ما لا تدركة الأطراف اليمنية التابعة للتحالف عن استراتيجية الصين تجاه الشرق الأوسط واليمن
الجنوب اليوم | تقرير
تستخدم الصين لعبة القوى العظمى في سياساتها تجاه بلدان الشرق الأوسط بما في ذلك اليمن وما يمثله موقعه الاستراتيجي الهام على خلرطة التجارة العالمية.
ترى الصين أن القوى المعادية لها إذا سيطرت على الشرق الأوسط فستشكل هذه القوى للمعادية جيشاً غير مباشر يهدد الصين مثل ما كانت دول الخليج التابعة لواشنطن على رأسها السعودية.
بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تبنت الصين دبلوماسية “الميل إلى جانب واحد”، وشكلت شراكة استراتيجية مع الاتحاد السوفيتي ضد الولايات المتحدة، وكان الشرق الأوسط بمثابة الحدود للولايات المتحدة لتطويق معكسر الاشتراكية.
في منتصف الخمسينات من القرن الماضي استخدمت القوى الغربية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، الشىرق الأوسط لحصار الصين وتطويقها، وكان كسر الحصار الغربي مهمة سياسية ملحة للصين الجديدة، ولعب الشرق الأوسط دورًا رئيسيًا ففي غضون ثلاث سنوات فقط من 1956 إلى 1959، أقامت سبع دول – مصر وسوريا واليمن والعراق والمغرب والسودان والجزائر – علاقات دبلوماسية مع الصين.
منذ ذلك الحين، أصبحت “مساحة كبيرة من الجزيرة العربية” مصطلحًا احترافيًا تقريبًا في الدبلوماسية الصينية، مما يعني أن هناك علاقة مع العديد من الدول العربية ولها تأثير كبير في السياسة الدولية.
في ذلك الوقت، ركزت سياسة الصين في الشرق الأوسط بالكامل على هيكل القوى الكبرى والمصالح السياسية الدولية الدورية، وكان للصين مصالح اقتصادية قليلة في الشرق الأوسط.
العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والشرق الأوسط كانت محدودة، وكمية صغيرة من تجارة السلع هي في الواقع مساعدات.
منذ الستينيات، حدثت تغييرات واضحة في لعبة القوى العظمى والمصالح السياسية الدولية الدورية، كما تغيرت سياسة الصين في الشرق الأوسط وفقًا لذلك.
لقد لعبت الصين في مساحة دولية كانت تراها الحلقة الأضعف في المساحة الإمبريالية، هي آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وكان الجسم الرئيسي لسياسة الصين في الشرق الأوسط في الستينات هو لدعم حركة التحرير الوطنية والمقاتلين والقوى الأخرى ذات الصلة، لكنها قدمت دعمًا ماديًا محدودًا للغاية.
من أجل خدمة التنمية الاقتصادية المحلية، أصبحت الدبلوماسية الاقتصادية الصينية في الشرق الأوسط نشطة.
وبدأت التبادلات الواسعة النطاق والوثيقة بين الصين والشرق الأوسط في الثمانينيات، وفي ذلك الوقت، أصبح الشرق الأوسط أهم سوق تصدير للصين، وأحد مصادر النقد الأجنبي، وأكبر سوق تصدير لمقاولات المشاريع والعمالة في الصين.
في ذلك الوقت، لم يكن لدى الصين أي استثمار أجنبي مباشر، وكان التعاقد على المشاريع وتصدير العمالة من الأنشطة الاقتصادية الخارجية الرئيسية، وفي الفترة من 1976 إلى 1987، استحوذ الشرق الأوسط على 56٪ من الأنشطة الاقتصادية الخارجية للصين.
يعد الشرق الأوسط أكبر سوق لمبيعات الأسلحة الخارجية للصين، حيث استحوذ على متوسط 86.8٪ في الثمانينيات، بمتوسط سنوي قدره 2 مليار دولار أمريكي، ومنذ ذلك الحين، لم تصل مبيعات الأسلحة الصينية إلى الشرق الأوسط إلى هذا المستوى مطلقًا، لكن مع عودة الحضور الصيني من جديد إلى الشرق الأوسط وتحديداً لمنطقة الجزيرة العربية، فإن التوقعات تشير إلى أن هذا الرقم سينكسر وستغدق الصين على عملائها في المنطقة العربية بصفقات أسلحة مجزية تُغني دول حلف واشنطن والغرب عن الحاجة لإنفاق أموال نفطها وغازها على السلاح الغربي الباهض الثمن وغير المجدي.
في ٢٠١٣ أطلقت الصين مبادرة “الحزام والطريق”، والتي قفزت بالعلاقات التجارية والاقتصادية بين الصين ودول الشرق الأوسط.
يقع اليمن على خطين رئيسيين لمبادرة الح ام والطريق الصينية فاليمن يهيمن على أهم مضائق العالم “باب المندب” وهو حلقة الوصل بين قطبي العالم شرقه وغربه، ويفترض أن ينصب الاهتمام الصيني في هذه المرحلة وبناء على الاستراتيجية الجديدة على اليمن بدرجة أكبر من اهتمامها بأي بلد آخر، غير أن ما يحول بين الصين واهتمامها باليمن هو الوضع الذي يعيشه البلد المقسم بين مكونات وفصائل عسكرية وتشكيلات مسلحة لا سلطة موحدة عليها وجميعها تتبع قطبي التحالف العسكري السعودي الإماراتي وهو ما يعقد من مهمة الصين التي تسعى لشراء ولاء الأطراف اليمنية لمصلحة اليمن والصين معاً، لكن تبعية الأطراف اليمنية للخليج يجعل من هذه المهمة شبه مستحيلة، فالقوى اليمنية التابعة للتحالف وأبرزها المجلس الانتقالي الجنوبي ليست مدركة حجم الفرصة الذهبية التي أمامها لناحية الصين وما ستحققه من مكاسب سياسية واقتصادية لجنوب اليمن ولليمن عموماً إن كانت هذه القوى متحررة من الوصاية الخليجية عليها.
إن بقاء الأطراف اليمنية تابعة للرياض وأبوظبي سيجعل من علاقة الصين باليمن قائمة على انعكاسات علاقة الصين بدول الخليج خصوصاً السعودية والإمارات وستبقى مصلحة هذه الأطراف مرتهنة لرغبات المشغل الخليجي لا بحسب مصلحة هذه الأطراف وبمصلحة اليمن، فهل يدرك الانتقالي وبقية الأطراف التابعة للتحالف هذه الحقيقة المزرية والفرصة التي قد لا تتكرر مرة أخرى، خصوصاً وأن المشغل الخليجي لهذه الأطراف أصبح يرمي بنفسه في الحضن الصيني ويبتعد عن التبعية لأمريكا لأنه يرى أن مصلحته تقتضي ذلك، أم ستظل هذه القوى متوهمة أنها لن تستطيع الخروج من عباءة السعودية وقول كلمة لا بوجهها؟!!.