ما وراء عودة الزبيدي إلى عدن.. معاناة الجنوب أم مصلحة الإمارات؟
الجنوب اليوم – خاص
في إطار صراع النفوذ الإماراتي السعودي وتمدد السعودية عبر ذراعها العسكري الجديد، ما يسمى بقوات “درع الوطن” السلفية، في عدة محافظات جنوبية، دفعت أبوظبي برئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، للعودة إلى مدينة عدن، وذلك بعد غياب دام ثمانية أشهر قضاها في مقر إقامته في الإمارات نفسها. جاءت عودة الزبيدي متزامنة مع حديث عن ترتيبات يقوم بها رئيس المجلس الرئاسي، رشاد العليمي، للانتقال للإقامة الدائمة في ألمانيا، خاصة وأن العليمي يملك عدة شركات تجارية تُدار من قبل عدد من أبنائه وآخرين. لكن خطوة الزبيدي التي جاءت من أجل مصلحة الإمارات وأجنداتها، وخطوة العليمي وترتيباته للهجرة إلى ألمانيا، تعكسان أيضًا مدى اتساع الخلافات في أوساط المجلس الرئاسي الموالي للسعودية والإمارات من جانب، ومدى القلق الإماراتي من اتساع نشر الرياض لقوات “درع الوطن” في محافظات حضرموت والمهرة وتشكيل نفس الفصائل في محافظة أبين، وسط تراجع نفوذ قوات الانتقالي النابعة للإمارات في محافظات لحج وأبين وشبوة وحضرموت. يضاف إلى ذلك تصاعد المخاطر على النفوذ الإماراتي في مدينة عدن عبر الانتقالي الذي يعتبر مدينة عدن معقله الرئيسي.
وكان لتدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والأمنية في مدينة عدن دور في تآكل شعبية الانتقالي وتراجع مؤيديه، بعد عزوف القيادات العليا عن الجنوب ووضع معاناة أبناء الجنوب في سلة المهملات، والتهرب من المسؤولية التاريخية للانتقالي باعتباره شريكًا أساسيًا لحكومة أحمد بن مبارك.
اليوم، وفي أعقاب عودة الزبيدي على متن طائرة إماراتية إلى مطار عدن، عُقد اجتماع لوزراء الانتقالي المشاركين في الحكومة، وكذلك الهيئة التنفيذية للمجلس الانتقالي والجمعية الوطنية للانتقالي. وكان حديث الإعلام عن أن اللقاء ناقش خدمات الكهرباء والمعالجات التي ينبغي القيام بها قبل حلول شهر رمضان، إلا أن هذا الملف لم يكن الأهم ولا يعكس اللقاء توجهًا لدى الانتقالي بتعليق مشاركته في حكومة بن مبارك والتوجه نحو التصعيد ضدها. بل كانت قضية تدهور الخدمات العامة واحدة من الملفات فقط التي يتخذها الانتقالي بين فترة وأخرى كورقة ضغط على شركائه في السلطة، والتي من خلالها يشعر الانتقالي المواطن الجنوبي بأنه مهتم بمعاناته.
إلا أن الانتقالي غير مستعد للتخلي عن مكاسبه السياسية من أجل أبناء الجنوب، وغير مستعد لمواجهة الفساد والفاسدين، فالبراغماتية غلبت السلوك الثوري، والمصالح الخاصة صارت الأولى على كل مصلحة عامة.
كل المؤشرات تقول إن الرئيس عيدروس الزبيدي عاد إلى مدينة عدن بعد ثمانية أشهر من البقاء في الخارج ليس من أجل تخفيف معاناة سكان مدينة عدن، ولا من أجل إيجاد معالجات لانهيار العملة، بل ليحافظ على مصالح الحليف الإماراتي الذي له أجندات ومشاريع في الجنوب تمتد من عدن وحتى سقطرى وعبد الكوري، ولم يعد من أجل الوقوف مع المواطن الجنوبي المغلوب على أمره، والذي دفع ثمن تأييده للزبيدي وثقته بالانتقالي ودول التحالف.