(تقرير) نصف عام منذ استلام المبعوث الأممي لليمن مهامه.. الإنجاز: صفر
الجنوب اليوم | تقرير
تحترف الأمم المتحدة اللعب بمشاعر الشعوب وتستطيع توظيف الظروف والتمويلات لصالح موظفيها وهيئاتها ثم تبقي فتات التمويل للشعوب التي تكتوي بنيران صراعات القوى الدولية المتحكمة أساساً بهذه المنظمة الدولية التي كشفت الأزمة الأوكرانية حقيقة أنها منظمة أمريكية بامتياز.
منذ الخامس من سبتمبر العام الماضي وحتى اليوم، مضى أكثر من 6 أشهر – أي نصف عام – على استلام المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن هانز غروندبيرغ لمهامه، وحتى اللحظة لا يزال رصيد إنجاز الرجل الأصفر لمهامه يساوي صفر.
ويبدو أن الأمم المتحدة تتعمد إطالة أمد الحرب في اليمن قدر المستطاع لغرضين أساسيين، الأول: تحقيق أكبر فائدة مادية لصالح الموظفين الأمميين العاملين تبعها في الملف اليمني من جهة نظراً للحجم الهائل للميزانية التي يتقاضونها والتي تُخصم رأساً من التمويلات الدولية وتعهدات المانحين المخصصة أساساً لتنفيذ مشاريع الإنقاذ والإيواء والكساء والغذاء والدعم للمستهدفين من هذا التمويل، الثاني: وهو غرض سياسي أمريكي غربي بامتياز هدفه تحويل الحرب في اليمن وعلى اليمن من قبل التحالف إلى ورقة مساومة سياسية، كما تفعل أمريكا مثلاً مع السعودية حين تستخدم الحرب باليمن ورقة مساومة وابتزاز للرياض لشفط أموالها ثم استخدام الورقة ذاتها ضد السعودية حين تفكر بالانحراف عن السياسة الأمريكية ورفض إملاءات البيت الأبيض.
بعد مرور نصف عام، يبدأ المبعوث الأممي بتهيئة الأرضية المناسبة لعقد لقاءاته مع الأطراف اليمنية الفاعلة على الأرض والأطراف اليمنية المنفية في الخارج والأطراف الإقليمية الداعمة لها ممثلة بالسعودية والإمارات، وبعض هذه اللقاءات لم تتم حتى الآن، فعلى سبيل المثال لا يزال مكتب المبعوث الأممي يجري الترتيبات اللازمة لعقد اجتماع بين المبعوث والمجلس الانتقالي الجنوبي وهذا اللقاء يأتي ضمن مشاورات المبعوث مع الأطراف المعنية بالحرب في اليمن والتي يهدف منها المبعوث ليس إلى مباشرة العملية السياسية وإعلان إنهاء الحرب، بل إلى “تصميم إطار عام لوضع الخطة التي بموجبها سيعمل على إعداد الخطوط الرئيسية والاستراتيجية لعمله ضمن العملية السياسية الشاملة”، ما يعني أن المبعوث الأممي ومن خلفه الأمم المتحدة يخططون لأن يتم تنفيذ هذه الخطوات عدة أعوام، ويعلم الله متى سيحين دور البدء بالعملية السياسية التفاوضية الشاملة، فإذا كان المبعوث الأممي يجعل مكتبه يتفرغ لمدة شهر كامل لإجراء ما يسميه “الترتيبات الاستباقية” لعقد المبعوث لقاءاً مع أي طرف من أطراف الحرب، فهذا يعني أن الجدول الزمني لعمل المبعوث الأممي هو كالتالي:
30 يوم لإجراء ترتيبات بين مكتب المبعوث وبين الطرف الذي يريد المبعوث اللقاء به، ومن ذلك مثلاً إرسال المبعوث لمدير مكتبه بيتر رايس ومستشارة مكتبه لورا ميتشل إلى عدن اليوم الأربعاء للقاء بناصر الخبجي عضو هيئة رئاسة الانتقالي لوضع الترتيبات الخاصة واللازمة لزيارة المبعوث بنفسه إلى عدن واللقاء بالمجلس الانتقالي.
30 يوم أخرى سيحضر فيها المبعوث الأممي نفسه وسيقوم بزيارة عدن واللقاء بالمجلس الانتقالي.
بمعنى أن كل طرف يحتاج المبعوث الأممي أن يخصص له 60 يوماً حتى يلتقي به ضمن ما يسميها المبعوث نفسه بـ”مشاوراته المبدئية والأحادية أي كل طرف على حده”، وطبعاً في اليمن أصبحت الأطراف المتصارعة حدث ولاحرج، صنعاء طرف، التحالف 5 أطراف (السعودية والإمارات وإسرائيل وأمريكا وبريطانيا) ومع اندلاع الحرب في أوروبا والتسابق على الغاز يبدو أن فرنسا أيضاً ستصبح طرف عبر شركة توتال بمعنى أن التحالف سيصبح 6 أطراف، الأطراف المحلية الموالية للتحالف سواء الموجودة على الأرض أو المنفية 5 أطراف على النحو التالي: الانتقالي طرف، جناح عفاش بالمؤتمر الموالي للإمارات طرف، بقايا المؤتمر المحسوبين على السعودية طرف، ما بقي من حزب الإصلاح طرف، هادي ومن معه من بقايا الشرعية طرف.
وبحسبة بسيطة يصبح لدينا 12 طرف، وكل طرف يخصص له المبعوث الأممي 60 يوماً، أي عامين كاملين يحتاجهما المبعوث الأممي لعقد لقاءاته التشاورية مع كل طرف على حده من أجل البدء بالخطوة التالية وهي: “تصميم إطار عام لخطة عمله” والتي تشير التوقعات إلى أنه سيظل فيها مدة لا تقل عن عام كامل.
صرنا الآن أمام نصف عام منذ استلام مهامه بدون إنجاز أي مهمة، وعامين للقاء بالأطراف كلاً على حده، وعام لتصميم الإطار العام لخطة عمله، أي 3 أعوام ونصف.
بعد ذلك سيبدأ المبعوث غروندبيرغ بتنفيذ خطة عمله على أرض الواقع لتنفيذ العملية السياسية الشاملة، وهذه الخطة ستتطلب عام كامل للتحضير للمشاورات السياسية إن لم يكن أكثر، ثم عام إلى عامين لتنفيذ هذه المشاورات على مراحل متعددة، ثم 3 أعوام لتنفيذ كل ما يتم الاتفاق عليه في هذه المفاوضات على أرض الواقع، معنى ذلك أنه وقياساً على تحركات المبعوث (السلحفاة) يفترض أن يأتي بعد 9 سنوات من الآن بالضبط وقد تم إنجاز كل شيء وتنفيذ كل بنود الاتفاق السياسي الشامل على أرض الواقع، وإذا حدث أي تغير كبير على الأرض أو صعود طرف جديدة مثلاً في الجنوب أو دخل طرف دولي آخر على الخط، فمن غير المستبعد أن يعيد المبعوث تنفيذ خطواته السابقة من البداية، يبدو أن الحوثيين كانوا على حق حين رفضوا تعاطي الأمم المتحدة مع القضية اليمنية بهذا الشكل ولهذا قرروا منذ البداية قطع التعامل مع المبعوثين حتى تحترم المنظمة الدولية وظيفتها والشعوب التي تتعامل معها وتسترزق باسمها.