8 أعوام من الاستغلال والخديعة والسيطرة الخارجية.. الجنوبيون الخاسر الأكبر (تقرير)
الجنوب اليوم | تقرير
يعتبر استغلال الفقراء والمحتاجين من أجل القتال وتحقيق مصالح سياسية أمراً غير أخلاقي ولا يجب أن يحدث، ومن المؤسف أن الآلاف من اليمنيين الفقراء خاصة أبناء المناطق الجنوبية وجدوا أنفسهم مضطرين للقتال مع السعودية التي قادت تحالفاً عسكرياً وتدخلت في اليمن منذ مارس 2015 هؤلاء المقاتلين استخدمتهم السعودية للقتال ضد أبناء بلدهم، وهو ما زاد من معاناة الشعب اليمني وزاد من تدهور الوضع الإنساني في اليمن ككل.
تسريع تفتيت الجنوب
أثبتت الثمان سنوات الماضية من عمر الحرب على اليمن أن السعودية والإمارات تدخلا في اليمن لدعم مليشيات غير نظامية موالية لهما عسكرياً ومالياً جنوب اليمن، ما أدى إلى تسريع تفتيت اليمن وتقسيمه إلى أجزاء متناحرة وزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد، وتقدر الأمم المتحدة أن الحرب في اليمن أدت إلى مقتل أكثر من 233,000 شخص، بما في ذلك الآلاف من المدنيين، كما أدت إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
هذه الممارسات التي نفذها التحالف بقيادة السعودية في اليمن، كانت مثار جدل دولي وأدت لانتقادات شديدة على المستوى الإقليمي والعالمي أيضاً، حيث تعرضت السعودية لانتقادات شديدة بسبب انتهاكها لحقوق الإنسان وتجنيدها للأطفال والمدنيين واستخدامهم كدروع بشرية، وهو ما يمثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وقد أيدت ذلك تقارير وتحقيقات أثبتت تورط السعودية في هذه الجرائم، كما أدانت المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي هذا السلوك المشين.
شمّاعة (المد الفارسي) وخديعة اليمنيين
ورغم الاعتراف الدولي بتورط السعودية بشكل مباشر بارتكاب جرائم حرب في اليمن ورغم اعتبار المجتمع الدولي استخدام اليمنيين كدروع بشرية ووقود حرب لمعاركها في اليمن مستغلة فقرهم وحاجتهم للأموال، إلا أن هناك في اليمن من يبرر للسعودية هذه الانتهاكات كقيادات النخب السياسية وقيادات المليشيات والفصائل المسلحة الممولة من التحالف بشقيه السعودي والإماراتي، كون هذه القيادات تم توظيفها سعودياً وإماراتياً لتضليل الرأي العام اليمني ودفع أبناء اليمن إلى القتال تحت قيادة التحالف بعد خديعتهم بأنهم سيحصلون على رواتب مجزية وإيهامهم بأن قتالهم مع التحالف هو لمواجهة ما تطلق عليه الرياض وأبوظبي (المد الفارسي) والذي تبين أنه كان مجرد شماعة فقط علقت عليها دول التحالف تبريرات حربها وتدخلها العسكري في اليمن.
اليمنيون دروع بشرية للسعوديين
استخدمت السعودية الآلاف من اليمنيين كدروع بشرية وكمقاتلين نيابة عن جيشها في المناطق الحدودية بين اليمن والسعودية وقد سقط الآلاف من اليمنيين قتلى في المعارك العسكرية في الحدود وهم يقاتلون نيابة عن الجيش السعودي، وتشير تقارير حقوق الإنسان إلى أن اليمنيين المجندين الذين استخدمتهم السعودية في حربها باليمن ليس لديهم تدريب كافٍ ولم يتلقوا المعدات والحماية اللازمة، وبالتالي يتعرضون لخطر كبير في المعارك. كما أن اليمنيين المجندين يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على رواتبهم ومن يعترض على سياسة التحالف في التعامل مع المجندين اليمنيين يتم اعتقاله وتعذيبه وفي بعض الحالات يتم تصفيتهم جسدياً وهناك أمثلة عديدة على هذه الجرائم حدثت في الحدود الجنوبية للسعودية كما حدث الشيء ذاته أيضاً في بعض المدن الجنوبية كمدينة عدن التي تحولت فيها السجون إلى معتقلات سرية تديرها الإمارات وتخفي فيها معتقلين كانوا تابعين للتحالف واعترضوا على سياساته الاحتلالية في الجنوب فما كان من التحالف إلا أن قام باعتقالهم وإخفائهم وبعضهم تعرضوا للتصفية.
تجنيد أطفال اليمن ومحارق الموت الحدودية
تجنيد الأطفال كان سمة بارزة في سياسة الحرب التي قادتها السعودية في اليمن، وبحسب تقارير دولية فإن التحالف السعودي وعن طريق سماسرة يمنيين منتمين للأطراف المحلية التابعة للسعودية أو الإمارات، قام بتجنيد الأطفال ممن لم يبلغوا سن الـ17 عاماً للقتال في الجبهات الحدودية بين اليمن والسعودية، وقد استخدم هؤلاء المجندون قليلي أو معدومي الخبرة القتالية كدروع بشرية حيث نشرتهم السعودية في الخطوط القتالية الأمامية ليكونوا هم بمواجهة القوات اليمنية التابعة لأنصار الله “الحوثيين” الذين لم يستطيع الجيش السعودي رغم ترسانته العسكرية أن يوقف تقدمهم نحو المدن السعودية الجنوبية في الأعوام الأولى من الحرب على اليمن، وقد صنفت منظمات دولية قيام السعودية باستخدام القاصرين للقتال بدون خبرة في الحدود السعودية دفاعاً عن جيشها المنتشر بمواقع خلفية بأنه أمر مخالف للقانون الدولي الذي يحظر على الدول والجماعات استخدام الأطفال في الحروب.
بالنسبة للمناطق الجنوبية في اليمن فقد كان نصيبها منخفض من الأطفال المجندين مع التحالف السعودي مقارنة بالمناطق الوسطى مثل تعز وإب وخصوصاً تعز بالتحديد التي كان يحتفظ فيها حزب الإصلاح أبرز الأدوات المحلية اليمنية التابعة للسعودية وأبرز مكون يمني وقف إلى جانب التحالف السعودي في حربه ضد اليمن من أجل إعادة الحزب للسلطة التي خسرها في صنعاء، كان الحزب محتفظاً بحضور شعبي في تعز مستنداً إلى تأثيره الديني والعقائدي في أوساط مجتمع ريف تعز وقدرته على إقناع صغار السن (ما بين 14 – 18 عاماً) على الذهاب للقتال مع التحالف السعودي، داخل تعز، بعد إغرائهم بالحصول على رواتب مجزية بالعملة السعودية، وفي الحقيقة لم يكن يعلم هؤلاء المجندون أنهم سيذهبون إلى محارق الموت في الجبهات الحدودية.
استغلال الفقر وانتقاء المتطرفين في الجنوب وشحنهم عقائدياً ومذهبياً
لكن الجنوب لم يكن بعيداً عن محارق الموت الحدودية، إذ وكما كان صغار السن من أبناء تعز ضحايا ضحايا هذه المحارق، عملت السعودية والإمارات على استغلال العاطلين عن العمل وحالة الفقر في المناطق الجنوبية ودفعت أكثر ما دفعت بأولئك المحسوبين على تيار ديني متشدد ومتطرف كانت السعودية قد زرعته في اليمن على مدى العقود الماضية، وهو التيار السلفي المتشدد المنتمي للوهابية المتطرفة التي كانت في السابق قاعدة ونواة تشكيل التنظيمات الإرهابية في اليمن وأبرزها تنظيم القاعدة الإرهابي، هؤلاء السلفيون المتطرفون من أبناء الجنوب تم تجنيدهم بالآلاف للقتال في الحدود السعودية الجنوبية وتم إعادة جزء منهم إلى الجبهات الجنوبية لليمن حيث يتم شحنهم طائفياً ومذهبياً قبل دفعهم للقتال لضمان بقائهم مقاتلين عقائديين.
وقد أثبتت الحرب التي تشنها السعودية وتحالفها ضد اليمن بأن النظام السعودي تعامل بطريقة دونية مع اليمنيين بما في ذلك اليمنيين المتواجدين في المناطق التي يسيطر عليها التحالف والحكومة الموالية له المعترف بها.
الجنوبيون الخاسر الأكبر
ورغم ذلك لا يزال هناك في جنوب اليمن من يعتقد بأن السعودية والإمارات تدخلتا في اليمن من أجل مصلحة اليمنيين أو من أجل مصلحة أبناء المحافظات الجنوبية، على الرغم من إقرار المجتمع الدولي بأن الحرب التي شنتها دول التحالف بقيادة السعودية والحصار على اليمن كان تصرفاً غير قانوني ومخالف لحقوق الإنسان وصدرت عدة تقارير دولية وإنسانية دانت ما وصفته بـ”العدوان على اليمنيين” وطالبت تلك التقرير وقف التدخل السعودي والإماراتي في اليمن على الفور وإيجاد حل سلمي للصراع في اليمن.
وبعد أكثر من 8 سنوات من الحرب على اليمن لم يعد هناك مجال للشك من أن جنوب اليوم هو اليوم الخاسر الأكبر من تأييده للتحالف السعودي الإماراتي وتدخله العسكري في اليمن، إذ وعلى عكس ما كان يتوقعه المؤيدون للتحالف في جنوب اليمن فإن ما نالهم من هذا التحالف هو انتشار الأمراض والجوع والنزوح القسري للمدنيين وجرائم الحرب والانتهاكات والحصار الذي فرض حتى عليهم وعلى مناطقهم رغم أن التحالف يطلق عليها بأنها “مناطق محررة” ولا يوجد مبرر لبقاء التحالف عسكرياً فيها.