الانتقالي و”الدبلوماسية الجديدة”.. 14 أكتوبر 63م كان انقلاباً على الشريك البريطاني
الجنوب اليوم | تقرير
على عكس ما يحدث في بعض البلدان الخاضعة للاحتلال الخارجي، يذهب عملاء المحتل من الداخل إلى إخفاء انتمائهم وتبعيتهم للمحتل وتنفيذ أجنداته، إلا في اليمن، فإن عملاء المحتل الجدد يتباهون بانتمائهم له بل يسمون الدول التي احتلت أجزاءً من اليمن سابقاً بأنها شراكة ولم يكن احتلالاً في صورة تجاهر بالعمالة علناً من دون خجل.
هذا هو حال بعض الأطراف التابعة للتحالف السعودي الإماراتي المنتشرة اليوم في مناطق سيطرة التحالف جنوب وشرق اليمن وغربه، فعلى الرغم من أنه لم يعد هناك مجال للشك من أن الوضع الذي تعيشه المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف جنوب وشرق اليمن محتلة من قبل دولتي التحالف السعودية والإمارات، إلا أن هناك من لا يزال يرى في التحالف بأنه ليس محتلاً وإنما تدخل عسكرياً في اليمن من أجل إنقاذ اليمنيين مما زعموا بأنه “مد فارسي”.
وبعيداً عن جدلية هل التحالف يمارس الاحتلال في اليمن أم لا؟ وهل تدخله العسكري يعتبر مشروعاً أم لا؟ وهل سيطرته على القرار السيادي لليمن في مناطق سيطرته وسيطرته على المنافذ البرية والجوية والبحرية وخطوط الملاحة والمياه اليمنية الإقليمية في تلك المناطق وعلى بعض الجزر الهامة والاستراتيجية بالقوة العسكرية.. هل كل ذلك يعتبر احتلالاً أم لا؟ بعيداً عن كل ذلك، فإنه من المستغرب أن يصل الحال ببعض القوى التي تريد أن تحصل على فتات فتات السلطة والثروة والسيادة من القوى الأجنبية وصل الحال ببعض هذه القوى إلى أن تعتبر الاحتلال والاستعمار البريطاني لجنوب اليمن ولعدن تحديداً على مدى 128 عاماً بأنه شراكة وليس احتلال، كما هو الحال مع المجلس الانتقالي الجنوبي الذي صنعته الإمارات.
ففي منتصف العام 2019، فاجأ رئيس الانتقالي، عيدروس الزبيدي أبناء جنوب اليمن بحرفه لحقائق تاريخية لا يمكن إنكارها أو تجاوزها، غير أن المال وحب الوصول إلى سلطة ولو شكلية يدفع بالبعض من عملاء الجيل الجديد إلى تزوير التاريخ بطريقة مقززة وتحوي من المجاهرة بالعمالة ما لم يأتِ به عميل سابق ضد بلده على مدى التاريخ.
انقلاب 14 أكتوبر على الشريك البريطاني.. مفهوم العملاء الجدد للثورة ضد المستعمر
لم يجد الزبيدي الذي زار متصف 2019 بريطانيا باحثاً عن من يؤازره ويدعمه في بريطانيا لإعلان الانفصال عن اليمن وإنشاء دولة يطلق عليها “دولة الجنوب”، حرجاً في أن يتخذ من مكان تواجده في الدولة التي احتلت جزءاً من بلاده قديماً منطلقاً لقلب حقائق التاريخ، فيما أطلق عليه نشطاء الانتقالي وإعلامه وإعلام الإمارات الممول لهم حينها بـ”الدبلوماسية الجديدة” دبلوماسية الباحثين عن السلطة من غرف فنادق دول أجنبية، دبلوماسية تجعل الانتقالي يعتبر الاستعمار البريطاني لمحافظات جنوب اليمن على مدى 128 عاماً بأنه كان شراكة بين دولتين، محاولاً من ذلك تكريس منظور بمفاهيم جديدة عن الاستعمار وتحويله إلى شراكة بين دولتين، بمعنى أن الانتقالي يعتبر بريطانيا كانت شريكة الجنوب في حكم الجنوب والسيطرة عليه بالقوة العسكرية، مفهوم يحمل من السخرية قدراً كبيراً لكنه ليس أكبر من حجم السخرية التي لاقاها الزبيدي من قبل أبناء الجنوب واليمن عموماً تجاه مصطلحاته الجديدة.
ولعل المفهوم الجديد للاستعمار الذي يحاول تقديمه الانتقالي لأبناء الجنوب بطريقة لطيفة محاولاً إقناعهم بهذه الرؤية تحت مسمى “الدبلوماسية الجديدة”، يحمل معه أيضاً تبعات ستحرف مسميات الأحداث التاريخية المهمة ومنها ثورة 14 أكتوبر عام 1963م، فبموجب رؤية الانتقالي ودبلوماسيته الجديدة التي ترى في استعمار بلاده شراكة، فإن ثورة أكتوبر لا تعتبر ثورة ضد مستعمر أجنبي بل انقلاباً ضد شريك الجنوب في حكم الجنوب، وهذا بموجب مفاهيم وقناعة الانتقالي وقيادته التي تريد الحصول على السلطة الشكلية من المستعمر القديم الذي تحوّل إلى شريك بين ليلة وضحاها.
فيما يلي: صور لطبيعة تعامل (الشريك البريطاني) مع أبناء جنوب اليمن