ما الرسالة التي أراد إيصالها العليمي في خطابه التحريضي ضد صنعاء
الجنوب اليوم | تقرير
يمكن قراءة مستقبل اليمن بعد عودة المجلس الرئاسي الذي شكلته الرياض بالتوافق مع الإمارات برئاسة رشاد العليمي وعضوية قادة المكونات العسكرية المتواجدة على الأرض في جنوب اليمن وشرقه، من خلال التمعن في خطاب العليمي الأول والذي ركز فيه على تكثيف الهجوم وسوق الاتهامات بشكل عشوائي ضد سلطة صنعاء والحوثيين.
خطاب العليمي كان إشارة واضحة من أن التوجه الحقيقي لهذا المجلس المتحكم به من قبل السعودية ليس التوجه نحو السلام، فمن يبحث عن السلام وفق مراقبين يحرص على أن يكون خطابه، خصوصاً إذا كان الأول له، متزناً وإيجابياً وهادئاً ويحمل من الدلائل والرسائل الإيجابية ما يلطف به الأجواء مع الخصم وليس كما فعل العليمي الذي شحن خطابه بالتهديد والوعيد وكيل الاتهامات بشكل مبالغ فيه وغير منطقي.
توعد العليمي باستعادة الدولة وتحرير صنعاء، معنى ذلك، وفق قراءة محللين سياسيين، أن المجلس الذي شكلته الرياض بصبغة عسكرية بحتة، مجلس حرب وليس مجلس سلم، وأن مهمة المجلس هي قيادة جيش مركب نحو تصعيد عسكري تحت مبرر استعادة الدولة وانهاء الانقلاب كما قال العليمي، وهي تصريحات تكررت منذ بداية الحرب على اليمن في مارس 2015.
التساؤل اليوم عن أوراق قوة هذا المجلس في حال استجاب لرغبة الخارج الممول في إشعال حرب من جديد، فهادي ومن معه من جيش ودعم عسكري ومالي وغطاء جوي لم يتمكن من تحقيق اي انتصار منذ بداية الحرب، فإلى ماذا يستند المجلس الرئاسي التابع للتحالف في نوايا شنه حرباً ضد صنعاء بدون غطاء جوي من التحالف إذا كان سلفه فشل فيها ومعه الغطاء الجوي وكل ذلك الدعم.
لا تفسير لتصريحات العليمي سوى أنها دليل على أن المجلس برمته هو مجلس وظيفي لمهام محددة منها تبني التصعيد العسكري، بينما ستكتفي الرياض بتقديم الدعم بالسلاح وبقدر يسير وستعمل على إبقاء نفسها بعيدة عن هذه الحرب كي تفرش الأرضية لحرب داخلية بين اليمنيين عبر دعم أدوات حليفة لها ضد الأطراف المناهضة.
وكان من الواضح أن المجلس الذي شكلته الرياض سيعمل تحت قيادتها وبموجب ما تأتي من توجيهات واستراتيجيات، برز هذا الهدف جلياً من خلال ماقاله العليمي من تأكيده للولاء للسعودية والإمارات حين عبر عن شكره لدورهما في الحرب التي دمرت اليمن وفتكت باليمنيين شمالاً وجنوباً تحت ذريعة مواجهة المشروع الإيراني الذي خرج قادة سلطة هادي السابقون للاعتراف سابقاً بأن إيران لا علاقة لها بما يحدث في اليمن ولا تستطيع التحكم بالحوثيين والقول بأن التحالف يواجه المشروع الإيراني هو شعار كاذب، حيث صدرت مثل هذه التصريحات أكثر من مرة من أكثر من شخصية سياسية مسؤولة ضمن شرعية هادي تمت الإطاحة بها من قبل التحالف خلال السنوات الماضية.
كان من الواضح خلو خطاب العليمي عن العناوين الرئيسية التي بسببها اندلعت الحرب في اليمن قبل تدخل التحالف السعودي الإماراتي وهي الوصاية الخارجية على اليمن والنفوذ الأجنبي العسكري والسيادة والوحدة، هذه العناوين يبدو أنها تمثل خطوطاً حمراء محظور على مجلس الرئاسة التابع للتحالف الحديث عنها.
الأدلة على أن المجلس مجرد مؤدٍ لدور وظيفي مؤقت، كثيرة ومتعددة، منها أن يقفز العليمي للحديث عن استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب في المناطق التي تسيطر عليها حكومة الحوثيين بينما هناك محافظات بأكملها في الجنوب أصبحت خارج السيادة كمحافظة كأرخبيل سقطرى ومحافظتي المهرة وحضرموت وجزيرة ميون اليمنية المهيمنة على باب المندب.
لم يوفق العليمي في محاولة تصوير الوضع على أن الطرف المعرقل للسلام هو طرف صنعاء، لسبب بسيط وهو أن بقاء هذا المجلس الذي يرأسه العليمي مرهون باستمرار الانقسام وعدم الوصول إلى حل سياسي، فالإعلان عن تشكيل المجلس وما تلاه من مسودة إجراءات ومهام وممارسات نصت بشكل واضح على أن يتم حل المجلس بمجرد الوصول إلى اتفاق سياسي شامل مع صنعاء ينهي الحرب في وعلى اليمن، وبالتالي فإن الطرف الحريص على عدم الوصول إلى حل سيكون مجلس رئاسة عدن فقبوله بالحل السياسي يعني قبوله بمغادرة السلطة وإنهاء نفسه.