات وبذريعة الحرب على الحوثيين واستعادة شرعية نظام صنعاء، بينما الحوثيين يحكمون صنعاء وعدد من المحافظات منذ قرابة أربع سنوات.
الملفت أن التحالف العربي الذي يدعي دخوله اليمن لمساعدة اليمنيين وكذلك الإمارات التي استخدمت الهمز واللمز ، ووعدت خلف الكواليس بمساعدة أبناء الجنوب على تحقيق مطالبهم العادلة، تقف اليوم موقف مضاد لأبناء الجنوب وقضيته العادلة ، ولعل الأدلة على ذلك كثيرة ومتمثلة بتأكيد الإمارات مراراً وتكراراً على التزامها بالحفاظ على الوحدة اليمنية ، ولم تذكر في أي لقاءات مع المبعوث الدولي لدى اليمن القضية الجنوبية من قريب أو بعيد ، وعوضاً عن ذلك سعت إلى تنصيب موالين لها والدفع بهم أمام الرأي العام والمنظمات الدولية كممثلين للقضية الجنوبية ، وتحديداً رئيس وأعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك وأحمد بن بريك وغيرهم من القيادات الموالية لأبو ظبي والذي أثبتوا ولاء مطلق للجانب الإماراتي خلال السنوات الماضية وأثبتوا خيانتهم للجنوبين وللقضية العادلة ، وفي الوقت الذي عمل الإحتلال على الإبقاء على مليشيات الإصلاح في الجنوب كأداة من أدوات الصراع عمل على شق الصف الجنوبي وتحويل مكونات الحراك الجنوبي إلى مكونات متصارعة ومختلفة في الإتجاهات والأولويات ليضرب الوحدة الوطنية على مختلف المستويات.
وفي اتجاه مضاد عملت دول العدوان على تقديم الدعم السياسي والمالي والعسكري لأولاد الرئيس السابق علي صالح الذين يعتبرون الحفاظ على الوحدة وصية لا يمكن التنازل عنه أوصى بها رئيس نظام 7/7 الذي رفع شعار الموت أو الوحدة، فمواقف السعودية والإمارات السياسية والدبلوماسية من الوحدة لم تخرج عن إطار حمايتها ، وعلى الأرض ضرب الوحدة وتدميرها ، وفي سبيل التحرر من استبداد نظام صنعاء ضحى الجنوب بخيرة أبنائه وقاوموا صالح ونظامه وواجهوا الظلم والتعسف والانتهاكات والقتل والاعتقالات بعدالة قضيتهم، ومنذ 2007م سقط المئات من شهداء الجنوب في سبيل القضية الجنوبية ، ونجحو بسلمتيهم في إيصال رسالتهم إلى الأمم المتحدة وإلى مختلف أصقاع العالم، ورغم محاولات عفاش جر الحراك الجنوبي للعنف ليتسنى له الإجهاز عليه بالقوة بذرائع متعددة ، وماعجز عنه صالح في إنهاء سلمية الحراك الجنوبية وتفكيكه من الداخل تنفذه الإمارات اليوم لتستهدف بذلك القضية الجنوبية برمتها .
فما تمارسه دول التحالف اليوم في عدن لا يقل فداحة عما مارسه نظام 7/7 ضد أبناء الجنوب بعد حرب صيف 94م ، وكما وقف الجنوب بأسره ضد نظام صنعاء سيقف حتماً ضد الوجود الإماراتي ، فبعد 31 عاماً من الوحدة تغيرت عدن وشاخت الخدمات ولم تعد كما كانت ولكن تُجار الحروب وجماعات المصالح لايزالون شركاء في تدمير دولة الوحدة.