أبرز المؤشرات التي تؤكد توجه التحالف مُجبراً نحو حرب اقتصادية ضد اليمن
الجنوب اليوم | تقرير
قالت مصادر سياسية في حديث خاص لـ”الجنوب اليوم” بشأن آخر التطورات ومستجدات الملف السياسي والتفاوضي في اليمن بأن السعودية التي تقود التحالف العسكري ضد اليمن لا تزال غارقة بشكل كبير في مربع الهيمنة الأمريكية التي تتحكم حالياً بشكل فعّال في مستوى سير أي مفاوضات بين الرياض وصنعاء للحيلولة دون الوصول لأي اتفاق سلام نهائي وشامل.
وأكدت المصادر أن الوفد العماني الذي وصل إلى صنعاء لا يعني أن هناك انفراجه في ملف المفاوضات والبنود التي لا تزال معرقلة وتسببت بوقف هذه المفاوضات، مشيرة إلى أن مجيء الوفد إنما هو تجاوباً مع تحرك المياه الراكدة التي تحركت فجأة بعد تصريحات زعيم أنصار الله “الحوثيين” عبدالملك الحوثي والتي بدا واضحاً فيها بأنه يوجه التحذير الأخير للتحالف بعد مرور 17 شهراً من الهدنة دون أي تقدم وتفاعل من التحالف نحو توسيع الهدنة وتنفيذ خطوات إضافية تمهيدية لعملية السلام الشامل والدائم الأمر الذي أرعب الرياض بشكل كبير، لكن تجاوب الرياض مع تهديدات الحوثي الأخيرة لم يكن بالمستوى الذي تريده صنعاء بل بالمستوى الذي لا تستطيع الرياض تنفيذه نظراً لبقاءها خاضعة للإملاءات الأمريكية، وهذا هو السبب الذي يجعلنا واثقين من أن عودة وفد الوساطة العمانية لن يقدم ولن يؤخر ما لم تقدم الرياض على خطوات عملية تنفذها على أرض الواقع.
وقالت المصادر إن هناك عدة مؤشرات مهمة تؤكد حقيقة عدم وجود نوايا حقيقية للتوجه نحو السلام الشامل وإنهاء الحرب والحصار على اليمن، وإن هذه المؤشرات يتم تطبيقها حالياً على أرض الواقع بينما المفاوضات لا تزال مجرد مناورة تحاول الرياض تناور بها صنعاء لكسب المزيد من الوقت تحت ضغط أمريكي مباشر أجبرها على فرملة توجهها نحو السلام مع صنعاء.
ومن أبرز هذه المؤشرات التي تؤكد عدم وجود نوايا ورغبات من قبل التحالف والجانب الأمريكي الذي يقف خلفه بشكل مباشر للذهاب نحو عملية سلام شامل في اليمن، عودة تفعيل أوراق الحصار الاقتصادي من جديد ضد اليمن، أبرزها وقف برامج المساعدات الغذائية التي كانت الأمم المتحدة تستهدف بها شريحة من اليمنيين في مناطق حكومة صنعاء رغم محدودية ما تقدمه هذه المنظمات وعدم جدوائيتها ووقف بعض المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية لإمدادات المساعدات الطبية التي كانت تصل بشكل محدود إلى صنعاء، حيث وقفت الصحة العالمية مساعداتها الطبية مع بدء سريان الهدنة بين صنعاء والتحالف في 2 أبريل 2022 بذريعة أن مناطق حكومة صنعاء لم تعد بحاجة هذه المساعدات الأممية كون الحصار عليها قد تم رفعه جزئياً بموجب بنود الهدنة على الرغم من أن الهدنة كانت فقط تتعلق بفتح مطار صنعاء لرحلتين أسبوعياً لوجهة واحدة فقط هي الأردن فيما ميناء الحديدة فُتح فقط لاستقبال سفن المشتقات النفطية بمعدل 18 سفينة كل شهرين، بالإضافة إلى ذلك أوقفت الأمم المتحدة تعهداتها بتأهيل موانئ الحديدة التي تضررت بفعل القصف الجوي للطيران الحربي للتحالف السعودي وفي المقابل ذهبت المنظمة الدولية لتوقيع اتفاقية مع الحكومة الموالية للتحالف السعودي لتطوير موانئ المناطق الجنوبية وأبرزها ميناء عدن والذي لم تصل إليه الحرب في اليمن كما هو حاصل مع ميناء الحديدة، إضافة إلى ذلك أيضاً إصرار واشنطن على عدم الخوض في المفاوضات بين صنعاء والرياض فيما يتعلق بملف المرتبات واعتبار واشنطن هذا الملف في أكثر من تصريح لمسؤولي البيت الأبيض بأنها مسألة معقدة لدرجة أن مبعوث واشنطن لليمن تيم ليندركينج قال في حوار قبل أسبوع لصحيفة الاتحاد الإماراتية أن مسألة صرف الرواتب في اليمن تمثل خطورة على مستقبل اليمن، وهو تصريح يشبه إلى حد كبير التهديد الواضح بأن الإصرار على المضي في هذا الملف سيقود واشنطن لاتخاذ خطوات عقابية أشد مما سبق، وحتى اليوم لا تزال واشنطن تصر على بقاء مسألة المرتبات خارج المفاوضات ما يعني تعمد بقاء ملف الحرب الاقتصادية قائماً.
وقال مصدر سياسي يمني مقيم في إحدى دول أوروبا، أن الولايات المتحدة الأمريكية مارست ضغوطاً قوية على السعودية لوقف استجابتها لدعوات صنعاء المنادية بإنهاء الحرب بشكل تام ورفع الحصار كلياً ورفع يدها عن الثروة اليمنية في المناطق التي تسيطر عليها جنوب وشرق البلاد،، مشيراً إن هذا ما جعل الرياض تعود مجدداً لمهادنة صنعاء ومماطلة تنفيذ بنود المباحثات التي جرت سابقاً والتي كانت الرياض قد التزمت بها أمام صنعاء، بالتزامن مع ذلك دفعت واشنطن نحو تنفيذ المزيد من العقوبات الاقتصادية على اليمنيين بشكل مباشر وغير مباشر مع عمل استخباري قائم على خلق حالة سخط شعبي واسع في مناطق سيطرة أنصار الله “الحوثيين” الأمر الذي لا يمكن تفسيره سوى أن هناك نوايا لاستئناف الحرب على اليمن ولكن بعد مدة طويلة من العمل الإعلامي المضاد والحرب الاقتصادية وتشديد الخناق على اليمنيين لإنهاكهم، حينذاك – حسب المصدر – سيكون اليمنيون قد وصلوا إلى حالة الاقتتال الداخلي فيما بينهم تحت ضغط الجوع والحصار وذلك لن يحدث إلا بوجود تحريض مستمر لليمنيين عبر الإعلام والدعاية طوال فترة الحصار الاقتصادي، وإذا لم يصل اليمنيون لحالة الاقتتال الداخلي فإنهم على الأقل سيكونون قد وصلوا لمرحلة الإنهاك ولن يكون حينها بمقدورهم المواجهة العسكرية من جديد وبالتالي حينها فقط يمكن لواشنطن أن تفرض تدخلاً عسكرياً مباشراً تكون فيه واشنطن ضامنة تحقيقها انتصاراً ساحقاً كما فعل مع العراق في 2003 حيث سبق احتلال العراق فرض حصار اقتصادي على الشعب العراقي طوال 13 عاماً ثم حرباً إعلامية ونفسية قبيل أشهر قليلة من شن الغارات على العراق وهي استراتيجية فعّالة أثبتت جدارتها في ذلك الوقت.