السقلدي يكتب .. إلى اليمنيين الذين يعارضون إغلاق باب المندب ويتباكون على اقتصاد اليمن والسعودية
الجنوب اليوم | مقال
كتب / صلاح السقلدي
ما يزال السعوديون واليمنيون يتذكرون باعتزاز مواقف بلديهما المُشرِّفة الى جانب مصر وسورية وفلسطين في حرب أكتوبر ٧٣م. فالسعودية بقيادة الراحل الملك فيصل قطعت إمدادات النفط على دول الغرب وأمريكا الداعمين لاسرائيل. واليمن، (اليمن الجنوبي) حينها بقيادة الرئيس المرحوم سالمين أغلق مضيق باب المندب أمام كل السفن والعسكرية بالذات.
هذه المواقف القومية الاصيلة تجاه الشعب الفلسطيني وبوجه دولة الاحتلال وداعميه الغربيين وبوجه الغطرسة الامريكية في عهد الرئيس السابق نيكسون ستظل حاضرة في وجدان الامة الاسلامية والعربية.
ولكن اليوم وفي غمرة العدوان الصهيوني على غزة والدعم الفج للولايات المتحدة لهذا العدوان من المخجل أن ترتفع أصوات عربية مخزية انهزامية تافهة رخوة في معظم البلدان العربية ومنها أصوات في السعودية واليمن تسوّق لفكرة انهزامية تطبيعية مقرفة تحت زعم أن أي مقاومة هي ضرب من الحماقة والتهور والمزايدة، وساخرة من أي مواقف مناهضة للعدوان الصهيونية وداعمة للشعب الفلسطيني ومستهدفة للمصالح والاقتصاد الصهيوني.
فهذه الأصوات اليوم وبكل خفة وضحالة ترفع عقيرتها على الملاحة البحرية متناسية ذلك الموقف اليمني البطولي الذي لم يأبه لا كذوبة عرقلة التجارة البحرية ولم يحفل بسخافة الاتهامات الغربية الامريكية بـ القرصنة والارهاب البحري. فهل كان الرئيس سالمين عبثي أحمق متهور يتسبب بضرر اقتصاده وموانئ بلده، وهل أنتم يا هؤلاء أكثر وطنية وحكمة منه؟. فذات الأصوات المنبطحة تتباكى على الاقتصاد وكيف ان ما تقوم به الحركة اليمنية( أنصار الله) سيتسبب بضرر للاقتصاد اليمني -الذي لم يعد له وجود أصلا منذ ثماني سنوات- وسيدمر الاقتصاد العالمي ويصيب الاقتصاد السعودي والمصري واليمني في مقتل، متناسية كيف ان السعودية في عهد ملكها الشجاع فيصل لم يكترث بنقص عائدات النفط عن خزانة مملكته ولم يعتبر أن الدم الفلسطيني والمصري والسوري أغلى من النفط السعودي. فهل هذه الأصوات العقيمة احرص من الملك فيصل على اقتصاد المملكة؟. وهل كان موقفه حماقة ومقامرة هو الآخر؟. هزلت.
هذه الأصوات الرخوة حين تحاصرها بهكذا شواهد ومواقف تاريخية عظيمة وبضرورة أن تتخذ الانظمة العربية اليوم ونُخبها ذات المواقف التاريخية التي شاهدنا في مراحل الصراع العربي الصهيوني السابقة تراها لا تكتفِ فقط في تبرير هذا الانبطاح المعيب بل تقلل من تلك المواقف التاريخية وتهزأ بها. بل وترى في المواقف الاستثنائية المشرفة التي نراها اليوم في بعض المواقف الشجاعة -على قلة هذه المواقف- كالتي نراها في البحر الأحمر ومواقف المقاومة لبنان والعراق والحراك الدولي الشعبي المناهض للعدوان ترى فيها مجرد مواقف مزايدة وشطحات ومغامرات مجنونة، بل وترى في ما يجري في البحر الأحمر تحديدا مجرد مسرحية امريكية بريطانية حوثية، في وقت تشتعل فيه النيران في السفن الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية والسفن المتجه من وإلى ميناء إيلات وتغرق الى قعر البحر الاحمر وخليج عدن!. ومع ذلك فما يجري مجرد مسرحية، بحسب تفسيراتهم المدهشة. هزلت مرة أخرى.
هذا التقليل من اهمية الهجمات بالبحر الأحمر على السفن التي تحمي المصالح الإسرائيلية مردّهُ الشعور بالإحراج وبحالة من الخزي والخيانة والخذلان التي تعتريها من مواقف القوى الرافضة الانضواء تحت مظلة الإذلال الأمريكي او السقوط في وحل مشروعه التطبيعي الخبيث المسمى بالمشروع الابراهيمي سيء الصيت والسمعة.