لماذا أعلنت إسرائيل عن خسائرها هذه المرة؟

الجنوب اليوم | مقالات

كتب/ سامح عسكر

من واقع قراءاتي للعقلية الإسرائيلية في الحروب فهم لا يُعلنون عدد قتلاهم سوى لأسباب سياسية تحقق هدف القادة من ضغط على جهات معينة أو رفع ضغوط في المقابل أو إيجاد مبرر لشن حرب أو هجوم واسع..

توقيت الإعلان عن العملية مهم، ومن خلاله يمكن فهم لماذا أعلن الجيش عن خسائره هذه المرة خلافا للمرات السابقة التي حدثت فيها عمليات كهذه فيكتمون الخسائر أو يعلنون مقتل جندي أو اثنين.

لاحظ الآتي:

أولا: توجد ضغوط أمريكية وفرنسية هائلة على نتنياهو الآن للقبول بحل الدولتين، ونتنياهو لأنه يرفض ذلك حرّض معظم وزراء حكومته الدينية المتطرفة للإدلاء بتصريحات ترفض وجود أي دولة فلسطينية مهما كان شكلها، فمن مصلحة إسرائيل إشعار الطرف الأمريكي بالخطر على إسرائيل ومن ثم إيقاف هذا الضغط أو تأجيل مناقشته لما بعد الحسم ..

ثانيا: نتنياهو يريد من الدول الغربية الضغط على مصر من أجل تهجير سكان #غزة والقبول بأعداد معينة تستقبلهم مصر في سيناء بشكل مؤقت وفقا لزعمه،

ولأن مصر رفضت ذلك وحذرت من إمكانية حدوثه أو الكلام بشأنه خرج العديد من زعماء الغرب يرفضون هذا الحل، فمن مصلحة نتنياهو إشعار الغرب بأن هناك خطرا على إسرائيل في غزة لكي يتسنى لهم دراسة ذلك المقترح.. القاعدة التي يريد نتنياهو إرساءها: أن غزة خطر على إسرائيل، وبالتالي يجب أن تكون هناك حلول غير اعتيادية كي تعيش إسرائيل أو تبقى بعد هذه الحرب، فلو لم يفلح نتنياهو في إقناع أمريكا بهذه القاعدة فعلى الأقل سوف يؤدي ذلك لفقدان أمريكا حماستها في الرفض، والصمت عن ما يقوله وزراء نتنياهو بشكل متكرر عن سيناء..

ثالثا: نفس الشئ بخصوص محور فيلادلفيا، حيث يريد نتنياهو السيطرة عليه ومصر ترفض، فمن مصلحته إشعار أمريكا بالخطر لكي تضغط على مصر أو توافق من ناحيتها على احتلال المحور ثم تترك لحكومة إسرائيل التصرف..

أتوقع من خلال هذا التحليل تخفيف الضغوط على إسرائيل مستقبلا بخصوص القبول بحل الدولتين، مع تصريحات أمريكية عدائية ضد حماس والمقاومة الفلسطينية مع تأكيدات بضرورة عدم إنهاء الحرب ،

أيضا أتوقع خروج تصريحات رسمية مصرية من جهات عليا نافذة ترفض بشكل صريح ومتكرر أي خطط لتهجير سكان غزة أو احتلال محور فيلادلفيا، مما يفسر ضغوط أو فتح مناقشات من جهات غربية مع مصر لدراسة الأمر مثلما اقترح البعض منهم في الإعلام الغربي مؤخرا..

هامش: سيؤثر هذا الإعلان على خطط إسرائيل لشن حرب على #لبنان مستقبلا، حيث معنويات الجنود والقادة في الحضيض وثقتهم بقوة الجيش تتراجع،

لكن كما قلت سابقا فعقلية المتطرف دينيا أزمة ولا ينظر لأبعد مما تحت قدميه، وكلما قرر بشكل منفرد أمر ما يتورط..