ولد الشيخ أحمد… المبعوث الأممي التائه في اليمن !!!
الجنوب اليوم |متابعات
عندما تم تعيين الدبلوماسي الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد مبعوثا لمنظمة الأمم المتحدة على أمل إنهاء الحرب في اليمن، نظر إليه اليمنيون بصفته المنقذ. لكن يبدو أن ولد الشيخ أحمد بات تائها وسط واحدة من أكثر أزمات منطقة الشرق الأوسط تعقيدا.
شغل ولد الشيخ أحمد (56 عاما) منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، رئيس بعثة المنظمة الدولية للاستجابة الطارئة لوباء إيبولا، وقبلها كان نائبا للممثل الخاص للأمين العام، نائب رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وقبلها كان المنسق المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا.
وفي 25 نيسان/ أبريل 2015 جرى تعيينه مبعوثا خاصا إلى اليمن، خلفا للمغربي جمال بن عمر، الذي قاد جهود الأمم المتحدة في اليمن منذ نيسان 2011، وهو العام الذي شهد التوصل، تحت وطأة ثورة شعبية، إلى اتفاق قاد إلى تسليم الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، السلطة في العام التالي مقابل حصانة من الملاحقة القضائية.
ولد الشيخ أحمد حظي في البداية بتوافق جميع الأطراف اليمنية، بعد اتهامات وجهت إلى سلفه بالانحياز لجماعة «أنصار الله» (الحوثي)، وتمكينهم من اجتياح العاصمة صنعاء، في 21 أيلول 2014، ليتحول إلى «مبعوث مغضوب عليه من الجميع».
وردا على سيطرة مسلحي تحالف الحوثي وصالح على محافظات يمنية عدة، أطلق تحالف عربي، بقيادة السعودية، عملية عسكرية يوم 26 آذار/ مارس 2015، بناء على طلب الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي؛ لـ«دعم السلطة الشرعية في اليمن في مواجهة الانقلاب»، حسب بيان للتحالف آنذاك.
منذ هذا التاريخ، تمكن ولد الشيخ أحمد من لم شمل فرقاء اليمن على طاولة المشاورات في ثلاث مدن، الأولى في جنيف (15 تموز/ يوليو 2015)، والثانية في بيال السويسرية (15 كانون الأول/ ديسمبر الماضي)، والأخيرة في الكويت بين 21 نيسان/ أبريل و6 أب/ أغسطس الماضيين، لكنها جميعا أخفقت في تحقيق السلام.
مع انسداد أفق جولات المشاورات، لجأ المبعوث الأممي إلى طرح خريطة طريق لحل سياسي، لكنها كانت تلبي رغبة تحالف الحوثي وصالح، حسب تقدير الحكومة الشرعية، التي تتخذ من مدينة عدن (جنوب) عاصمة مؤقتة، والتي أثارت تلك الخريطة غضبها.
الخريطة الأممية تتبنى حلولا أمنية أولا تتمثل في انسحاب المسلحين (أنصار الحوثي وصالح) من المحافظات التي سيطروا عليها، وتسليم السلاح، ثم الانتقال إلى الجانب السياسي بعد 45 يوما؛ وهو ما أغضب تحالف الحوثي وصالح، فوصف ولد الشيخ أحمد بـ«المنحاز».
وبعد الـ45 يوما، وفق الخريطة الأممية، يتم تعيين نائب جديد توافقي لرئيس جمهورية تؤول إليه صلاحيات الرئيس، وهو بند أثار غضب الحكومة الشرعية، معتبرة أن المبعوث الأممي «يشرعن للانقلاب».
وخلال الأسابيع الأخيرة، بات ولد الشيخ أحمد مغضوبا عليه من الطرفين، فالحكومة الشرعية رفضت لقاءه في مناسبتين بسبب الخريطة الأممية، وطلبت تعديلها.
ورغم التزم الحوثيون في اتفاق مسقط، أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الما ضي، بعدم الخروج عن المرجعيات واتخاذ قرارات آحادية، فإن تحالف الحوثي وصالح أعلن في صنعاء، الإثنين الماضي، وبشكل مفاجئ عما تسمى «حكومة إنقاذ وطني».
وبينما يرى مراقبون أن عدم رضا طرفى الصراع اليمني عن المبعوث الأممي يشكل عائقا على طريق السلام المأمول، اعتبر الباحث اليمني في مركز كارنيجي للسلام للشرق الأوسط، فارع المسلمي، أن «عدم رضا الطرفين عن ولد الشيخ أحمد يمثل مؤشرا إيجابيا.. الأزمة في اليمن في نهاية المطاف أكبر وأعقد من أن تحلها الأمم المتحدة أو أي مبعوث».
ويتهم مراقبون المبعوث الأممي بأنه أمسك بملف أزمة أكبر من قدراته، لاسيما وأنه صاحب خبرات في المجالين الإنساني والاقتصادي أكبر من المجال السياسي؛ مما أثر سلبا على فرص على حل الصرع.
لكن الباحث اليمني يرى أن «سلطة أي مبعوث أممي تنبع من تفويض مجلس الأمن الدولي له.. ومن الواضح أن تفويض المجلس، ولاسيما الدول الخمس الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، الصين، فرنسا وبريطانيا) لولد الشيخ أحمد كان محدودا للغاية».
وبالتأكيد، أضاف أن «خلفية ولد الشيخ أحمد في الشؤون الإنسانية، والتي تفوق خبرته السياسية تفيد بأن قدرته التفاوضية محدودة.. لكن الأمر متعلق بنوعية وحجم الدعم الذي يُمنح للمبعوث الدولي أكثر مما يتعلق بقدراته».
الباحث اليمني ذهب إلى أن «استمرار الحرب في اليمن له علاقة برغبات وصفقات إقليمية ودولية أكثر من الأداء الفني للمبعوث الأممي، ولذلك تحتاج مساع حل هذه الأزومة أيضا إلى جهود ورغبة تتجاوز المبعوث الأممي».
وتعد خطوة تشكيل حكومة تحالف الحوثي وصالح واحدة من «أكبر عمليات تقويض مساعي المبعوث الأممي حتى اللحظة»، وفقا للباحث اليمني، الذي حذر من أنها ستؤدي إلى «مأسسة الحرب في اليمن وإطالة أمدها».
ومنذ مشاورات الكويت، يبذل ولد الشيخ الحمد، حسب تصريح مصدر تفاوضي، «جهودا جبارة، وقام بجولات مكوكية في سبيل حل الأزمة، وكان صارما في كثير من القضايا، ولا يتلفت إلى عملية التشويش، التي تهدف إلى تعطيل عمله».
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي، أيمن نبيل، أن «فشل الأمم المتحدة في إنهاء النزاع اليمني حتى الآن، لا يعود إلى فشل مبعوثها الخاص.. ولكن يعود إلى أسباب مركبة، أبرزها أن الأمم المتحدة بذاتها ليست منظمة مستقلة».
فالأمم المتحدة، وفق نبيل، «هي تعبير عن توافق قوى العالم الكبرى، وبالتالي فموقف القوى الكبرى، وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية، يلعب دورا أساسيا في نجاح مهام الأمم المتحدة»، معتبرا أن «فشل أي من السعودية أو تحالف الحوثي وصالح في الحسم العسكري يجعل الأمم المتحدة تسير وفق توازنات الأرض، وكذلك وفق وعي القوى الكبرى».
وعلق ولد الشيخ أحمد آمالا كبيرة على اتفاق مسقط، الذي رعاه وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري بين الحوثيين والتحالف العربي، لكن الاتفاق، الذي غاب عنه تمثيل الحكومة الشرعية، تعرض للانهيار.
فقد فشل هذا الاتفاق في تمديد هدنة إنسانية دامت 48 ساعة فقط، وإطلاق مشاورات سلام أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، كما أن بند تشكيل حكومة وحدة وطنية، يشارك فيها جميع الأطراف قبيل نهاية 2016، يبدو أن تحالف الحوثي وصالح قضى عليه بتشكيل ما تسمى بـ«حكومة الإنقاذ الوطني».
ورغم رفض طرفي الصراع، لا يزال المبعوث الأممي يواصل تسويق خريطة الطريق، المبنية على اجتماعات «اللجنة الرباعية الدولية»، المؤلفة من الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، السعودية والإمارات، ويواصل جولاته المكوكية في المنطقة من أجل فرضها.
ومع كل هذه التغيرات المعقدة داخل اليمن وخارجه، تثور تساؤلات بشأن إن كان في مقدور ولد الشيخ أحمد، إذا توافرت رغبة يمنية ودعم إقليمي ودولي، تحقيق اختراق يقود نحو السلام، أم أنه بات تائها في دهاليز الأزمة اليمنية؛ ما قد يدفع الأمم المتحدة إلى إخراجه منها بتعيين خلف له.
اقرأ المزيد من عدن الغد | ولد الشيخ أحمد… المبعوث الأممي التائه في اليمن http://adenghd.net/news/233058/#ixzz4RlZA2yjF